اللاجئون في ألمانيا - تحديات الاندماج ومحاذير التطرف
١٦ أغسطس ٢٠١٦ظروف الاندماج جيدة، بيد أن الأمر يبقى متعلقا بمدى استغلالها. هذا هو ملخص نتائج الدراسة التي تحمل عنوان "اللاجئون في عام 2016" والتي أعلن عنها المعهد العالي لدراسات الإعلام والاتصال والاقتصاد في برلين أمس الاثنين (15 آب/أغسطس 2016).
ومن بين هذه الظروف الديمقراطية مثلا: 95 بالمائة من الحاصلين على شهادات جامعية، من الذين شاركوا في الدراسة، يؤيدون الديمقراطية بدون شروط ولاقيود. أما بالنسبة للحاصلين على شهادات ختم دروس ثانوية فإن النسبة وصلت إلى ثمانين بالمائة.
في حين أيد ثلث الأميين من بين المشاركين في الدراسة المقاييس الديمقراطية. بيد أن أغلبية المنتمين لهذه المجموعة ليسوا ضد الديمقراطية وإنما غير متأكدين مما تعنيه، ذلك أن جملة "لا أعرف" شكلت إجابة الأغلبية حول السؤال بشأن موقفهم من الديمقراطية.
آراء سياسية محافظة
ولكن مفهوم المشاركين في الاستطلاع، بشأن الديمقراطية هي مفاهيم يمكن إيجادها على الأغلبية في الأوساط المحافظة ولكن أيضا وبشكل قوي في الأوساط اليمينية، حيث أيد ثلثا المشاركين في الدراسة نظرية أن القائد يحكم لفائدة الجيمع. كما أعرب الكثيرون عن قناعاتهم بأنه يتعين فرض النظام وسلطة القانون بالقوة إذا اقتضى الأمر.
ويرى العديد منهم أنه لا يجوز انتقاد السياسيين. ففي سياق متصل، يقول رونالد فرايتاغ، رئيس المعهد العالي لدراسات الإعلام والاتصال والاقتصاد: "عندما يُسألون حول ما إذا يحق للفنانين انتقاد السياسيين أو السخرية منهم، يقولون معاذ الله، هذا أمر لا يجوز طبعا."
على صعيد آخر، بددت الدراسة المخاوف بشأن تطرف ديني محتمل من قبل اللاجئين، إذ أكد 87 بالمائة من الذين شاركوا في الدراسة بأن الدين أمر خاص. كما صرح نحو الثلثين بأنه يجدر السماح بتناول المشروبات الكحولية، فيما يرى 52 بالمائة منهم أنه يتعين السماح للناس بتغيير معتقدهم الديني إذا ما أرادوا ذلك. ورحب نحو 60 بالمائة بالزواج المختلط دينيا.
وإذا ما كانت هناك تحفظات، فهي في مجلمها إزاء اليهود. فقط ربع المشاركين في الدراسة أعرب عن رغبته في أن يسكن بجوار أسرة يهودية من إسرائيل. 14 بالمائة ترى ذلك أمرا غير مرغوب فيه، في حين أعرب 60 بالمائة منهم عن عدم اكتراثه بالأمر. بيد أن الأغلبية، نحو الثلثين، ترى أنه من الجيد السكن بجوار عائلة غنية بالأطفال.
بيد أن التحفظ أكبر بكثير فيما يتعلق بالمثلية الجنسية: فقط 11 بالمائة من المشاركين في الدراسة قالوا بأنه ليس لهم من مانع من السكن بجوار زوج مثلي جنسيا. أما بالنسبة للنصف تقريبا فإن الأمر سيان.
هل تمثل الدراسة آراء كل اللاجئين؟
لكن هناك عدة تساؤلات حول مدى تمثيل نتائج هذه الدراسة للاجئين الذين قدموا إلى ألمانيا خلال العامين الماضيين. ذلك أن من ضمن ألف استمارة أسلئة لم يحصل القائمون على الدراسة سوى على 445 استمارة تتضمن إجابات. كما رافقت الدراسة عوامل من شأنها أن تؤثر على مدى تمثيلية النتائج لأغلبية اللاجئين في البلاد، ذلك أن الدراسة أجريت مثلا في برلين، وهي كمدينة كبيرة منفتحة قد تكون أثرت (إيجابيا) على إجابات المشاركين. كما أن استمارات الأسئلة كان باللغة العربية والإنجليزية والفارسية، وبالتالي فإن المشاركين في الدراسة هم أشخاص يتقنون على الأقل واحدة من هذه اللغات المذكورة.
ويرى واضعو الدراسة أنهم بحاجة لمعطيات محددة حول اللاجئين بشأن السن والجنس والمستوى التعليمي وغيرها من المعطيات. بيد أن السلطات الألمانية لا تحوز في الوقت الحالي على مثل هذه المعطيات.
بيد أن فرايتاغ يؤكد في تصريح لـDW أن الدراسة تترك المجال واسعا للتفاؤل: "هناك استعداد كبير من قبل اللاجئين للتواصل مع الألمان. كما يتمنون ربط علاقات وطيدة مع الألمان. ورغبتهم في تعلم اللغة الألمانية كبيرة جدا."
مخاوف من استقطاب السلفيين للاجئين
ومن أهم ما توصلت إليه الدراسة هو ضرورة استغلال الظروف المناسبة لمساعدة اللاجئين على الاندماج في المجتمع الألماني. بيد أن الوقت يداهم، ففي قبل بضعة أيام حذر رئيس هيئة حماية الدستور هانس-غيورغ ماسن من أن السلفيين وعدد من الإسلاميين المتشددين يحاولون استقطاب اللاجئين لأفكارهم وإيديولوجيتهم.
"إنه أمر يثير قلقنا عندما يروّج السلفيون والإسلاميون الآخرون لأفكارهم في مآوي اللاجئين"، على ما يقول ماسن في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ). "لقد سُجلت أكثر من 340 حالة. ولكنها فقط الحالات التي وصلت عنها معلومات. هناك على الأرجح حالات أكثر."
ولسحب البساط من تحت أقدام هؤلاء يتعين إدماج اللاجئين بأسرع وقت ممكن في المجتمع، على ما يقول فرايتاغ. ويوضح قائلا: "علينا أن ندافع عن قيمنا وننشرها"، لافتا إلى أن ذلك أسهل بكثير لدى أبناء اللاجئين. "الأطفال سيلتحقون بالمدارس وسيتعلمون الألمانية بسرعة وسيندمجون بسرعة في المجتمع."
بيد أن التحدي الأكبر يكمن في إدماج اللاجئين الكبار في المجتمع. ففي سياق متصل يحذر فرايتاغ من عدم إندماج هؤلاء قائلا: "حينها ستنشأ مجتمعات موازية التي علينا الحيلولة دونها." ويؤكد على ضرورة أن تحظى برامج إدماج اللاجئين بأولوية قصوى على مختلف الأصعدة.