الفيلم العربي يحل ضيفا على مدينة ميونخ الألمانية
٢٤ يونيو ٢٠٠٩بعد جولة شملت مدينتي لايبسيغ وفايمر في شرق ألمانيا ومدينة كيل في شمالها وبون في غرب البلاد يحل الفيلم العربي ضيفاً على مدينة ميونخ في أقصى الجنوب الألماني. ففي إطار أسبوع الفيلم العربي في ميونخ، الذي يمتدّ من الثامن عشر إلى الرابع والعشرين من شهر يونيو/ حزيران، تعرض ثمانية أفلام عربية من مختلف الدول العربية، ابتداءً من الأردن مروراً بمصر وانتهاءً إلى المغرب. وعلى الرغم من أن الأفلام المصرية والجزائرية حظيت بنصيب الأسد من عدد الأفلام المشاركة، إلا أن عددا من الأفلام العربية الأخرى من فلسطين والمغرب سجلت هي الأخرى حضوراً متميزاً واستقطبت عدداً كبيراً من هواة الفن السابع ومن الراغبين في التعرف على الثقافة العربية.
الثقافة جسر للتعارف بين الحضارات
انبثقت فكرة مشروع أسبوع الفيلم العربي، الذي تموله وزارة الخارجية الألمانية ويشرف على تنظيمه المركز الدولي للتدريب والتطوير المهني (إينفينت) ومعهد غوته للغة الألمانية، عن فكرة جمعية أورينت eurient e.V المعنية بربط جسور ثقافية مع العالم العرب، وتعد جمعية "أورينت"، التي تشتق اسمها من الكلمتين الألمانيتن "أوروبا" و"الشرق"، من المؤسسات الألمانية التي تعمل على إقامة روابط ثقافية مع العالم العربي وتوثيقها من خلال عدد من الفعاليات والمهرجانات الثقافية. وتسعى جمعية أورينت، التي تتخذ من مدينة لايبزيج الألمانية مقراً لها، إلى تعريف الجمهور الألماني على الأدب والفن العربيين.
وتعرض خلال أسبوع الفيلم العربي في ميونخ أفلام حديثة العهد على غرار الفيلم الفلسطيني "ملح هذا البحر" (2008) وأخرى نالت شهرة كبيرة مثل فيلم "تحيا الجزائر" (2004)، إضافة إلى أفلام وُصفت على أنّها مثيرة للجدل على غرار الفيلم المصري "عمارة يعقوبيان" (2006) والفيلم المغربي "ملائكة الشيطان" (2007). وتتخلل هذه الأفلام عروض لعدد من الأفلام القصيرة المصرية على غرار فيلم "الأسانسير" (المصعد) (2004) للمخرجة المصرية هديل نظمي، والتي كانت قد تعرضت لانتقادات حادة من قبل الصحافة المصرية بتهمة الإساءة للإسلام.
أعمال درامية ونظرة ناقدة على المجتمع
وحول اختيار هذه الأفلام بالذات لعرضها خلال أسبوع الفيلم العربي يقول إيدغار بلومه من جمعية أورينت الألمانية في لقاء مع دويتشه فيله إن المنظمين قد اختاروا الأفلام التي تعالج قضايا سياسية تتجاوز الحدود الإقليمية على غرار فيلم "ملح هذا البحر"، الذي يتطرق إلى قضية الشرق الأوسط والصراع الإسرائيلي الفلسطيني. كما يسلط الضوء على أفلام ناقدة تتناول اجتماعية من مسكوت عنها في المجتمعات العربية على غرار فيلمي "تحيا الجزائر"، الذي يتطرّق إلى وضع المرأة في الجزائر في ظلّ تزايد تأثير الدين الإسلامي على المجتمع وعلى منظوره للمرأة ولقضايا عدّة كالتحرر والمثلية الجنسية.
لكن المُنظمين حرصوا أيضا على التركيز على إبراز قضايا الشباب العربي وتطلعاته المستقبلية ومشاغله الراهنة من خلال أفلام ناقدة الفيلم الجزائري "بركات" (2006) أو الفيلم الأردني "كابتن أبو رائد" (2007). أمّا عن مدى تفاعل الجمهور الألماني مع الأفلام العربية فيقول إيدغار بلومه إن هذا التفاعل كان جيداً بصورة عامة مشيراً إلى إعجاب رُواد السينما بعدد من الأفلام العربية المعروضة وبطريقة تناولها لقضايا حساسة، تكسر الأنماط التقليدية والمألوفة كالفيلم الفلسطيني "ملح هذا البحر".
الفيلم وسيلة تواصل ثقافية ونافذة على المجتمع
ولفت بلومه إلى أن هذا الفيلم بالذات قد استقطب عدداً كبيراً من المتفرجين الألمان، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن ذلك يعود إلى موضوع الفيلم، الذي يسلط الضوء على قضية الشرق الأوسط من زاوية مختلفة، خاصة وأن صور الأزمة الأخيرة مازالت حاضرة في أذهان العديد من الألمان. كما شدت الأفلام الجزائرية انتباه المشاهدين، خاصّة وأنها تركز على وضع المرأة الجزائرية بصفة خاصة والمرأة العربية عموماً وتشير إلى مواضيع ماتزال حساسة جدا في المجتمعات العربية والإسلامية المحافظة.
وعلى الرغم من أن جولة أسبوع الفيلم العربي قد اقتصرت على خمس مدن ألمانيا فقط، إلا أن إيدغار بلوم أكد على أن جمعيته، التي كانت قد نظمت أسبوع الفيلم العربي في مدينة لايبزيج لدورتين قبل توسيعه إلى مدن أخرى، تؤمن بدور الفيلم في مد جسور الحوار بين الثقافات المختلفة. وأشار بلوم إلى أن بعض الصراعات أو الأفكار المسبقة عن ثقافة أو حضارة أخرى إنما تكمن جذورها في عدم معرفة الآخر وجهل مشاغله ورؤاه. وعليه يشدد بلومه على أن الفيلم وسيلة تواصل وتعارف ما تزال تستقطب الكثير من المشاهدين، حتى أولائك الذين لا يهتمون بالعالم العربي، مشيراً إلى الجانب الترفيهي الذي تقدمه هذه الأفلام، إلى جانب الطابع الفني وتلك النافذة التي تقدمها للجماهير للتعرف من خلالها على الآخر، من شأنها أن تشكل مرآة لبعض مشاغل المجتمعات العربية .
الكاتبة: شمس العياري
تحرير: عماد م. غانم