Erschreckender Film über Rechtsextremismus
٢٤ يناير ٢٠١٢استطاع ديفيد فنيندت المخرج الشاب من خلال فيلم "المحاربة" أن يطرح فيلما سينمائيا يتجاوب مع الجدل القائم حاليا حول تزايد أحداث العنف ضد الأجانب بممارسة أنصار اليمين المتطرف في ألمانيا، حيث كثرت الاعتداءات ضد الأجانب بشكل ملفت للنظر، لاسيما في الشطر الشرقي للبلاد.
وهذا هو الموضوع الأساسي لفيلم" المحاربة " الذي يروي قصة من واقع اليمين المتطرف في شرق ألمانيا. وبعد أحداث "خلية تسفيكاو"، وهي تنظيم يميني مسلح يستهدف الأجانب، تبث أنه مسئول عن جرائم قتل على مدى أكثر من عشر سنوات، ضحاياه من الأتراك القاطنين في ألمانيا ، أصبح لفيلم "المحاربة " قيمة أكبر. خاصة وأن قصة الفيلم تجسد أحداثا ووقائع تشبه إلى حد ما أحداث "خلية تسفيكاو" العنصرية. فلو كان الفيلم قد خرج قبل بضعة أشهر للأسواق، لكان له وقع آخر، فالكثير من أحداث الفيلم كانت إلى حد قريب تعتبر مجرد صور نمطية أو تضخيما للظاهرة. ولكن بعد كشف الأحداث العنصرية المنهجية ضد الأجانب أصبح للفيلم طابع واقعي وليس خياليا فقط. وهو الشيء الذي يجعل من فنيندت مخرجا برؤية بعيدة. وبعد العرض الأول للفيلم في الحفل السينمائي بمدينة ميونيخ في الصيف الماضي، وكذلك في العديد من المهرجانات الوطنية والدولية، استطاع الفيلم حصد العديد من الجوائز. وبدأ عرض الفيلم لأول مرة في القاعات السينمائية في 19 من يناير/كانون الثاني.
رموز نازية واعتداءات عنصرية
"ماريسا" بطلة فيلم " المحاربة" هي شابة في مقتبل العمر. ترعرعت في أحد أحياء ألمانيا الشرقية وسط مجموعة من أنصار اليمين المتطرف. ماريسا وشمت على جسدها رموزا مناصرة للنازية، لأنها متشبعة بالأفكار اليمينية المتطرفة وحاقدة على الأجانب بشكل كبير. وهي تعيش في محيط من الشباب الذكورالمتعاطفين مع التوجهات النازية أيضا. ولكن بعد نزاع بينها وبين شابين أفغانيين من طالبي اللجوء في ألمانيا فقدت ماريسا سيطرتها على نفسها، وصدمت الشابين عن قصد بسيارتها فأصابتهما ببعض الجروح. ولكن هذا الحادث شكل نقطة التغيير التي قلبت حياتها رأسا على عقب، إذ أخذت الأحداث بعد ذلك الحادث مسارا آخر. فسرعان ما بدأت ماريسا تتقرب من أحد الشابين الأفغانيين لتساعده في النهاية على الهروب إلى السويد.
وفي حقيقة الأمر ذهب المخرج ديفيد فنيندت إلى شرق ألمانيا من أجل التقاط سلسلة صور لبعض بقايا الحطام الصناعي، ولكنه سرعان ما بدأ التعرف أكثر فأكثر على بعض الشباب من أنصار اليمين المتطرف، وعندها بدأ اهتمامه يزيد بهذا الموضوع حيث يقول:" في بعض القرى الشرقية يسود الانطباع على أن" اليمين المتطرف" ظاهرة منتشرة بشكل كبير، وهذا ما جعلني أشعر بالخوف، وفي نفس الوقت أثار اهتمامي بشكل كبير."
وبعدها بدأ فنيندت البحث بشكل جدي في الموضوع، وعمل بعدها على توطيد علاقته مع بعض شباب اليمين المتطرف، وخاصة النساء، ويقول :" السنوات الأخيرة شهدت تزايدا ملحوظا في عدد الشابات المنتميات للمتطرفين، وهن لم يعدن فقط مناصرات للنازية، بل أصبح لهن أيضا أدوار فعالة و مهمة داخل التنظيمات اليمينية على مستويات متعددة."
أحداث من صميم الواقع
يتميز فيلم "المحاربة" بوصفه الدقيق للحياة اليومية التي يعيشها شباب اليمين المتطرف، سواء في مقابلاتهم اليومية أو الحفلات الليلية الصاخبة، حيث ينشدون، وهم في حالة سكر، أغانيهم النازية أو يشاهدون أفلاما قديمة للدعاية الزائفة التي كان النازيون في عهد هيتلر يوظفونها لأغراضهم السياسية العنصرية.
