"المخدرات الاصطناعية" خطر خفي وعجز قضائي في ألمانيا
٢٥ يوليو ٢٠١١تعرض العديد من المواقع على شبكة الإنترنت وصفات ومنتجات على شكل أعشاب أو بخور،وتشير هذه المواقع إلى خطورة استعمال هذه التحضيرات للتخدير، حيث يكتبون مثلا: "هذا المزيج يستعمل فقط كبخور ونحن لا نتحمل مسئولية سوء استعمال هذا المزيج". ولكن في الواقع، فإن كلا من البائعين والمستهلكين يعرفون أن هذه الأدوية والأعشاب، يمكن تناولها كمخدرات أيضا. الأمر نفسه ينطبق كذلك على بعض الأسمدة النباتية التي تبيعها بعض مواقع الإنترنت.
مخدرات من نوع جديد
"Legal Highs" أو المخدرات القانونية، لا يغطيها قانون المخدرات الألماني، وبالتالي يمكن شراؤها بشكل قانوني تماما عبر الإنترنت. وهذا ما يجعل الكثير من المستهلكين يظنون أن ما يمكن شراؤه قانونيا لا يمكن أن يكون خطيرا جدا. وهذه هي المغالطة الكبرى، التي يشاطرها العديد من الشباب،كما أنهم لا يعرفون أيضا أن سبب التخدير ليس التحضيرات بحد ذاتها بل بعض المواد المضافة للمزيج، التي لها تأثير مثل الأعشاب المخدرة كالحشيش أو القنب الهندي.
كما أن هناك مستهلكون آخرون يتناولون بعض الأدوية أو المواد الكيماوية المسكرة، والتي تستعمل في مجال الصيدلة و الطب،دون تقييم خطورة الأعراض الجانبية الممكنة. وهناك مجموعة ثالثة هي "الامفيتامينات" وهي عبارة عن منشطات للمخ والأعصاب تستخدم أيضا في صنع حبوب الهلوسة والمخدرات.
سوق متجددة بأخطار متعددة
المخدرات الاصطناعية الجديدة لها غالبا مفعول خطير، كما يؤكد فيلكس تريتر، طبيب متخصص في قسم علاج الإدمان في مصحة " إزار أمبير" بميونخ: "خبرة المستهلكين عن مدى مفعول و أعراض هذه المخدرات قليلة، وبهذا فإن الخطر أكبر أن يتناول المستهلك جرعة زائدة، مما يمكن أن يتسبب في أمراض عقلية أو التسمم، والشيء نفسه ينطبق على المواد الأفيونية المستهلكة ،التي قد تؤدي إلى الموت في بعض الأحيان، لأن نشاط الجهاز التنفسي يتأثر سلبيا،كما أن هناك خطر على القلب والأوعية الدموية ".
أما المشكلة الأخرى فهي أنه غالبا أن المستشفيات تستطيع فقط الكشف عن العقاقير التقليدية. والمخدرات المعتادة ،أما المخدرات الاصطناعية فهي متنوعة وتركيبتها تتغير باستمرار، مما يصعب على الطبيب المعالج، والشرطة ، والسلطة التشريعية أيضا مواكبة هذه التطورات السريعة في سوق الدواء والعقاقير، والمخدرات الاصطناعية. وبهذا فإن المشرع يجد صعوبة كبيرة في منع هذه المخدرات قانونيا، حيث أن المسطرة القانونية غالبا ما تكون طويلة ومعقدة، مما يفسح المجال للمصنعين لابتكار عقاقير وأعشاب أخرى، غالبا ما تكون جاهزة لدخول الأسواق، في حال منع التحضيرات الأخرى.
فيليكس تريتر من عيادة في ميونيخ ،يرى:" أن التركيز على التدابير التشريعية والمتابعة القضائية غير كاف على أي حال لحل هذه المشكلة، فهناك حاجة أكثر إلى التركيز على تدابير الوقاية، للوصول إلى الشباب المعرضين للخطر قبل فوات الأوان".
الحد من الظاهرة
الأكاديمية البافارية لقضايا الإدمان والصحة التي ينتمي إليها تريتر، تسعى إلى دعم التعاون بين فاعلين من جميع المجالات المرتبطة بمحاربة الإدمان، من علماء الصحة وعلماء الإجرام والجمعيات المختصة، من أجل القضاء أو على الأقل الحد من هذه الظاهرة الخطيرة.كما يجب أيضا أن يكون تعاون عالمي في هذا الإطار،لأن المستهلكين يتواصلون عبر الإنترنت أيضا بلا حدود، خاصة مع ظهور الشبكات الاجتماعية مثل " الفيسبوك"، الذي يساعد على الانتشار السريع للمعلومة.
سكوت القانون عن مخدرات أكثر خطورة
أما الأخصائي في المواد السامة، راينر شميت من جامعة فيينا فيرى أنه لا يمكن إدانة جميع المواد، فلابد من التفريق قبل إصدار الأحكام، حيث يقول: "رغم أن هناك مواد خطيرة جدا، ولكن الغالبية ليست سامة ، الحمد لله، لقد أظهرت فقط عدد قليل جدا من المواد آثار أو أعراض جانبية، التي تدعو للقلق".
كما أن هناك آليات للتنظيم الذاتي في المشهد، عبر منتديات الإنترنيت، التي يمكن للشباب من خلالها تبادل الآراء و المعلومات حول تجربتهم مع هذه المخدرات ومدى خطورتها. فإذا اشتكى كثير من المستهلكين من آثار جانبية خطيرة، فإن السلطات والمنتجون سيسرعون لوقف انتشار هذه المخدرات.
علاوة على ذلك فإن راينر شميت يرى أنه لا يجب ربط مشكلة المخدرات الاصطناعية بفئة الشباب فقط ،فهناك مسكرات ومخدرات أخرى متداولة بين جميع الفئات العمرية والاجتماعية مثل السجائر أو الكحوليات، التي أثبتت الدراسات والإحصاءات أنها أكثر خطورة.
راشيل غيسات/أمين بنضريف
مراجعة:هبة الله إسماعيل