القرنية الصناعية أمل الملايين لاستعادة بصرهم
٣١ أكتوبر ٢٠١٠تعتبر القرنية بمثابة نافذة للعين، وحين يصاب نسيجها الشفاف بخدوش أو أضرار تصعب الرؤية من خلالها ويمكن أن يفقد الإنسان بصره. وإصابة القرنية وتضررها هو من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى العمى. وبالنسبة لكثير من المصابين هناك أمل وحيد في استعادة قدرتهم على الرؤية، وهو الحصول على قرنية من أحد المتبرعين، لكن المشكلة أن هناك عدداً قليلاً جداً من المتبرعين بقرنيتهم، وينتظر الملايين حول العالم دورهم في الحصول على واحدة واستعادة بصرهم.
ولكن مشكلة ندرة القرنيات الطبيعية يمكن أن تحل قريباً، إذ هناك أمل في إيجاد بديل للقرنية الطبيعية، حيث يقوم فريق من الأطباء السويديين والكنديين بإنتاج وتطوير قرنية صناعية في المختبر جربوها بنجاح على مجموعة من المرضى.
الملايين ينتظرون
وتتألف هذه المجموعة التي تطوعت لتجريب القرنية الصناعية عليها من عشرة سويديين، يشكون من نفس المشكلة وهي أنهم كادوا يفقدون بصرهم تماماً ويصابون بالعمى نتيجة تضرر قرنيات عيونهم، وأحد هؤلاء أصيبت قرنيته بعد حادث سير، والآخرون يعانون من أمراض أصابت قرنياتهم.
وكل أعضاء هذه المجموعة من المرضى الذين كانون ينتظرون دورهم في الحصول على قرنية من أحد المتبرعين، ولكن فرصتهم ضعيفة في الحصول على قرنية، وفي هذا السياق يقول البروفسور بير فاغرهولم، الأخصائي في طب العيون بالمشفى الجامعي في مدينة لينكوبينغ السويدية: "المشكلة الرئيسية هي صعوبة الحصول على قرنية بشرية، إذ ليس هناك عدد كاف من المتبرعين بقرنيتهم، وتشير الإحصائيات إلى إصابة 10 ملايين بالعمى لعدم وجود عدد كاف من القرنيات".
إذن فالحصول على القرنية مسألة حظ، وهو ما لا تريد مجموعة المرضى العشرة هذه انتظاره، لذلك تطوعوا لتجربة القرنية الصناعية الجديدة عليهم، والتي سيزرعها البروفسور فاغرهولم في عيونهم، ويصفها بأنها:"قرنية شفافة، وتبدو كالعدسة اللاصقة".
وقد طور الأطباء الكنديون هذه القرنية في تسعينات القرن الماضي، وهي مثل الطبيعية تتألف من مواد مختلفة تشكل التركيبة البروتينية لنسيج القرنية، وقام العلماء بزراعة المواد التي تتألف منها القرنية الطبيعة في المخبر، فالخيوط البروتينية يمكن للمرء أن يحولها إلى نسيج ومن ثم زراعة هذا النسيج في العين.
تكييف مع الجسم أسرع من القرنية الصناعية البديلة
وقد قام البروفسور فاغرهولم مع فريقه من الأطباء وعلى مدى أعوام بمراقبة دقيقة للقرنية الصناعية، وجربوها على الأرانب والكلاب وصغار الخنازير. وفي خريف عام 2007 قام بزارعة أول قرنية صناعية في عين أحد المرضى العشرة، ويعلق على نتيجة العملية قائلاً: "استطعنا متابعة عملية شفاء العين بشكل منتظم، وقد رأينا كيف تقوم الخلايا بالتموضع في نسيج القرنية الصناعية وكيف نمت الأعصاب، وبهذه الطريقة نشأت قرنية جديدة سليمة".
وبعد ستة أسابيع كانت القرنية الصناعية الجديدة قد تشكلت وأخذت مكانها في العين، في حين تستغرق هذه العملية نحو عام لدى زراعة قرنية طبيعية، إذ أن: "تركيب نسيج القرنية الصناعية يسرع عملية الشفاء، وخلايا قرنية المريض نفسها تموضعت في نسيج القرنية الصناعية، وبالتالي لم تدخل خلايا غريبة إلى عين المريض، كما هو الحال لدى زراعة قرنية طبيعية".
وبما أن المواد التي تتشكل منها القرنية الصناعية، لا تتضمن خلايا غريبة فإن الجسم لا يرفضها؛ وهذا يعد امتيازاً حسب رأي البروفسور فاغرهولم الذي قام طوال عامين بمتابعة مرضاه. بعد العملية مباشرة التهبت عيونهم بدون أن تكون هناك أعراض جانبية أخرى للقرنية الصناعية الجديدة، كما أن قوة بصر ستة منهم قد تحسنت بشكل جيد.
وفي النهاية استطاع المرضى الذين حصلوا على القرنية الصناعية أن يستعيدوا قدرتهم البصرية بنفس النسبة تقريباً التي استعادها من يحصلون على قرنية طبيعية. ومن الممكن خلال خمس أو ست سنوات أن يتم استعمال القرنية الصناعية بشكل واسع وبكميات كبيرة في العالم كأي دواء أو طريقة معالجة عادية معروفة في عالم الطب. وهناك الكثير من المرضى الذين لا يرغبون في انتظار سنوات أخرى، ويريدون الحصول على فرصة للمشاركة في العمليات التجريبية لزراعة القرنية الصناعية.
الكاتب: ماريكي ديغن/ عارف جابو
مراجعة: عبده جميل المخلافي