المرأة الأفغانية والانتخابات ـ شجاعة نادرة وتحديات كبيرة
١٧ سبتمبر ٢٠١٠للمرة الثانية منذ سقوط نظام طالبان في أفغانستان عام 2001 تنظم انتخابات تشريعية. ودعي نحو 12 مليون ونصف المليون من الأفغان، الذين يحق لهم التصويت، للاقتراع واختيار نوابهم في البرلمان الأفغاني. 2556 مرشحا يتنافسون على 249 مقعدا. ومن ضمن المرشحين هناك أكثر من أربعمائة مرشحة تطمح للحصول على مقعد من إجمالي المقاعد الثمانية والستين المخصصة للنساء داخل "ولوسي جرغا"، أي البرلمان الأفغاني. ناهد أحمدي فريد واحدة من هؤلاء المرشحات، وتقول في هذا السياق "لقد كنا سجينات داخل الجدران لمدة ثلاثين عاما، طوال هذه الفترة، التي عانينا خلالها الأمرين لم يصغ أحد إلينا"، هكذا تصف الأفغانية، التي درست العلوم السياسية في الولايات المتحدة، وضع النساء في بلادها خلال الثلاثة عقود السابقة. وتضيف: "نحن لا نريد العيش في مثل هذه الظروف، ولهذا السبب أقف وأتحدث عن مشاكلنا". أملها الحصول على مقعد نيابي لتمثيل محافظة هيرات في كابول.
تهديدات للمرشحات
غير أن الوضع الأمني المتدهور في البلاد يجعل من تنظيم الحملات الانتخابية عملية محفوفة بالمخاطر عموما وبالنسبة للمرأة على وجهة الخصوص. فقد لقي أربعة من المرشحين مصرعهم. ويقول مراقبو الانتخابات إن النساء هن الهدف الرئيسي في حملة التخويف المتصلة بالانتخابات. وتقول منظمة انتخابات حرة ونزيهة في أفغانستان إن من بين عشر تهديدات لمرشحين بعينهم هناك تسعة تستهدف النساء.
يذكر أن حركة طالبان خطفت الجمعة (17 سبتمبر/آيلول) 19 شخصا منخرطين في عملية تنظيم الانتخابات التشريعية. وكانت عناصر من طالبان قد هددت بشن هجمات خلال الانتخابات تستهدف بشكل خاص قوات الأمن والموظفين العاملين في تنظيم الانتخابات. ولكن النساء على وجه أخص يواجهن تهديدات وحملات ترهيب متواصلة لمنعهن أيضا من ترشيح أنفسهن، لأنه ـ وفقا لرؤية طالبان ـ لا يحق لهن ممارسة العمل السياسي والعمل العام والخروج للعمل والاختلاط بالرجال.
حقوق نظرية...وشجاعة نادرة
عقب سقوط حركة طالبان وقيام نظام يعتمد الانتخابات منحت المرأة حقوقا سياسية ن ضمنها حق الترشيح والترشح. غير أن هذه الحقوق بقيت مجرد حبرا على ورق في بلد تحكمه التقاليد والأعراف وتنهشه الحروب والصراعات.
فحسب دستور البلاد يجب أن يكون 25 بالمائة من النواب في البرلمان من النساء، وهي نسبة تفوق النسب التي خصصتها برلمانات بعض الدول الغربية، ولكن غالبية النائبات الأفغانيات لم تنجح حتى الآن في تحقيق أي شيء يذكر لصالح النساء في أفغانستان، وذلك وفق ما جاءت به دراسة تابعة للأمم المتحدة. ومع ذلك فمجرد خروج المرأة وخوضها للعمل السياسي رغم التهديدات والمخاطر ـ يعد في حد ذاته اكبر تحد وشجاعة نادرة في رأي سميرة حميدي، من شبكة النساء الأفغانيات. وتضيف الناشطة الأفغانية بالقول: "رغم كل المصاعب فإن هؤلاء النساء لهن عزيمة قوية وحقيقية للكفاح من أجل أهدافهن السياسية". وتضيف: "كما أنهن يتمتعن بالحنكة ويدركن المشاكل والمصاعب التي تواجه المرأة الأفغانية".
"الرجل والتقاليد - أكبر تحديات المرأة الأفغانية"
من جهتها، تقول الصحفية الأفغانية الزميلة رهيلة أميري في حوار مع دويتشه فيله إنه "تطور إيجابي أن النساء الأفغانيات يرشحن أنفسهن للانتخابات البرلمانية رغم المصاعب والتهديدات بالقتل من قبل طالبان". ولكنها ترى أن وجود النساء في البرلمان الأفغاني لا يعني بالضرورة مشاركتهن الفعلية في الحياة السياسية، لافتة إلى أن النسبة المخصصة للمرأة والمنصوص عليها في الدستور الأفغاني ليست سوى مجرد "لمسة تجميلية" لا غير.
وتؤكد أميري، الصحفية في القسم الأفغاني في مؤسسة دويتشه فيله، على أن أمام النساء في بلادها "طريق طويل" لتحقيق مكاسب لصالحهن، مشيرة إلى أنه ما يزال أمامهن تحديات كبيرة. وتقول رهيلة أميري إن "أكبر التحديات التي تواجه المرأة الأفغانية هي الرجل والتقاليد"، التي تكبل حريتها وتعيق الحصول على حقوقها. وترى في عملية اقدام أفغانيات على ترشيح أنفسهن للانتخابات البرلمانية، يعكس إدراك ووعي المرأة الأفغانية بحقوقها السياسية وبأهمية ممارستها. وتأمل أميري في أن تتمكن النساء في بلادها من تحقيق بعض الإنجازات، وحتى وإن كثرت الشكوك حول نزاهة الانتخابات البرلمانية في أفغانستان.
يان فيليب شولتس / شمس العياري
مراجعة: عبده جميل المخلافي