"المجلس العسكري عمل على استنزاف طاقة الثورة تدريجيا"
١٥ يونيو ٢٠١٢أثار قرار المحكمة الدستورية المصرية المتعلق بقانون العزل وحل مجلس الشعب ردود فعل غاضبة في الشارع المصري. ونددت مجموعة من القوى الليبرالية واليسارية والعلمانية اليوم الجمعة (15 يونيو/ حزيرن 2012) بالمجلس العسكري الذي اعتبرته "قائد الثورة المضادة". كما وصف عدد من المراقبين قرار حل مجلس الشعب وبطلان قانون العزل السياسية بـ "انقلاب عسكري".
وتتفق الباحثة السياسية في جامعة برلين الحرة ابتسام حسين مع هذا الرأي حيث قالت في مقابلة مع DW: "هذا انقلاب عسكري تدريجي قائم على فكرة استنزاف الطاقات. فقد تم النظر للثورة في تحليلي الشخصي على أنها طاقة غضب عارمة، وتم التعامل معها بشكل مرحلي لتشتيت هذه الطاقة، بحيث لا تصبح قادرة على التبلور مرة أخرى". وتدلل الباحثة السياسية المصرية على هذا الأمر بقانون الضبطية القضائية الذي اتخذ قبل أيام من الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المصرية المقررة غداً السبت، والذي يمنح رجال المخابرات العسكرية والشرطة العسكرية حق الضبطية القضائية للمدنيين.
هل قرار المحكمة الدستورية حق يراد به باطل؟
من ناحية أخرى، ترى حسين أن حكم المحكمة الدستورية له شقان: قانوني وسياسي، مشيرة إلى أن القانون الذي تمت بموجبه الانتخابات البرلمانية هو بالفعل قانون مطعون في دستوريته لكنها تضيف قائلة: "القانون من حيث الشاكلة والمظهر لا علاقة له باضطهاد مجلس الشعب أو أعضائه، لكن من الناحية السياسية، هذا المجلس ليس هو المجلس الوحيد المطعون في دستوريته".
وتشير في هذا السياق إلى أن هناك عدة برلمانات طعن في دستوريتها في عهد مبارك ولم يتم التحرك من أجل حلها، كما تطرح التساؤل حول السبب في اتخاذ هذا القرار قبل أيام من الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، موضحة أن الأمر يصب في مصلحة المجلس العسكري، الذي كان أعلن أنه سينسحب في نهاية الشهر الجاري ويسلم السلطة وينهي "مرحلة الوصاية ....لكنه اتخذ هذا القرار الآن ليبقى في السلطة".
هل يرجح قرار المحكمة الدستورية كفة أحد المرشحين؟
وتوضح أن المجلس العسكري أراد أن يضمن أن يظل مسيطراً، وهو ما أصبح أسهل الآن حتى في حال فوز مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي في الانتخابات، حيث لن تصبح جميع السلطات في يد الإخوان المسلمين الذين كانوا يسيطرون على المجلس، وهو ما يسهل بالتالي سيطرة المجلس العسكري على الحياة السياسية في مصر.
ويتفق معها أستاذ العلوم السياسية والاقتصادية في جامعة برلين الحرة حمادي العوني، الذي يرى أن هذا القرار يبدو وكأنه ورقة ضغط جديدة للدفع بمرشح النظام القديم أحمد شفيق. ويعلق العوني على قرار الإخوان بالاستمرار في المعركة الانتخابية قائلاً في حوار مع موقع DWعربية: "هدد الإخوان المسلمون بسحب مرشحهم وطالبهم الثوار الشباب بذلك حتى يفقدوا الانتخابات شرعيتها، لكن محمد مرسي يريد السلطة، يريد أن يصبح رئيس مصر. وبرنامجه الوحيد هو منع النظام القديم من العودة".
"الإخوان المسلمون خسروا كثيراً في الفترة الماضية"
لكن ابتسام حسين لا تتوقع أن يفوز محمد مرسي في الانتخابات، لأنها ترى فيه "مرشحا ضعيفا يفتقد للكاريزما"، كما أنه في رأيها غير قادر على تقديم برنامج انتخابي ملموس لكيفية رئاسة الدولة، على عكس أحمد شفيق الذي تعتبره قادرا على تقديم معطيات محددة في خطابه. وحسب قراءتها للأوضاع في الشارع المصري، ترى الباحثة السياسية أن الإخوان المسلمين قد خسروا الكثير في الفترة الماضية.
وتوضح الباحثة قائلة: "كلنا يعلم أن الإخوان لم ينزلوا التحرير سوى في 28 يناير، كما أنهم قاطعوا مليونيات فقط ليثبتوا تفوقهم، ونظموا أخرى لنفس الغرض، ودخولهم البرلمان جاء على حساب مجازر في ميدان التحرير لم يتحرك لها ساكن، بالإضافة إلى أدائهم الهزيل في البرلمان. كل ذلك في ذاكرة الشعب، وهناك قدر كبير من الشماتة عند قطاعات واسعة من الشعب المصري الذين ينظرون للإخوان على أنهم باعوا الثورة المصرية".
لذلك ترى حسين أن فرص شفيق في الفوز أكبر في إطار المعطيات الحالية، لأن هناك قطاعات كبيرة في مصر تأكد لها أن الإخوان داخل البرلمان لا يمثلون حلم الثورة، وأن أداءهم كان أقل من المتوقع. ورغم اعتبار البعض له أنه من "فلول" النظام القديم إلا أنها تتوقع فوزه قائلة: "لا يجب أن ننسى أن الشعب اختار عصام شرف كرئيس للوزراء رغم أنه أيضاً كان وزيراً في عهد مبارك، وكان وزيرا للمواصلات اضطر للاستقالة على إثر حوادث مواصلات كبرى". وتوضح الباحثة السياسية أن هناك قطاعاً من الشعب ينظر إلى شفيق حالياً على أنه "أحلى المرين".
ويختلف معها العوني، أستاذ السياسة تونسي الأصل، الذي يتوقع فوز مرسي، الذي يلعب بكارت عدم العودة للنظام السابق. لكنه يتوقع أن تسود الاضطرابات البلاد، ولا يتوقع أن تمثل نتيجة الانتخابات الحل، أياً كان الفائز. ويضيف في هذا السياق: "ستستمر الثورة، فالثورة المضادة موجودة منذ اليوم الأول، وإن كان لم يطلق عليها هذا التعريف. وكل من الثورة والثورة المضادة استخدم وسائله. وأخشى أن يستمر الأمر على ما هو عليه لشهور قادمة".
سمر كرم
مراجعة: أحمد حسو