القصف الإسرائيلي يفاقم الأوضاع الإنسانية المتدهورة في غزة
١٦ مايو ٢٠٢١يصدر سلاح الجو الإسرائيلي أحيانا تحذيرات بشأن أهداف غاراته في غزة لافساح الوقت للمدنيين للإختباء والهروب، لكن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي يقول إن هذا الأمر لم يكن ممكنا عندما استهدفت الغارات الجمعة الماضية أهدافا قال مسؤولون إسرائيليون إنها تابعة لشبكة أنفاق لحركة حماس.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ 2007، تتعمد في وضع منشآتها العسكرية بين مواقع مدنية من أجل دفع الجيش الإسرائيلي إلى إعادة النظر في شن غارات في مناطق يتواجد فيها مدنيون، حسبما تقول إسرائيل.
ومنذ الإثنين الماضي، سقط قرابة 3000 صاروخ على إسرائيل، وفقا للجيش الإسرائيلي الذي يقول إن معظم هذه الصواريخ تُطلق من مناطق مدنية في قطاع غزة.
وعلى غرار جولات التصعيد السابقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة مجددا على وقع الغارات الإسرائيلية الأخيرة.
ووفقا لإحصائيات الأمم المتحدة، فإن أكثر من 10 آلاف شخص في قطاع غزة تركوا فعليا منازلهم خوفا من تعرض حياتهم للخطر أو شن إسرائيل عملية عسكرية برية وشيكة ضد القطاع.
8 قتلى من عائلة واحدة
وما يفاقم وضع اللاجئين في قطاع غزة على وجه الخصوص مقارنة بوضع اللاجئين في مناطق الصراعات الأخرى في العالم هو افتقاد اللاجئين في غزة لأي طريق للهروب بسبب السياج الأمني على طول حدود القطاع.
وبدون تصريح من إسرائيل أو من مصر، لا يمكن لأي شخص أن يغادر قطاع غزة الذي تبلغ مساحته 360 كيلومترا مربعا فقط.
وإزاء ذلك، أقدمت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) على تحويل 16 مدرسة من المدارس التي تديرها في غزة إلى ملاجئ طارئة في غضون وقت قصير لاستيعاب النازخين من المدنيين في غزة مع استمرار الغارات الإسرائيلية.
وفي مقابلة مع DW، قال ماتياس شمالي، مدير عمليات الأونروا في قطاع غزة، إنه كان على عاتق وكالة الأونروا في بداية الأزمة دعم الناس على الأرض كمهمة أولى.
وأضاف "سنفعمل ما بوسعنا من أجل تقديم الدعم الضروري والأساسي للنازحين داخل قطاع غزة".
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة قد ارتفعت مساء الأحد إلى 192 قتيلا منذ الإثنين الماضي.
ووفقا لعمال إغاثة في غزة، فإن عشرة فلسطينيين بينهم ثمانية أطفال من عائلة واحدة قتلوا في الساعات الأولى من السبت الماضي جراء قصف إسرائيلي على بناية في مخيم الشاطئ للاجئين غرب غزة. وقال والد أربعة من الأطفال الثمانية إن "أبناءه قتلوا فيما كانوا يرتدون ملابسهم الجديدة لمناسبة عيد الفطر. لم يكونوا يحملون أسلحة أو يطلقون صواريخ".
ووفقا لوزارة الصحة الفلسطينية، فإن 58 طفلا قتلوا في الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة منذ بدء التصعيد. وفي المقابل، أسفرت الصورايخ التي سقطت على إسرائيل عن مقتل عشرة إسرائيليين منذ الإثنين الماضي.
شح السلع
وأدت الغارات الإسرائيلية إلى تعقيد عمل منظمات الإغاثة في غزة والتي يعتمد عليها الكثير من السكان المدنيين في القطاع.
