الغرب يعود مجددا لـ "الخط الأحمر" إزاء الكيماوي في سوريا
٢٨ يونيو ٢٠١٧أثارت العودة إلى مفهوم "الخط الأحمر"تساؤلات بين خبراء الملف السوري. فبعد إعراب رئيسي فرنسا والولايات المتحدة عن استعدادهما لـ "رد مشترك" في حال حصول هجوم كيماوي في سوريا، أكد وزير الخارجية الألماني، زيغمار غابرييل، اليوم الأربعاء (28 حزيران/تموز 2017) أنه من المهم منع استخدام أي أسلحة كيماوية هناك.
وكانت واشنطن وباريس أعلنتا أمس الثلاثاء عن استعدادهما للتدخل بطريقة منسقة رداً على أي هجوم كيماوي للسلطات السورية، وذلك بعد أن أعلنت الإدارة الأميركية أنها رصدت استعدادات "محتملة" في هذا الاتجاه وخلصت إلى وجود نشاط مشبوه في قاعدة الشعيرات.
أوباما وخطه الأحمر
وكانت باريس وواشنطن توعدتا بأن "تعاقبا" معاً السلطات السورية غداة هجوم كيمياوي في آب/أغسطس 2013 أدى إلى مقتل أكثر من 1400 شخص بغاز السارين قرب العاصمة السورية، لأن النظام يكون بذلك قد تخطى "الخط الأحمر" الذي رسمه الرئيس السابق باراك أوباما. لكن أوباما تراجع في اللحظة الأخيرة ورمى الكرة في ملعب الكونغرس قبل إبرام اتفاق مع روسيا لتفكيك ترسانة سوريا من الأسلحة الكيميائية.
وشعرت فرنسا، التي لا تستطيع أن تتدخل عسكريا بمفردها في سوريا، بالمرارة بعد تخلي الحليف الأميركي عن تنفيذ تهديده. وباتت مسألة التراجع عن التهديد بالتدخل في حال تجاوز "الخط الأحمر"، علامة مهمة في النزاع السوري رأى فيها البعض بداية هزيمة للمعارضة السورية وانقلاباً للوضع لمصلحة النظام السوري وحليفيه الإيراني والروسي.
ترامب يقصف!
ومع ذلك، وبعد أربع سنوات، عاد مفهوم "الخط الأحمر" مجددا إلى مقدمة المشهد. ففي بداية نيسان/أبريل 2017 وبعد هجوم كيميائي مفترض أوقع 88 قتيلاً على الأقل في خان شيخون في شمال سوريا، قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إنه "تم تجاوز العديد من الخطوط" وشن هجمات على قاعدة الشعيرات الجوية وسط سوريا.
وفي نهاية أيار/مايو ولدى استقباله نظيره الروسي فلاديمير بوتين، تحدث الرئيس الفرنسي مجدداً عن "الخط الأحمر" وأكد أن باريس ستضرب سوريا، منفردة إن اقتضى الأمر، في حال استخدام السلاح الكيماوي.
"جعجعة كلامية" أم "رسالة لدمشق وطهران"؟
لكن مصدراً قريبا من الملف اعتبر أن الأمر لا يزيد عن "الجعجعة الكلامية" مشيراً إلى أنه "حتى في حال تنفيذ ضربات، وفرنسا يمكنها بالفعل تنفيذها منفردة، فإن الأمر سيكون أقرب مرة أخرى إلى تسجيل موقف أكثر منه إجراءات يمكن أن تقود النظام (السوري) إلى تغيير سياسته".
كما أن الصواريخ الستين من نوع توماهوك، التي أطلقتها واشنطن في نيسان/أبريل على قاعدة الشعيرات، لم يستتبعها تغيير جذري في المقاربة الأميركية للملف السوري. وكتب شارل ليستر الخبير في الشأن السوري "لن تكفي غارات تأديبية محدودة أو تصريحات قوية، لردع نظام قتل مئات آلاف الأشخاص". ويرى خبراء أن الغارات والتهديد بغارات أميركية فرنسية لا يستهدف تغيير موازين القوى في سوريا.
من جهته يرى الباحث كريستوفر فيليب أن الأمر لا يتعلق "بتهديدات جوفاء، لكن الأمر أقرب إلى رسالة إلى سوريا وإيران". وربما يدعم هذا الرأي ما قاله وزير الدفاع الأمريكي، جيم ماتيس أن سوريا استجابت فيما يبدو لتحذير واشنطن من شن أي هجوم جديد بالأسلحة الكيموية لأنها لم تقدم على هذه الخطوة.
وقال ماتيس للصحفيين المسافرين معه إلى بروكسل لحضور اجتماع لوزراء دفاع دول حلف شمال الأطلسي "يبدو أنهم أخذوا التحذير على محمل الجد... لم يفعلوه".
خ.س / أ.ح (أ ف ب، رويترز)