الكونغرس يقارع أوباما بشأن سوريا والحرب على "داعش"
٥ نوفمبر ٢٠١٤تعايش صعب سيعيشه الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع التشكيلة الجديدة للكونغرس الأمريكي التي أفرزتها نتائج الانتخابات النصفية، فقد فاز الجمهوريون في هذه الانتخابات التي جرت الأحد في الولايات المتحدة، ملحقين نكسة كبرى بالرئيس أوباما وحلفائه الديمقراطيين. وانتزع خصوم أوباما السيطرة على مجلس الشيوخ ورسخوا غالبيتهم في مجلس النواب ما يخوّلهم إملاء الأجندة البرلمانية إلى حين انتخاب خلف لباراك أوباما بعد سنتين من الآن.
إذن، السباق إلى البيت الأبيض بدأ من الآن. وكل القرارات التي ستصدر عن إدارة أوباما مستقبلا ستأخذ بعين الاعتبار عاملين أساسين: سباق الانتخابات الرئاسية القادمة، ومحاولة الابتعاد عن أي قرارات قد تدخل الإدارة الأمريكية في مواجهة مع الجمهوريين. ويعني ذلك أن أوباما سوف يتعين عليه أن يتعلم كيف يتوصل لحلول وسط مع الجمهوريين إذا كان يرغب في تمرير أي قانون من الآن وحتى عام 2016 .
وفي ظل هذه المعطيات الجديدة التي خلقتها هذه الانتخابات، يبقى السؤال: كيف سينعكس ذلك على سياسة الإدارة الأمريكية الخارجية في منطقة الشرق الأوسط؟
السياسة الخارجية أول المتأثرين
بالرغم من نتائج انتخابات التجديد النصفي، فإن السياسة الخارجية والدفاعية في الولايات المتحدة الأمريكية تظل من اختصاص البيت الأبيض. لكن هذا لا يعني أن أوباما سيتمكن من تجاهل الكونغرس، وهو الأمر الذي سيؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على سياسة الإدارة الأمريكية الخارجية وعملية اتخاذ القرارات المهمة المتعلقة بالعديد من القضايا الخارجية. "التأثير المباشر يتمثل في قدرة الكونغرس الجديد بقيادة الجمهوريين على التصدي لبعض سياسات الإدارة الأمريكية التي يعارضونها"، كما يقول وليد فارس مستشار الكونغرس في قضايا الإرهاب. وعلى رأس هذه القضايا سياسة أوباما تجاه الملف النووي الإيراني، وتعامله مع الأزمة السورية، والحرب على داعش بالإضافة إلى مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
ولعل أبلغ تخوف من تعثر عملية اتخاذ القرار في الولايات المتحدة جاء على لسان وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير الذي قال: "من المهم كثيرا، في خضم هذه الأزمات الملحة التي يواجهها العالم، أن تكون أمريكا قادرة على اتخاذ القرار"، مؤكدا "لا يمكن أن نتحمل العراقيل السياسية في واشنطن..".
إذن، من الواضح أن الفترة المقبلة ستشهد اختبارا لقدرة أوباما على التوصل إلى تسويات مع خصومه السياسيين داخل الكونغرس الذين قويت شوكتهم حديثا بعدما ظلوا يقاومون جدول أعماله التشريعي منذ انتخابه للمرة الأولى عام 2008.
الحرب على داعش والتنظيمات الجهادية
يبدوا أن أولى القضايا التي ستطرح على الكونغرس الأمريكي الجديد هو استئناف النقاش الذي تم البدء به الشهر الماضي والمتعلق بالمعركة التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ضد تنظيم داعش في كل من العراق وسوريا، بالإضافة إلى خطط أوباما بتسليح وتدريب المعارضة السورية المعتدلة. ويؤكد وليد فارس، الأستاذ في جامعة الدفاع الوطنية وكبير الباحثين في "هيئة الدفاع عن الديمقراطيات" في الولايات المتحدة الأمريكية، في حديث لDWعربية: "من المتوقع أن يطلب الكونغرس من إدارة أوباما حسم موقفها بشأن الحرب على داعش والمجموعات الجهادية التي تدور في فلكه. وقد يكون هذا الأمر العنوان الأول الذي سوف نراه في بداية السنة المقبلة، إذ سيواجه أوباما ضغطا أكبر لحسم الموضوع في سوريا وفي العراق".
ذلك أن سياسة أوباما إزاء هذا الملف طالما وصفت ب"المترددة" من قبل خصوه، بل وواجهت تشكيكا في فعاليتها من قبل وزير دفاعه تشاك هاجل الذي انتقد في مذكرة وجهها إلى مستشارة الأمن القومي سوزان رايس حذر فيها من أن سياسة أوباما إزاء سوريا معرضة للخطر لعدم توضيح النوايا الأمريكية تجاه الأسد. ويبدو أن "الكونغرس بتركيبته الجديدة سوف يدفع بالإدارة الأمريكية لاتخاذ قرار كبير، وهذا القرار يصب في صالح القيام بعمل عسكري أوسع في سوريا"، كما يؤكد وليد فارس. لكن يبدو أن أوباما سيستفيد من الانقسام الداخلي الموجود أصلا بين المحافظين بشأن هذا الملف.
وعلاوة على الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا، فإن الجمهوريين سيدفعون أوباما للاهتمام أكثر بالجهود المصرية لمحاربة الإرهاب في سيناء، كما يؤكد ذلك الدكتور وليد فارس. ويضيف أن "الكونغرس الجديد لن يدفع أوباما للضغط على إسرائيل والفلسطينيين للجلوس على طاولة الحوار بقدر ما سيدفعه إلى دعم مصر في قتالها ضد التنظيمات الجهادية في سيناء، وسيضغط الكونغرس على أوباما للاهتمام أكثر بخطر هذه التنظيمات في مصر والدول المحيطة بإسرائيل".