الفائز بجائزة البوبز: " صوري غيّرت مواقف الناس"
٧ مايو ٢٠١٤من بين آلاف المرشحين لمسابقة البوبز العالمية للمدونات تمكن المصري مصعب الشامي من الفوز بجائزة هذا الموسم عن مدونته التي خصصها لتصوير وتوثيق الأحداث التي تعيشها مصر منذ انطلاق ثورة 25 يناير وحتى اليوم. التدوين لدى هذا الشاب انتقل من شغف وهواية شخصية إلى مسؤولية.
في هذا الحوار يعرض مصعب جزءا من تجربته كمدون تحدى المخاطر والصعاب ليوثق ما يمر به بلده من خلال صور تداولت جزءا منها وسائل إعلام دولية. ورغم صغر سنه (23 سنة) نجح مصعب في أن يخلق نوعا جديدا من النقاش حول الأحداث في مصر من خلال صوره غير العادية.
DWعربية: كيف بدأت التدوين، وهل كانت هناك لحظة معينة دفعتك إلى هذا المجال؟
مصعب الشامي: رحلتي مع التدوين بدأت خلال الثورة المصرية، واللحظة دفعتني إلى التدوين هي تحديدا انطلاق الثورة ففي ذلك الوقت شعرت بمسؤولية كبيرة على كاهلي، كان يجب أن أستغل هذه الفرصة لأقوم بتصوير وتوثيق المظاهرات والاشتباكات وكل الأحداث التي تشهدها مصر منذ ذلك الوقت، إذن فالدافع الرئيسي هو أن أشارك الناس ما كنت أدونه وأن أجد مساحة لنشر الصور التي كنت ألتقطها. أنا أعتبرها لحظة مهمة جدا على المستوى الشخصي، فقد كانت أول مرة في حياتي أنزل فيها إلى الشارع لأقوم بتوثيق أحداث بهذه الأهمية، وكنت أحتاج إلى فضاء أنشر فيه هذا العمل الذي كنت أقوم به وهكذا أطلقت مدونتي كما أطلقت أيضا صفحات خاصة بي على مواقع التواصل الاجتماعي وهناك كنت أنشر الصور التي ألتقطها ومع مرور الوقت لاحظت أن الناس يهتمون بها ويقبلون عليها. إنها تجربة شيقة ومكثفة عشت فيها الكثير من الطلعات والنزلات.
ما هو هدفك الأساسي من التدوين، وما الذي تسعى إليه؟
هدفي الأساسي من التدوين كان شخصيا وهو أن أكون دائما على اطلاع على ما يحدث وأن يكون لدي تصور واضح لمجرى الأحداث في بلدي وأن أساهم في تدوين لحظات تاريخية وأنشر ما أدونه للناس.
في نظري هناك مسؤولية ملقاة على كل شخص لديه وسيلة أو إمكانية لنقل الأخبار وإيصالها للناس كما هي، ومن هنا ولدت دوافعي للتدوين فهو قبل كل شيء هواية وشغف لكنه أيضا واجب ومسؤولية إزاء الأوضاع التي تعيشها مصر خاصة أن الحقيقة أصبحت مفقودة ووسائل الإعلام التي تغطي الأحداث موجهة ومتحيزة وتخدم أجندات مختلفة، لهذا تحديدا أصبحت المدونات والإعلام البديل بشكل عام يكتسب أهمية كبرى.
كيف تستطيع الاقتراب من الناس الذين تصورهم في ظروف حساسة وصعبة كالتي تعيشها مصر؟
هناك درس تعلمته من خلال تجربتي مع التدوين وهو: صحيح أن آخر شخص يحتاجه الناس في مثل تلك الظروف الصعبة هو شخص يحمل آلة تصوير أو كاميرا، لكن مع إبداء هذا الشخص لتعاطفه وتفهمه لوضعية هؤلاء الناس ولأسباب تواجدهم هناك وصعوبة الظروف التي يعيشونها، يمكنه أن يكسب ثقتهم ويقنعهم بالتالي بأنه هناك لينقل معاناتهم ورأيهم وليس ليجعل منهم أبطالا ولا ليشوه صورتهم. أعتقد أن اقتناع هؤلاء الناس بذلك يجعلهم يثقون بالمدوّن و يسهلون عمله من خلال فتح المجال له بأن يقترب منهم وإن في لحظات صعبة وحساسة.
كيف تؤثر صورك على الناس؟
أعتقد أن تأثيرها بشكل عام إيجابي، فالصور تحديدا وعلى خلاف باقي المحتويات الإعلامية يصعب تزويرها وتصل بسرعة إلى الناس. أتذكر أني كنت أتلقى تعليقات من أشخاص لديهم موقف معارض للإخوان وكانوا لا يتعاطفون مع ما تعرضوا له حتى بعد مذبحة رابعة، ولكن بعدما شاهدوا صوري أصبحوا يقولون إنهم كانوا مخطئين وأنهم تألموا لمشاهد الموت التي رأوها بغض النظر عن مواقفهم من الإخوان وانتماءاتهم السياسية. وبالنسبة لي هو أمر مؤثر كثيرا على الصعيد الشخصي وأتشرف بأن أكون قادرا على تغيير مواقف أو أفكار معينة قد تكون في الكثير من الحالات خاطئة ومجحفة بسبب تأثيرات مختلفة وذلك فقط من خلال صورة ودون الدخول في نقاش أو محاولة التأثير على هذه المواقف.
من الجانب الآخر أيضا تلقيت تعليقات من أشخاص لم يكونوا معارضين لقتل المسيحيين المصريين في البداية كما حدث في أكتوبر الماضي في كنسية بولاق، لكن بعد رؤيتهم للأمهات الثكلى ولمشاهد الحزن في الجنازة التي وثقتها صوري تغيرت مواقفهم وشعروا بالألم بسبب ما شاهدوه بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والإيديولوجية. وبالنسبة لي هذا هو الهدف الأسمى: تغيير مفاهيم الناس ومواقفهم الخاطئة دون التدخل في ذلك للتأثير عليهم.
ماذا يعني لك حصولك على جائزة البوبز؟
بالنسبة لي ، الحصول على جائزة استطاعت على مدار سنين الحفاظ على رسالتها في تسليط الضوء على المدونات والمشاريع والمواقع غير الربحية شرف كبير ولحظة مهمة في مسيرتي. الجائزة بالتأكيد ستعطيني دفعة إلى أمام للاستمرار في تدوين وتوثيق ما يحدث في مصر بغض النظر عن توجهات الأطراف المتصارعة أو انتماءاتي الشخصية.أسعدني أن عملي تم الاعتراف به وتكريمه وهذا سيشجعني أكثر على العمل والمساهمة في خلق التغيير المطلوب في مصر.