السعودية ضيف 2015 في معرض القاهرة للكتاب
٤ فبراير ٢٠١٥توزع داخل جناح السعودية في معرض القاهرة الدولي للكتاب ملصقات للمسجد النبوي، ويصل عدد دور النشر الرسمية والأهلية في الجناح حوالي 72 دار نشر، كما تخصص قاعة لعرض مجسمات لحرمي مكة والمدينة، في قاعة تغطى جدرانها بألوان تحاكي كسوة الكعبة.
جلس مدرس اللغة العربية محمد حسين أمام جناج السعودية، وإلى جواره عدة حقائب بلاستيكية تحتوى على كتب، ويقول لـ DW عربية: "الجناح يتسم بالنظافة والانضباط المعتاد من المشاركة السعودية". كما يعتبر حسين أن المملكة تركز هذا العام على إبراز الطابع "السعودي للحياة، ويوضح ذلك بقوله: "تنتشر صور تبرز الأبنية القديمة. كما أن صور استقبال الملك المصري فاروق للملك عبد العزيز آل سعود في قصر عابدين تبرز مدى التقارب بين نظامي الحكم وقتها".
وتعكس صور أخرى داخل الجناح السعودي، حفاوة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ويعلق حسين على ذلك بقوله: "قد تكون هناك أسباب سياسية للاختيار، لكن ذلك لا ينفي أن السعودية تستحق أن تكون ضيفا للشرف كل عام". أما المهندس غريب إبراهيم، فلم يهتم بما يقدمه الجناح، ويقول لـ DWعربية: "مصر ترد دعم السعودية لها بمكافأة ثقافية، خاصة أن دولة الكويت كانت ضيف الشرف بالدورة السابقة من المعرض، لهذا فضلت التوجه لدور نشر محددة بدلا من دخول جناح المملكة".
كان أحمد زغلول (مهندس معماري) يتجول بين أروقة الجناح لشراء الكتب، ويجرى المكالمات ليحضر كتباً لأصدقاء لم يأتوا للمعرض. وحينما تسأله DW عربية عن تقييمه للمشاركة السعودية، يبدى زغلول دهشته: "لم أكن أعرف أن السعودية ضيف الشرف. لم ألمح أي إشارة، وإن كانت تستحق ذلك فعلماء المملكة في غاية التميز، وبالتحديد الشيخ صالح المنجد، وابن عثيمين". كما يعتبر أحمد أن هناك فهما خاطئا للفكر السلفي الوهابي، مثل القول بدعوته للعنف ويوضح: "حينما قرأت لابن باز ومحمد بن عبد الوهاب وجدت أن أغلب ما يقال عن هذا الفكر غير صحيح، مثلما كنت أسمع أن كتابات الراحلة رضوى عاشور تدعو للعلمانية مثلا، وأتضح عدم صدق ذلك بعدما قرأت رواياتها".
مصالح سياسية على حساب الثقافة
من جانبه يعتبر الكاتب والمترجم أحمد شافعي، أن الإحتفاء بالسعودية في معرض القاهرة لم يكن إلا "لأسباب سياسية"، ويقول لـ DW عربية : "لا يوجد مانع أن ترعى الدولة المصرية مصالحها السياسية، لكن هيئة الكتاب، الجهة المنظمة للمعرض، يفترض أنها تحتفي بالثقافة فقط وألا تفكر وكأنها من أدوات الدولة السياسية كوزارة الخارجية مثلا". يرى شافعي أنه كان من الأفضل أن يتم اختيار دولة ذات منجز ثقافي كبير، ويوضح: "مقارنة مشاركة السعودية مع دول أخرى كانت ضيفاً للشرف قبل عدة دورات لن يكون في صالح المملكة، مثل ألمانيا أو روسيا. خاصة أن المملكة من ناحية المنجز الثقافي ليست ذات ثقل، ومن الصعب أن تجد كاتباً سعوديا يلفت الانتباه وتصدر أعماله عن دور نشر خارج بلده".
داخل جناح ضيف الشرف تأتي مشاركة دار الرواية، والتي تقدم أحدث روايات وقصص الأدب السعودي. أغلب الكتّاب حازوا الجوائز الأدبية داخل المملكة، لكن الدار مقرها لندن، ويقول شافعي: "بشكل عام تعتبر المشاركة فرصة نيّرة ليقدم ضيف الشرف للمثقف المصري أهم إصدارتها على الإطلاق مثل طبعاتها الفخمة للقرآن الكريم أو تفسير إمام المدينة المنورة ابن مالك".
"مجاملة" لم تستغل بشكل جيد
بينما يعتبر الناشر والكاتب محمد ربيع أن أن هناك بعض الشروط الواجبة لاختيار ثقافة ما كضيف شرف، وهذه الشروط لا تتوافر في الثقافة السعودية، ويقول لـ DW عربية: "يفترض أن يقدم الضيف إضافة نوعية لصناعة الكتاب المصري ونشره، أو التعريف بشكل أوسع بثقافته. وما نعرفه عن الوضع في المملكة أن هناك محاذير غير مكتوبة يجب ألا يتجاوزها الكُتّاب". كما يشير ربيع إلى أن هذه المشاركة لن تساهم في تقديم صورة جديدة عن المجتمع بالمملكة، كما لن تساهم في زيادة حركة بيع الكتب، ويقول: "الأمر لا يزيد عن كونه مجاملة للسعودية لدعمها لعبد الفتاح السيسي، لكنها لم تُستغل بشكل جيد، وكأن حضورها لا يحمل الجديد لزوار المعرض".
بينما تتواجد كتب ابن العثيمين وابن باز، داخل الجناح الرسمي، تنتشر بقاعات أخرى من المعرض كتب تتبني الفكر الوهابي المحافظ، لكنها لشيوخ غير رسميين، وبعضها يصدر عن دور نشر مصرية تهتم بالكتاب السلفي ليكون كل من التمثيل الرسمي وغير الرسمي جزءا من نسيج واحد ينتشر بالمعرض. وهذه النوعية من الكتب لا تهم المثقف المصري، حسبما يؤكد ربيع، في حديثه مع DW عربية.