اللاجئون القاصرون وحق لم الشمل العائلي في ألمانيا
١٣ فبراير ٢٠١٦الحرب في سوريا وانعدام الآفاق في أفغانستان والإرهاب والاضطهاد في إريتريا. الكثير من الناس يفرون من أوطانهم ويأملون في بدء حياة جديدة آمنة في ألمانيا. وغالبا ما يكون الفارون شبابا من الذكور وعائلات بكاملها، وأحيانا نجد أطفالا وشبانا لوحدهم تصنفهم السلطات الألمانية كلاجئين قاصرين بدون ذويهم. وتفيد إحصائيات الاتحاد الألماني للاجئين القاصرين بدون ذويهم بأن أكثر من 60 ألف شخص تحت سن الثامنة عشرة يعيشون حاليا في ألمانيا بدون والديهم.
وبعد تعليق حق لم الشمل العائلي للاجئين الأطفال والشباب في خطوة أولى، توصل وزيرا العدل والداخلية الألمانيان إلى اتفاق بشأن الخلاف حول لم الشمل العائلي لهؤلاء اللاجئين القاصرين. وكان تشديد قانون اللجوء الأخير قد أقر تعليق لم الشمل العائلي للأطفال اللاجئين بدون صحبة الأبوين لمدة عامين. وكانت المخططات السابقة للائتلاف الحكومي في برلين تتضمن أن ينتظر اللاجئون القاصرون الذين يتمتعون بحق حماية مقيدة أو بما يسمى الحماية الثانوية سنتين حتى يتسنى لآبائهم الالتحاق بهم. والمستفيدون من الحماية الثانوية هم اللاجئون الذين لا يتمتعون بحق الحماية على أساس اتفاقية جنيف للجوء، غير أنه يحق لهم الإقامة مؤقتا في ألمانيا بسبب المخاطر المحدقة بحياتهم. "وهذا يطال بالفعل فقط القليل من اللاجئين الشباب، لأن شروط لم الشمل العائلي صعبة حاليا، وتجعل من الصعب على لاجئين قاصرين بدون ذويهم الاستفادة من ذلك"، حسب ما قاله نيلس إسبينهورست من الاتحاد الألماني للاجئين القاصرين في مقابلة مع إحدى الإذاعات الألمانية. وقال أيضا إن 40 حالة في المتوسط شهريا شهدت في السنة الماضية جلب الوالدين إلى ألمانيا، وهذا ينطبق على مجموع اللاجئين دون سن الرشد.
وفئة صغيرة فقط من اللاجئين دون سن الرشد تتمتع بما يسمى الحماية الثانوية. وأوضح نائب رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي توماس شتروبل "نحن نعرف منذ مدة أنه أصبح نموذج تجارة بالنسبة لمهربي البشر الذين يهربون عن قصد شبابا"، معتبرا أن العديد من العائلات ترسل أبناءها في طريق أسفار محفوفة بالمخاطر. وأضاف أن "هذا يتم عن قصد لجلب العائلة لاحقا".
غير أن نيلس إسبينهورست يفند هذا التعليل، ويقول إنه لا وجود تقريبا لسوء استغلال حق لم الشمل العائلي. ويضيف أن "المهربين يحققون المكاسب لو قمنا بحظر لم الشمل العائلي، لأنه في حال منعت الدولة هذه الإمكانية، فإن الآباء سيثقون في منظمات مشبوهة".
معظم اللاجئين القاصرين يبقون في ألمانيا
ويقول إسبينهورست إن غالبية اللاجئين دون سن الرشد ستبقى في كل الأحوال في ألمانيا. وعلى هذا الأساس يعتبر هذا الخبير أن النقاش الحالي حول تعليق لم الشمل العائلي والترحيل ومنع الالتحاق بدورات التكوين المهني تمثل إشكالية كبيرة، لأن "الشباب ينتابهم القلق بشأن مصيرهم".
وحتى منظمة "تير دي زوم" المدافعة عن حقوق الإنسان تنتقد تلك المخططات الحكومية، وفي هذا السياق تقول باربارا كوبيرس، مديرة قسم حقوق الأطفال في المنظمة "الأطفال والشباب الذين يفرون لوحدهم يفتقدون للحماية أكثر من أولئك الذين يكونون بصحبة آبائهم. وعدد كبير من هؤلاء الأطفال مصدوم". وأشارت إلى أن هؤلاء الشباب منشغلون بصدماتهم إلى حد أنهم لا يقدرون على إقامة علاقات جديدة، ولا يقدرون على التركيز، كما أنهم يعانون من الخوف أو أنهم عنيفون، وهذا يصعب من تعلم لغة جديدة أو التواصل مع الأقران وبالتالي يعرقل الاندماج".
وتعتبر منظمات حماية الأطفال أن اللاجئين الشباب بدون رفقة ذويهم معرضون لأشكال الاستغلال والانحراف. وقالت يوليا فون فايلير من منظمة "البراءة في خطر" إن "الأطفال والشباب عايشوا في طريق الهرب الطرد والعنف وغالبا الموت، وبالتالي لهم قابلية أكبر للثقة في أية وعود".
اختفاء 5 آلاف لاجئ قاصر
وأثارت أرقام كشفت عنها مؤخرا هيئة مكافحة الجريمة في ألمانيا الانتباه، ومفادها أن نحو 5 آلاف لاجئ قاصر اختفوا في ألمانيا. ونبهت وزارة شؤون العائلة إلى أن هذا لا يعني بان جميعهم تعرضوا لسوء ما، بل إن هناك في الغالب مشاكل في عمليات التسجيل. كما أن الكثيرين منهم بدون هويات ينتقلون إلى مدينة أو بلد آخر دون الإبلاغ عن ذلك، وبالتالي فإن السلطات لا تعرف مكان تواجدهم. وعلى هذه الخلفية فإنهم لا يستفيدون من التدابير الحكومية للاندماج والمساعدة، لاسيما لصالح اللاجئين القاصرين. وبناء على هذه المعطيات يطالب نيلس إسبينهورست بتغيير الخطاب السياسي، فعوض التركيز على الردع يجب الإعلان "أنتم هنا، أنتم الآن في أمان، ونحن نهتم بمستقبلكم".