اللاجئون السوريون في لبنان: تعاطف شعبي وضغوط حكومية
١٩ يوليو ٢٠١٢نتيجة الأزمة التي تشهدها سوريا وما أدت إليه بعد تصاعد الأعمال العسكرية لجأ العديد من السوريين إلى لبنان هرباً من العنف والقمع وما تسببا منه من إصابات. وهذا ما أجبر العائلات النازحة التي تبحث عن الأمان في لبنان والبلدان المجاورة لطلب الرعاية الصحية خاصة للمرضى والمصابين في الأحداث والمعارك. وأدت الحكومة اللبنانية دوراً ملموساً في مساعدتهم لغاية الأمس القريب، إذ قررت الهيئة الحكومية المختصة وقف تغطية الرعاية الصحية للاجئين فما هي تداعيات القرار والأسباب الحقيقية الكامنة وراءه؟
وفي حديث لـDW عربية قالت السيدة حمدان المسؤولة في وزارة الشؤون الاجتماعية إن القرار أتخذ فعلاً ويعود ذلك بشكل كبير للوضع المالي المتردي للدولة وخاصة الهيئة العليا للإغاثة، فضلاً عن نفاذ موازنة وزارة الشؤون الاجتماعية المخصصة لهذه الأنشطة. ولا تنفي حمدان الضغوط السياسية الكبيرة على مؤسسات الدولة لوقف الدعم تجاه السوريين المعارضين، وتعتقد أن هذا الموقف السياسي يؤثر سلباً على مجمل المواطنين السوريين اللاجئين الذين يضطرون للاستغاثة بالمنظمات الإنسانية والمستوصفات المحلية، أي المبادرات الشخصية لمساعدتهم وسد حاجاتهم الصحية.
أزمات مماثلة
كما أكدت المسؤولة اللبنانية تعاطف الشعب اللبناني بمعظمه مع أوضاع الشعب السوري وذلك من الناحية الإنسانية بشكل أساسي، موضحة: "عانى اللبنانيون سابقاً من أزمات مماثلة واستعانوا بالسوريين لمساعدتهم في سد الاحتياجات الصحية والمعيشية". وأوضحت أن اللبنانيين يؤيدون مطالب الشعب السوري بالحرية والديمقراطية انطلاقاً من وعي اللبناني بأهمية الحياة الحرة وتعلقه بالنظام الديمقراطي الذي يوفر أجواء التنوع السياسي وتداول السلطة.
من جانبه اعتبر السيد عيسى عنيسي، الناشط في منظمة "اللاعنف" التي تعنى بشؤون اللاجئين في لبنان، أن من أهم أسباب وقف التغطية الصحية للاجئين السوريين هي أسباب سياسية بضغط من مؤيدي النظام لادعائهم، فمعظم هؤلاء اللاجئين ينتمون إلى "الجيش السوري الحرّ". ويشرح عنيسي أنه إلى جانب ذلك تأتي مسببات أخرى أهمها الأوضاع المالية المتفاقمة للحكومة. ويبرز أن انعكاس القرار اللبناني على اللاجئين السوريين يتمثل في خطر ترك المصابين بدون علاج أو عدم تقديم المعونة المتخصصة للمرضى من ذوي الأمراض المزمنة.
الشعور معاناة اللاجئين
لكن من جانب آخر، هناك جهات تعوض تقصير الدولة وإحجامها عن تقديم المساعدة للاجئين في لبنان وفي طليعتهم المنظمات الإنسانية، كالصليب الأحمر والمؤسسات التابعة لتيار المستقبل الصحية والهيئات الإسلامية الصحية السلفية. وشدد عنيسي أنه "على الرغم من تقاعس الدولة فإن المواطن اللبناني يشعر بمعاناة اللاجئين وهو شعور تجاه إخوة هاربين من عملية القتل والدمار، فهناك بيئة واسعة النطاق من هيئات سياسية ودينية تؤيد الحراك الشعبي في سوريا". ولفت الناشط الحقوقي إلى أن تأثير الأزمة السورية على لبنان واضحة للعيان وخاصة من جهة الانقسام السياسي الحاد حول النظرة نحو تأييد مطالب السوريين من نظامهم، كما تأثر لبنان اقتصادياً وهبط معدل النمو السنوي وكذلك تراجعت الحركة السياحية بشكل ملحوظ.
أما حمد السعدي، الناشط السوري المعارض في بيروت، فيرى أن الأوضاع صعبة للاجئين السوريين في لبنان أو الدول العربية. ويؤكد أن هذا الواقع يفرض على العرب والعالم مساعدة هؤلاء وقد سارت الأمور بعكس ذلك في لبنان من جهة مساعدة الجرحى والمرضى السوريين. ويوضح السعدي أن المساعدات الطبية قُطعت عن اللاجئين إلا في أمور خاصة وحرجة، "وهذا طبعاً بضغط من النظام السوري وأعوانه المحليين على الحكومة اللبنانية".
ويشرح المعارض السوري أن الأثر السلبي كبير جداً على اللاجئين، الذين هم بأمس الحاجة إلى مد يد المساعدة من إخوانهم العرب خاصة اللبنانيين بحكم علاقات الجوار ورد على مساعدة السوريين لإخوانهم اللبنانيين في أوقات المحنة والحرب التي دمرت لبنان. بينما يلاحظ السعدي أن الوضع برمته يشكل ضغطاً على لبنان واقتصاده لأن القتال يدور بشكل كبير على الحدود المشتركة، مؤكداً أن الأوضاع في الداخل تلقي بثقلها على لبنان وحكومته. "لكننا نرى أن معظم اللبنانيين يقفون إلى جانب إخوانهم في سوريا ومع مطالبتهم بالحرية أو الأمور الإنسانية".
شربل طانيوس ـ بيروت
مراجعة: عماد غانم