اللاجئون يغيرون وجه مطار تمبلهوف السابق في برلين
٥ نوفمبر ٢٠١٧معظم أماكن اللاجئين في ألمانيا تفتقر عادة للرفاهية، وغالبا ما تكون مكتظة والمرافق العامة تشاركية، وليس من السهل الشعور بالخصوصية والراحة فيها. إلا أن نزل اللاجئين في مطار تمبلهوف في العاصمة الألمانية برلين، له قصة غير عادية. إذ تم إقامة أماكن خاصة باللاجئين مع مرافق خدمية عديدة لهم، في باحات المطار ومرابض الطائرات كحل طارئ لإيوائهم، في ذروة أزمة قدوم اللاجئين إلى ألمانيا في أواخر عام 2015.
على مدى أكثر من نصف قرن، كان مطار تمبلهوف واحدا من ثلاثة مطارات تخدم برلين، لكن المطار لم يحظ بشعبية كبيرة، بسبب درجة التلوث والضجيج التي تسببها الطائرات، نتيجة قربه من المناطق السكنية، حيث أدى إستفتاء شعبي أجري عام 2008 إلى إغلاقه بشكل نهائي.
ومنذ ذلك الحين تحولت مدرجات المطار وباحاته إلى حدائق للعامة. ولا يزال المبنى الرئيسي والقاعات الأخرى سليمة، إلا أنها غير مستعملة بشكل تام. وبصرف النظر عن عدد من الشركات المحلية التي تتولى حيز العمل هناك، لا يزال مستقبل مباني المطار أمرا مجهولا. إلا أن العديد من المقترحات قدمت من أجل استثمار المطار والاستفادة من أبنيته كمعارض تجارية.
تدفق اللاجئين
مع تدفق اللاجئين على ألمانيا، حاولت السلطات المحلية في برلين الاستفادة من مباني المطار كحل مؤقت، حيث استقبلت قاعات المطار حوالي 2500 لاجئ في أكتوبر 2015، ثم انخفض العدد بشكل كبير بعدها، حيث تم نقل اللاجئين إلى مواقع أخرى في ألمانيا وحتى إلى دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، عندما أعيد توطينهم.
تيريزا جوشان، المتحدثة باسم شركة تامايا (Tamaja) المشرفة على سكن اللاجئين في المطار، قالت في لقاء مع موقع "مهاجر نيوز" إن عدد اللاجئين الذين يعيشون في قاعات المطار انخفض إلى أقل من 700 لاجئ بحلول عام 2016. وتابعت "بعد عامين من أزمة دخول اللاجئين، لم يبق هناك سوى 200 لاجئ حاليا". وأشارت إلى أنه "في البداية أعلن أنه سيتم إغلاق مرآب الطائرات قبل عام، إلا أنه من المتوقع أن يتم إغلاقها بحلول نهاية العام الجاري 2017".
من مرآب للطائرات إلى مأوى للاجئين
ظلت فكرة إيواء اللاجئين في مطار تمبلهوف مسألة مثيرة للجدل لفترة طويلة، ففي حين أبدى بعض السكان المجاورين للمطار حماسا لاستقبال اللاجئين وكانوا فخورين بهذه الخطوة، انتقد عدد آخرون الأمر وأبدوا ترحيبا أقل بفكرة سكن مئات اللاجئين في المطار وسط العاصمة برلين.
ولم يكن ضعف ترحيب هؤلاء مبنيا على وجود مواقف كره للأجانب، بل كان بسبب التخوف من أن المسؤولين في المدينة يحاولون الالتفاف على القوانين والقواعد التي تحظر تطوير الوحدات السكنية في موقع المطار السابق عن طريق إسكان اللاجئين هناك.
وأعتقد بعض السكان أن السماح للاجئين بالإقامة في الموقع يمكنه أن يفتح ثغرات قانونية في مجال تطوير العقارات في المستقبل. وعلى الرغم من هذا الانتقاد، كان على المدينة أن تجد حلا بديلا للاستفادة من المطار على المدى الطويل، إذ أنه بغض النظر عن الرأي العام، يعتبر استخدام المطار لإيواء اللاجئين مكلفا للدولة.
وفي شباط / فبراير 2017، بدأت السلطات في بناء غرف متنقلة بتصميم جديد داخل قاعة مرآب الطائرات في المطار. وتم تصميم هذه الغرف لتكون سكنا مؤقتا لأكثر من 1200 شخصا. وسعى هذا التصميم إلى إيواء الأسر في مرافق صغيرة مكتفية ذاتيا بدلا من الحاويات الحديدية التي أقيمت داخل قاعات المطار.
ويخطط القائمون على المشروع إلى توفير سكن مؤقت حتى عام 2020 لنحو 7 آلاف لاجئ، حيث يخشى منتقدو المشروع من نمو "غيتو" خاص للاجئين وسط العاصمة برلين. إلا أن تراجع عدد اللاجئين حدّ من توسيع المشروع.
ويقول الخبراء إن مدة العمر الافتراضي لهذه الغرف (السكن المؤقت) يمتد لعام 2020 فقط. ورغم انخفاض أعداد اللاجئين القادمين مقارنة بالعامين السابقين 2015 و2016، تشير الإحصاءات الحكومية إلى وجود أكثر من25 ألف لاجئ في برلين وحدها لا يزالون يعيشون في مراكز استيعاب أولية، أو في مساكن مؤقتة وفقا لما نقلته صحيفة تاغس شبيغل الألمانية مؤخرا.
عدالة التاريخ
ومن المرجح أن تتأثر مشاريع استقبال اللاجئين في مطار تمبلهوف سلبا، أو أن تشهد تباطؤا بسبب قلة أعداد القادمين من اللاجئين إلى أوروبا عموما وألمانيا خصوصا، إلا أنه وبغض النظر عما يمكن أن يحمله المستقبل، يرى الكثيرون أن وجود اللاجئين فيه يحمل نوعا من العدالة المجتمعية الاجتماعية.
فالمطار الذي تم توسيعه وتحديثه في هتلر، والذي بني على شكل نسر من أجل إثبات فكر النازيين بتفوق الألماني على الأجناس الأخرى، أصبح الآن بمثابة محطة ترحيب باللاجئين الهاربين من الأنظمة القمعية.
سيرتان ساندرسون/ علاء جمعة
المصدر: مهاجر نيوز 2017