المخطوطات محور مشروع ألماني لدراسة النص القرآني وتوثيقه
١١ أكتوبر ٢٠٠٧في محاضرتها " اتجاهات جديدة في القرآن الكريم تحدثت الباحثة المستشرقة إنجيليكا نويفرت، البروفسورة في معهد الأدب العربي في جامعة برلين الحرة عن مشروع ألماني يعرف باسم "النص القرآني". الباحثة ألقت في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول 2007 محاضرة حول هذا المشروع في مجمع الشيخ أحمد كفتارو في دمشق بالتعاون مع المركز الثقافي الألماني هناك. وجاءت محاضرتها في إطار حملة ترويجية للمشروع في عدة دول عربية وإسلامية.
تنبع أهمية الموضوع بشكل خاص حسب نويفرت كونه يأتي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول التي أدت إلى تغير مهم جداً للمشهد الإعلامي في الغرب. "وبغض النظر عن التشويه الذي لحق بصورة الإسلام في الغرب والكلام للمستشرقة فإن ظواهر إيجابية رافقت ذلك، فعلى سبيل المثال أزداد اهتمام الجامعات والمعاهد الغربية بالقضايا الإسلامية والمواضيع الإسلامية مثل موضوع تفسير القرآن".
دور متميز للمخطوطات
تأسس مشروع "النص القرآني" بداية هذه السنة بمبادرة من مجموعة باحثين متخصصين في العلوم والدراسات الإسلامية واللغات السامية في أكاديمية برلين- براندنبورغ للعلوم. ويشكل المشروع جزءاً من أبحاث الأكاديمية العلمية في برلين ويقسم إلى جزأين: الجزء الأول ويشمل توثيق الروايات الكتابية والشفهية للقرآن الكريم عبر القرون، وهذا يتطلب العودة إلى أقدم المخطوطات القرآنية من جهة وإلى التراث الإسلامي في علم القراءات من جهة أخرى. وعليه فإن المشروع يؤسس لقاعدة صلبة من المعلومات تعين على مقاربة شاملة للنص القرآني. وعن دور المخطوطات التاريخية في المشروع ذكرت نويفرت: "المشروع يعتمد عليها بشكل جوهري كونها تعرض أنماطا متعددة للخط العربي وكتابة الأحرف. وهو الأمر الذي أدى إلى نشوء تقاليد وأنماط متنوعة للقراءة انعكست بدورها على تفسير النص القرآني" . ومن هنا تأتي أهمية الاعتماد على مخطوطات لتقديم مجموعة شاملة لكل الشواهد النصية الموجودة.
دراسة القرآن في بيئته المتنوعة
أما الجزء الثاني فيشمل التفسيرات والتعليقات الخاصة بالنص القرآني في إطار بيئته التي نشأ فيها. ومن سمات هذه البيئة حسب نويفرت التنوع الديني والثقافي الذي سبق ظهور الإسلام. "نحن نؤسس لقراءة القرآن ضمن التنوع العقائدي والقصص اللاهوتية التي كانت شائعة قبل ظهور القرآن وكيف يجد ذلك انعكاسه في نصوصه"، تقول نويفرت وتضيف: "لا نقصد من وراء ذلك إنكار أصالة القرآن بل إبراز الخطاب المشترك لمنطقة الشرق الأوسط من خلاله ومن خلال التنوع الذي أحاط به".
ويتضمن المشروع أيضاً إنشاء قاعدة بيانات معلوماتية تضمُّ من جهة مختلف النصوص المتعلقة بالقرآن الكريم من اللغات المختلفة التي استخدمت في البيئة ومن جهة أخرى شروحات تعريفية على نص القرآن نفسه، فمثلا هناك نصوص قصيرة موجودة في بعض الأديان الأخرى، فالقرآن الكريم ناقش تلك العقائد وحصل على عقيدة جديدة مختلفة عنها كما تقول نويفرت.
القرآن يختلف عن المصحف من وجهة النظر الغربية
وميزت الباحثة الألمانية بين المصحف والقرآن، فخطاب المصحف هو إسلامي محض يتوجَّه إلى المؤمن المسلم، بينما القرآن يعني تبليغ رسالة وإقامة حوار ليس مع الخالق وإنما بين أناس عديدين ومختلفين بعضهم ممن آمنوا وبعضهم وثنيون أو يهود. والرسالة إن أرادت أن تكون مفهومة يجب أن تأتي بأجوبة لأسئلتهم الأساسية والجوهرية "وكلام القرآن إلهي جاء بجواب جديد على أسئلة كانت مهمة في وقته " على حد تعبير نويفرت.
عفراء محمد - كاتبة سورية