الماكينة الألمانية والطريق نحو الفوز بكأس العالم 1974
١٦ مايو ٢٠٠٦عندما نسمع كلمة "ماكينة" نتذكر دوما القوة والعمل الدائم دون كلل أو ملل. وطالما ما اقترنت كلمة "ماكنية" بالمنتخب الألماني لكره القدم، كيف لا وهو منتخب يملك تاريخاً طويلاً في الكفاح داخل المستطيل الأخضر دون تعب أو استسلام؟ فهذا المنتخب العنيد صاحب جولات في الملاعب وصاحب أرقام قياسية. وبعد أن نجح المنتخب الألماني في الفوز بكأس العالم عام 1954 في حدث كبير عرف بـ"معجزة بيرن"، واجه تحدياً أكبر عام 1974 أمام الجارة هولندا.
بداية المشوار نحو اللقب
في أولى مباريات الدور الأول لبطولة كأس العالم عام 1974 واجه المنتخب الألماني لكرة القدم المنتخب التشيلي. وبدأت المباراة بداية قوية من الجانبين. وبتسديدة قوية من خارج منطقة الجزاء استطاع اللاعب الألماني باول براتنر تسجيل الهدف الأول لألمانيا في الدقيقة السابعة عشر، إلاّ أن المنتخب التشيلي ظل محاصراً لمرماه طوال بقية المباراة، وذلك بأسلوب دفاعي أغلق كل المنافذ على المنتخب الألماني، لتنتهي هذه المباراة بهدف نظيف لألمانيا، ولم تكن نتائج المنتخب الألماني مخيبة للآمال، حيث استطاع المنتخب الألماني تخطي المرحلة الأولى بنجاح. كما تألق في هذه الجولة كل من منتخبات بولندا وهولندا وبلغاريا ويوغوسلافيا. أما نتائج المنتخب البرازيلي فكانت غير متوقعة خصوصا بعد النتائج المتواضعة أمام منتخب زائير بـ 3:0 وتعادله مع المنتخب الاسكتلندي بـ 1:1، كما جاءت كذلك نتائج المنتخب الإيطالي مخيبة للآمال، عندما تعادل أمام المنتخب الأرجنتيني بـ1:1 وهُزم أمام هولندا بـ 2:0، وكان فوزه اليتيم على منتخب هاييتي بـ3:1 والذي جاء في غاية الصعوبة، ليحل في المركز الثالث متخلفا عن الجولة الثانية بفارق نقطة واحدة.
الجولة الثانية وسقوط الكبار
كانت أولى مفاجآت المجموعة الأولى من هذه الجولة قوية جدا على الجماهير الأرجنتينية، والتي لقيت ضربة موجعة من المنتخب الهولندي، الذي أحرز أربعة أهداف نظيفة، كان لنجم المنتخب الهولندي يوهان كرويف نصيب الأسد فيها، حيث نجح في إحراز هدفين بمفرده في هذه المباراة، لتبدأ أولى خطوات الهولنديين لتحقيق حلمهم في الوصول إلى المباراة النهائية. وبعد المباراة، التي جمعت منتخب ألمانيا الغربية مع المنتخب البولندي وانتهت بنتيجة 1:0، لم يتمالك القيصر بيكنباور أعصابه وضرب على طاولة المدرب الألماني بشدّة محتجا على خطته الإستراتيجية في اللعب. وكان لكابتن المنتخب الألماني فرانس بيكنباور الحق في ذلك، مما اضطر المدرّب الألماني إلى إيجاد خطة جديدة لخوض المباريات القادمة. وجاءت نتائج المباريات الأخرى المهمة لألمانيا ايجابية حيث فازت على يوغسلافيا بهدفين نظيفين وتغلبت على السويد بـ4:2. واستطاع بعد هذه الجولة المليئة بالإثارة كل من فرق البرازيل وهولندا وألمانيا الشرقية والأرجنتين إلى التأهل إلى المرحلة القادمة من المجموعة الأولى، وكل من فرق هولندا ويوغسلافيا والسويد وألمانيا الغربية من المجموعة الثانية. أما الجولة الثالثة فقد شهدت سقوط كبار الفرق في نتائج لم تكن في الحسبان، حيث أقصيت كل من منتخبات الأرجنتين وألمانيا الشرقية والسويد ويوغسلافيا من هذه الجولة، واستطاع راقصوا السامبا كعادتهم التأهل إلى دور نصف إلى جانب الماكينات الألمانية وهولندا وبولندا.
الموعد الألماني الهولندي الحاسم
بعد نتائج مباريات الدور نصف النهائي، لم يتمكن المنتخب البولندي والمنتخب البرازيلي من الزحف نحو اللقب، حيث تقابل المنتخبان في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع، إلا أن المنتخب البولندي، الذي ظهر بمستوى رائع في هذه البطولة، لم يتمكن من الصمود أمام الخبرة البرازيلية، حيث استطاع المنتخب البرازيلي حفظ ماء وجهه بحلوله ثالثا في هذه البطولة، بعد ان فشل في الحصول على اللقب. أما المباراة النهائية والتي جمعت الجارتين ألمانيا وهولندا، والتي أقيمت في الملعب الأولمبي في مدينة ميونخ فقد بدأت بضربة مؤلمة فاجأت الألمان، عندما احتسب حكم المباراة ضربة جزاء لهولندا في الدقيقة الثانية من المباراة، بعد أن تعرض المهاجم الساحر يوهان كرويف لإعاقة من مدافع المنتخب الألماني بيرتي فوغتس داخل منطقة الجزاء، استطاع المنتخب الهولندي التقدم بهدف نظيف في بداية المباراة، إلاّ أن المنتخب الألماني كان متفوقا من حيث طريقة اللعب واللياقة على المنتخب الهولندي وتمكن بعد إصرار وضغط متواصل من تقليص الفارق وإحراز هدف التعادل في الدقيقة الـ25 عن طريق اللاعب الألماني باول برايتنر، وبدأت المباراة تأخذ طابع السرعة والإثارة من الجانبين، إلاّ أن المنتخب الألماني كان الأفضل في تمرير الكرات وتهيأت الفرص واستطاع المنتخب الألماني قبل نهاية الشوط الأول من المباراة من إحراز الهدف الثاني، من ثم الحفاظ على مستوى اللعب وتغطية المرمى حتى أطلق حكم المباراة صافرة النهاية، لتحرز ألمانيا اللقب للمرة الثانية، ويصبح المنتخب الألماني المنتخب الأوربي الأول، الذي يجلب كأس العالم الجديدة إلى أوروبا، في نهائي مثير للغاية ظهر فيه الإصرار والتصميم من جانب الماكينات الألمانية، التي استطاعت أن توقف الطموح الهولندي في الفوز باللقب لأول مرة في تاريخ الكرة الهولندية.