الكراهية خلف إضرام النار في مآوي اللاجئين
٢٢ يوليو ٢٠١٥يأتون من سوريا وإريتريا وكوسوفو: إنهم لاجئون غادروا أوطانهم التي مزقتها الحرب، آملين في حياة آمنة وعيش أفضل في ألمانيا. أعدادهم في تزايد مستمر، إذ سجلت السلطات الألمانية فقط بين يناير ويونيو من العام الحالي طلبات أكثر من 179 ألف لاجئ. وهناك مواطنون من كل أنحاء ألمانيا غير راضين عن موجة اللجوء هذه ويرفضون وجود مساكن اللاجئين في بلداتهم. البعض منهم يواجه ذلك بمواقف معادية وبعنف فيخرجون في مسيرات احتجاجية ضد سياسة استقبال اللاجئين أوتوفير أماكن لإيوائهم. ووفقا لبيانات حكومية فان 150 حريقا متعمدا أو هجمات أخرى تم تسجيلها في الاشهر الستة الاولى من 2015 وهو ما أدى ألى تدمير مواقع سكنية لإيواء اللاجئين، حيث من المنتظر أن يصل هذا العام حوالي 450 ألف شخص منهم إلى ألمانيا.
رفض الاستسلام أمام العنصرية
وكان آخر هذه الاعتداءات الحريق، الذي استهدف في 18 يونيو 2015 مأوى في بلدة ريمشينغن الصغيرة جنوب غرب ألمانيا. وقد تسبب ذلك في حدوث خسائر مادية قدرت ب 70 ألف يورو. وقبلها بيومين عاشت بلدة غاريشرتسهوفن في ولاية بايرن على وقع أحداث مماثلة، حيث تم إضرام النار في مأوى، كان من المقرر أن يستقبل 67 لاجئا في سبتمبر القادم. وعبر عمدة البلدة ، مايكل فرانكس، عن صدمته لهذا الحدث، مشيرا في بيان صحفي أنه "على الرغم مما حدث سنستقبل ابتداءا من 1 سبتمبر لاجئين في بلدة رايشرتسهوفن". وتستهدف الاعتداءات، التي غالبا ما يقف وراءها أنصار اليمين المتطرف، بلدات يتم التخطيط فيها لاستقبال لاجئين. وفي هذا الصدد يقول روبرت لودكه، المتحدث باسم مؤسسة أماديو أنطونيو، التي تعمل ضد العنصرية وكراهية الأجانب والتطرف اليميني في ألمانيا، في حواره مع DW"إن مرتكبي هذه الاعتدءات يرفضون ثقافة الترحيب "، ويضيف أن مضرمي النار أصبحوا يشكلون جزءا من المشهد اليميني المتطرف في ألمانيا.
الاحتجاجات يليها إضرام النار
أندرياس زيك، مدير معهد البحوث في شؤون النزاعات والعنف في جامعة بيليفيلد يضيف أيضا في مقابلة مع DW، أن "هذه الاعتداءات تؤكد أن الجماعات اليمينية المتطرفة في تقدم خطير، فمضرمي الحرائق يريدون القول بكل وضوح أنه بعد كل الاحتجاجات سيأخذون زمام الأمور بأيديهم." وقد يكون من الخطر أن تستجيب السلطات المحلية لضغوطهم وتقوم بنقل اللاجئين لأماكن أخرى. مثل رد الفعل هذا قد يشكل كارثة، حيث لايجب على السياسيين" أن يتركوا الأقلية اليمينية تفرض عليهم ما يلزم القيام به في التعامل مع موضوع طالبي اللجوء."
مسؤولية السلطات
ولكن كيف يمكن منع مثل هذه الهجمات، في مجتمع لايرحب كل الترحيب باللاجئين ومآويهم؟ و في هذا الصدد يلاحظ لودكه أنه "يجب على السلطات المحلية أن تشرك المواطنين المعنيين منذ البداية في القرارات بهذا الشأن ويجب أن نشرح للمواطنين لماذا يأتي اللاجئون وأن نعمل على توعيتهم بالمخاطر والأهوال التي جعلتهم يفرون." ويحتاج ذلك حسب لودكه لموظفين مؤهلين يستطيعون التواصل مع المواطنين خلال العملية كلها. ويشاطره في هذا الرأي الخبير زيك الذي يشدد أيضا على أهمية إشراك رجال ونساء ينشطون في رعاية الحوار بين المواطنين واللاجئين أيضا. هذا بالإضافة إلى ضرورة تقديم دعم سياسي.
وزير العدل يشعر بالخزي
بعد إعلان وزارة الداخلية عن ارتفاع عدد الهجمات على الاماكن المخصصة لايواء اللاجئين إلى الضعف ليصل إلى 150 هجوما في النصف الاول من هذا العام قال وزير العدل الألماني الاتحادي هايكو ماس يوم الثلاثاء "أشعر بالخزي لمظاهر الكراهية تجاه الاجانب في شوارع المانيا". كما شدد ماس في حوراه مع صحيفة "بيلد" الألمانية أنه الي جانب "المخاوف غير العقلانية وما يحدث من عنف ضد اللاجئين في ألمانيا" فانه لمس ايضا فيضا من مشاعر التعاطف معهم في المعاناة. إذا أظهر استطلاع للرأي في أبريل/ نيسان أن 50 بالمائة من الالمان يودون أن تستقبل ألمانيا المزيد من اللاجئين".
من جهة أخرى رفض رئيس حكومة ولاية بافاريا، هورست زيهوفر انتقادات وزير العدل الألماني هايكو ماس تجاه سياسة اللجوء التي ينتهجها الحزب المسيحي الاجتماعي بولاية بايرن. وكان زيهوفر قد أعلن السبت الماضي عن اتخاذ "إجراءات صارمة" لمواجهة اللاجئين القادمين من جنوب شرق أوروبا بسبب الارتفاع الكبير في عدد الوافدين من هؤلاء اللاجئين، والذين لا يتم الاعتراف بهم كطالبي لجوء. هذا الاختلاف في وجهات نظر السياسين الألمان في التعامل مع موضوع اللجوء، قد يؤدي إلى المزيد من الاحتقان الشعبي وربما إلى حدوث اعتداءات جديدة.