الفيلم يصور أيضا أحداث السطو والاعتداء التي يشنها النازيون على بعض الأجانب، وكذلك بعض المضايقات اليومية الأخرى التي يعيشها المهاجرون في شرق ألمانيا. أحداث الفيلم تعطي أيضا نبذة عن الحياة الشخصية لهؤلاء الشباب وسط مجتمعهم، وبالخصوص علاقتهم بأهلهم وآبائهم. ومن الواضح أن الآباء عاجزون أمام تهور أبنائهم، ويواجهون صعوبة كبيرة في التعامل مع أبنائهم. تسليط الضوء على الحياة الشخصية لأبطال الفيلم يجعل الأحداث أكثر واقعية ويعطيها مصداقية أكبر. ولكن نقطة التحول الكبرى في الفيلم تبعده شيئا ما عن الواقعية. فمن الصعب تصور أن الشاب الأفغاني الذي صدمته ماريسا عمدا بسيارتها يحاول التقرب منها ويطلب مساعدتها. وهذا اللغز يستمر حتى النهاية، مما يضيف للفيلم المزيد من الإثارة والتشويق. وكذلك رجوع ماريسا إلى طريق الصواب يجعل المشاهد يغوص في عالم اليمين المتطرف و يدفعه إلى التفكير في كيفية الخروج منه.
ورغم الاعتراضات والاحتجاجات التي قوبل بها فيلم "المحاربة" بفعل بعض المشاهد الصادمة، إلا أنه يشد المشاهد بشكل كبير، ويجعله أكثر وعيا بهذه الظاهرة الخطيرة. وهذا كان هو أحد أهداف مخرج الفيلم فنيندت. فهدف الفيلم حسب رأيه هو تنوير الرأي العام من خلال أحداث شبه واقعية، ولكن دون الاعتماد على الصور النمطية السائدة أو تكريسها. فالفيلم يحاول فقط شرح الظاهرة أو بالأحرى كشف سبب ولوج بعض الشباب عالم اليمين المتطرف، وذلك من خلال نموذج بعض مناطق ألمانيا الشرقية، حيث العداء إلى الأجانب في تزايد مهول. الفيلم يحاول أيضا الإجابة على بعض الأسئلة العالقة والصعبة: لماذا يترك هؤلاء الشباب بيوتهم؟ لماذا ينقشون وشم الرموز النازية على أجسادهم ويرددون أغاني عنصرية؟ ما الذي يدفعهم إلى الانحراف ؟ ولماذا تنتشر العنصرية بالضبط في شرق ألمانيا؟
مستقبل غامض وآفاق مسدودة
أجوبة المخرج فنيندت على هذه الأسئلة ليست بالجديدة، ولكنها أكثر صراحة، وتصب في لب الموضوع. فالآفاق المسدودة والمستقبل المتشائم هو الذي يدفع هؤلاء الشباب إلى الانحراف والتطرف. فارتفاع نسبة البطالة والفراغ الفكري هي من الدوافع الأساسية لتبني هذه الأفكار النازية. بالإضافة إلى دور الآباء الذين يجدون أنفسهم مكبلي الأيدي أمام مشاكل أبنائهم. وفي غياب الرعاية الكافية ومراقبة الدولة يصبح العنف وسيلة لفرض النفس كرد فعل على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المنتشرة في شرق ألمانيا. وبهذا فإن أجوبة فيلم " المحاربة" ليست بالمفاجئة أو الجديدة، ولكنها تعطي صورة أكثر واقعية، وجد ملموسة من خلال نماذج حية. وهذا ما يحمل في طياته قوة إقناع كبيرة، من شأنها أن تزيد في التحسيس والتنوير بشأن أخطار هذه الظاهرة.
ولكن فنيندت يخشى ظاهرة أخرى قد تكون أكثر خطورة حيث يقول:" مواضيع وأفكار اليمين المتطرف أصبحت تجد طريقها إلى الأوساط الاجتماعية العادية." وهذا ما قد يهدد السلم الداخلي، وبالتالي يؤدي إلى فقدان الثقة في النظام الديمقراطي. وهذا ما تؤكده بعض الأرقام، إذ أن ما يعادل نصف سكان ألمانيا الشرقية ليسوا على قناعة بأن الديمقراطية هي النظام المثالي. وحتى بعض الأشخاص الذين "لا يعتبرون" أنفسهم من أنصار اليمين المتطرف تجدهم يتصرفون بعداء ضد الأجانب، ويضيف فنيندت" خاصة في بعض الأحياء التي يقطنها عدد قليل من الأجانب، تجد هناك بعض المواقف العنصرية."
وهكذا استطاع ديفيد فنيندت من خلال أول فيلم له " المحاربة " أن يحط الأصبع على الجرح، وأن يواكب نقاش اللحظة. فقصة الفيلم هي قريبة من موضوع الجدل القائم حاليا في ألمانيا حول خطورة اليمين المتطرف. وهذا ما يجتذب للفيلم جماهير واسعة داخل قاعات السينما، وبالتالي أرباحا كبيرة. وهو الشيء الذي قد يجعل المخرج الشاب يشعر بالسرور والافتخار، ولكن أحداث الفيلم تبقى صادمة ومثيرة للخوف في بعض الأحيان.
أمين بنضريف/ كورتن يوخن
مراجعة: محمد المزياني