القافلة البيئية في تونس - مشروع لنشر الثقافة البيئية لدى الأجيال الناشئة
١٣ أبريل ٢٠٠٩أقيم في تونس مشروع "القافلة البيئية" بالتعاون مع الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي ووكالة التعاون الفني الألماني GTZ، بهدف نشر الثقافة البيئية والثروات الطبيعية لدى الأجيال الناشئة. وتمثل المشروع في قافلة بيئية تزور المدارس الابتدائية والإعدادية في مختلف مناطق البلاد من أجل إطلاع تلاميذها على أهمية الحفاظ على البيئة وإثارة اهتمامهم بالتحديات البيئة والمناخية التي تواجه بلدهم. ويعد هذا المشروع الأول من نوعه ليس في تونس فحسب، بل وعلى الصعيد الأفريقي أيضاً.
ويهدف هذا المشروع إلى تغيير سلوكيات الأجيال الناشئة في تونس تجاه البيئة من خلال حملات توعية مختلفة، تنعكس نتائجها على المدى البعيد حسبما أكد فولفغانغ مورباخ، مدير البرنامج الألماني للبيئة في تونس في حديث لدويتشه فيله.
"القافلة البيئية- أنا معكم"
المشروع عبارة عن حافلة كبيرة رسم على جانبها منظر حديقة زاهية الألوان دلالة على بيئة سليمة.وتم تجهيز هذه الحافلة بألواح الخلايا الشمسية وأجهزة كمبيوتر. ويتم استخدام الحافلة كقاعة لإلقاء الدروس على التلاميذ أو لعرض الأفلام التي تظهر المشاكل البيئية، التي تعاني منها تونس كظاهرتي الانجراف والتصحر مثلاً، إضافة إلى ذلك يمكن للزوار أن يشاهدوا في داخل الحافلة مجسماً صغيراً لتصفية مياه المجاري وصندوق نفايات، خُصص لتوضيح عملية تحويل النفايات العضوية إلى أسمدة طبيعية.
ولاستقبال تلاميذ المدارس تُنصب خيام، تنظم فيها ورش عمل حول الثروات المائية وكيفية الحفاظ عليها وحول التنوع البيولوجي، وحول طرق معالجة مياه المجاري من أجل استخدامها مرة أخرى في ريّ الحقول والمزارع مثلاً. كما تُقام ورشة عمل حول كيفية تحويل الفضلات العضوية المنزلية إلى أسمدة، تتم الاستفادة منها في مجال الزراعة.
من التلاميذ إلى التلاميذ
على صعيد آخر، يعمل منظمو القافلة البيئية على خلق علاقة بين الجمعيات المحلية المعنية بحماية البيئة وبين تلاميذ المدارس التي تزورها القافلة. وبمساعدة هذه الجمعيات يتم تحفيزهم على إنجاز مشاريع من التلاميذ إلى التلاميذ كحملات غرس الأشجار والنباتات في حديقة المدرسة، فالمشروع لا يهدف إلى تلقين هؤلاء التلاميذ دروساً تقليدية في الجيولوجيا أو المناخ أو البيئة، بل إلى دفعهم للتفاعل مع الجهود الرامية للحفاظ على البيئة، كما ترى إيمان اللواتي، المكلفة بتنسيق على مشروع "القافلة البيئية". وتضيف اللواتي أن قابلية التلميذ لتعلم أشياء جديدة بتلك الطريقة تكون أكبر، كما أن المعلومات ترسخ بشكل أفضل.
"التعلم عبر الممارسة والتفاعل"
والمشروع، الذي اتخذ من عبارة "التعلم عبر الممارسة والتفاعل" شعاراً لها، يحاول إشراك التلاميذ الذين تتراوح أعمارهم بين تسعة وأربعة عشر عاماً في الحفاظ على البيئة وعلى الثروات الطبيعية لبلدهم. ويرى مارباخ أن هذه الفئة العمرية بالذات لم يكن وليد الصدفة، إذ يقول في هذا الإطار: "إن التلميذ، الذي يتعلم سلوكيات جيدة تهدف للحفاظ على البيئة، ينقل ما تعلمه في المدرسة إلى البيت. فإذا تعلم مثلاً فصل النفايات في المدرسة، فإنه سيحرص في البيت على عدم إلقاء القناني البلاستيكية في غير الأماكن المخصصة لها، وإنما في الحاويات الخاصة بإعادة تدويرها".
ويبدو أن مشروع "القافلة البيئية"، الذي أنطلق في منتصف العام الماضي، بدأ يأتي أكله. وهذا ما يمكن استخلاصه من حديث التلميذة رملة بن رمضان، التي تقول في مجمل كلامها عما تعلمته خلال زيارة الحافلة لمدرستها، إنها كانت من قبل لا تولي اهتماماً كبيراً لترشيد الثروات المائية، فقد كانت تهدر الكثير من المياه خلال الاستحمام أو ترك صنبور المياه مفتوحاً عن تنظيف أسنانها. وتنتهي رملة بالقول إنه بات في إمكانها أن تعي أهمية ترشيد استخدام المياه، خاصة وأن هذه الثروة محدودة جداً في بلادها.
الكاتبة: شمس العياري
تحرير: عماد م. غانم