ففي عام 2019، وفقًا لتقييم أجراه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) فإن 75 بالمائة من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 1.6 مليون نسمة يعتمدون على مساعدات غذائية فيما يعاني القطاع من عدم توافر لثلث الأدوية الأساسية.
وتعد الكهرباء ومياه الشرب من المواد النادرة في القطاع فيما لم يصل إلى القطاع شحنات وقود منذ العاشر من مايو /آيار الجاري بسبب إغلاق المعابر الحدودية مع إسرائيل بشكل كامل. ويعاني القطاع من نقص في السولار الضروري لسيارات الإسعاف ومولدات الكهرباء وغيرها من خدمات.
وفي مقابلة مع DW، قال ماتياس شمالي، مدير عمليات الأونروا في قطاع غزة، إنه لا يزال هناك إمدادات غذائية كافية.
بيد أن المسؤول الأممي أعرب عن قلقه إزاء ذلك مع استمرار التصعيد، مضيفا "إذا فر الناس من منازلهم وأرغموا على البقاء في ملاجئ طارئة أو مع أقاربهم. فإن الماء أيضا سيصبح أيضا مادة نادرة على نحو سريع".
ويشير شمالي إلى أن تداعيات الحظر الذي تفرضه إسرائيل على غزة والممتد منذ 14 عاما والتظاهرات الحدودية التي شهدها قطاع غزة ما بين عامي 2018 و2019 وحاليا وباء كورونا، قد تجاوزت حاجة قطاع غزة الماسة إلى مساعدات عاجلة.
ويضيف أن سكان قطاع غزة سيكونون في حاجة إلى دعم نفسي أكثر من أي وقت مضى.
وأضاف "يتعين علينا ألا نغفل هذا الأمر. إذ عاش الآلاف من الأشخاص في ملاجئ، فستندلع أعمال عنف قائمة على الجنس وسيعاني الأطفال من اضطرابات وإجهاد. لذا يتعين علينا أيضا التفكير في الاضرار النفسية والعقلية المترتبة على هذه الأزمة".
بدء انحسار موجة كورونا الثانية
وفاقمت أزمة وباء كورونا من الوضع الإنساني لسكان قطاع غزة في ظل نقص الامكانيات والمساعدات الطبية. وبدء القطاع في مواجهة الموجة الثانية من وباء كورونا مع ظهور السلالة الجديدة المتحورة من فيروس كورونا التي ظهرت لأول مرة في المملكة المتحدة.
تزامن هذا مع بدء حملات التطعيم، لكن وتيرة التطعيم منخفضة جدا إذ لم يحصل سوى 5 بالمائة من سكان المناطق الفلسطينية على اللقاح فيما حصل 60 بالمائة من سكان إسرائيل على الأقل على الجرعة الأولى من اللقاح.
ووفقا لمنظمة أطباء بلا حدود، فإن إصابات فيروس كورونا في قطاع غزة شكلت 60 بالمائة من إجمالي الإصابات في المناطق الفلسطينية حتى مطلع مايو / آيار رغم صغر المساحة الجغرافية والتعداد السكاني للقطاع مقارنة بالضفة الغربية.
ويتم تسجيل ألف إصابة جديدة بفيروس كورونا بشكل يومي فيما كانت المستشفيات مكتظة بالفعل قبل بدء التصعيد الإثنين الماضي.
وتزامن التصعيد مع ظهور مؤشرات على قرب انحسار الموجة الثانية من وباء كورونا في قطاع غزة. وفيما يتعلق بقدرة المستشفيات في غزة، قال ماتياس شمالي إن "الأمر بدأ وكأنه قابل للسيطرة عليه".
وأضاف "بحسب معرفتي فإنه يمكنهم علاج الحرجى لكن إذا استمرت الغارات وحدث هجوم بري، فإن المستشفيات ستصل إلى طاقتها الاستيعابية القصوى بشكل سريع جدا، وسيترتب على الأمر أزمة إنسانية شديدة الخطورة".
دافيد إيهل/ ع.م