المطربة الفلسطينية ريم بنا: الموسيقى والحفاظ على الهوية
٢٦ فبراير ٢٠٠٦
تتمتّع ريم بنّا بكل ما تحتاجه مطربة عربية لامعة، من صوت وشخصية قوية وجمال. لكنّ سلوك المغنّيات اللامعات غريب على فنانتنا الفلسطينية الملتزمة. تبدو ريم بنّا عندما تظهر على الخشبة في فترات متباعدة، غير متكلّفة على الإطلاق؛ فهي غير متكبّرة، ومتواضعة ومحترفة موسيقيًا، إذ يُلاحظ عليها أنّها لا تهتم بإظهار نفسها، إنما بالموسيقى وبالقضية - القضية الفلسطينية. في البدء اشتهرت ريم بنّا في بداية التسعينيات لدى الفلسطينيين في إسرائيل، وذلك عندما قامت بتسجيل العديد من أغاني الأطفال الفلسطينية التي كانت مهدّدة بالنسيان. بفضل ريم بنّا صار الكثير من الأغاني والأشعار يُغنّى به من جديد من قبل العائلات الفلسطينية.
قصائد حديثة وأغان من التراث
تشتمل مجموعة ريم بنّا الحالية على قصائد من الشعر الفلسطيني الحديث وأغانٍ من التراث الفلسطيني؛ تقوم بالاشتراك مع زوجها الفنان الأوكراني عازف القيثار ليونيد أَلكيينكو بتلحينها. يضم ألبومها الجديد أغانيٍ مثل »مرايا الروح« و»كرمل الروح« و»سارة« لوالدتها الشاعرة زهيرة صباغ و»يا جمّال« من شعر الشاعر توفيق زياد وأغنية »مشعل« التراثية. تعتبر الموسيقى بالنسبة لها كفلسطينية - على حدّ وصفها - وسيلة ضرورية من أجل المحافظة على الهوية الثقافية. تقول ريما بنّا فيما يُسمع في الخلفية صوت الضجيج الصادر عن أطفالها الثلاثة:
»ينحصر جزء من عملنا في جمع نصوص فلسطينية متواترة، من تلك التي لا يوجد لها لحن. ولكي لا تُمحى هذه النصوص من الذاكرة، نحاول تأليف ألحان لها تكون حديثة ومُستوحاة من الموسيقى التراثية الفلسطينية«.تعرّفت ريم وزوجها الموسيقي على بعضهما البعض عندما كانت ريم بنّا تدرس الغناء في موسكو. وهي تعيش حاليًا مع زوجها في الناصرة. لا تحظى ريم بنّا بمعجبيها الفلسيطنيين في إسرائيل والمناطق المحتلة لأنها تحافظ على بعض أغاني الأطفال والأغاني الشعبية الفلسطينية وتحميها من النسيان فحسب، بل لأنّها مختلفة تمامًا عن المطربات التقليديات العربيات.
تقول الفنانة ريم بنّا: »إنّ تقنيات الغناء الشرقية مزخرفة في الغالب، والجمهور لدينا يحب النبرات القوية الحادة. لكنّ صوتي هو أقرب ما يكون إلى المسطّح والواسع. فأنا أحاول أنْ أغنّي أغانيٍ تتناسب مع صوتي. أريد من كلّ النواحي فعل شيء جديد. ويتبع ذلك أيضًا، أنّني أقرب الناس في الأماكن الأخرى من موسيقى وروح الفلسطينيين«.
رسالة للمحبة
تعتبر ريم بنّا نجمة في إسرائيل وفلسطين منذ ما ينيف عن عشرة أعوام. أمّا أنها ستحصل الآن على الشهرة في أوروبا، فذلك بفضل المطربة النرويجية كاري بريمنيس، التي لاحظت زميلتها الفلسطينية أثناء زيارتها إلى إسرائيل، ودعتها بصورة مفاجئة إلى أوسلو. وتجسّدت نتيجة هذا التعارف في الألبوم الذي سُجّل في العام 2003 بعنوان »تهاليل من محور الشرّ« - وهو بمثاب رسالة موسيقية معارضة للحرب وجّهتها مطربات من فلسطين والعراق وإيران والنرويج إلى الرئيس الأميركي بوش. تتحدّث معظم أغاني ريم بنّا عن معاناة الفلسطينيين - بشكل ملحّ وعاطفي وأحيانًا بصورة قاسية تبلغ حدّ الابتذال. وريم بنّا لا تسخر في أغانيها من المجتمع الفلسطيني أو تنتقده. فهي تريد - على حدّ قولها - معالجة الحياة اليومية للفلسطينيين معالجة موسيقية، وهذه الحياة مطبوعة في الضفة الغربية بطابع العنف والقمع. تتذكّر ريم بنّا فتقول غاضبة: »لقد شاهدت بأمّ عيني، كيف أثار بعض الجنود الغبار على أحد الحواجز وعن قصد، لكي يزعجوا ويهينوا النساء اللواتي كنّ مع أطفالهنّ. فقد كان ثمة جنود يديرون إطارات سيارة الجيب وهي في مكانها ليتطاير الغبار جرّاء ذلك في وجوه النساء والأطفال. أما الجنود الآخرون فكانوا يضحكون. ثمة ناس لا يمتلكون أيّة سلطة وآخرون لديهم كل سلطة ويفعلون بها ما يحلو لهم«. لا تريد ريم بنّا أنْ تجعل الهوية الفلسطينية تُفهم على أنّها رسالة سياسية فحسب، بل كذلك كرسالة للمحبة - مثلما تعبّر عن ذلك في هذه الأغنية في ألبومها الجديد »مرايا روحي«: »سوف أُرحب بك / في وطني / أيها الله، دع المطر يهطل لليلة واحدة / دع الماء يتدفقِ في مجرى النهر / ولتكن ذراعاي الجسر الذي يقود البنت الجميلة الي«.
بقلم مارتينا صبرا
ترجمة رائد الباش
حقوق الطبع قنطرة 2006