الغابات: صيدلية طبيعية من أجل صحة الإنسان؟
٢٧ مارس ٢٠١٢يوجد لدى إينغو إيسر، مدير مركز الغابات في منطقة آيفل الألمانية، طريقته الخاصة للحصول على ماء شجرة البتولا. فهو يقوم بحفر ثقب صغير بواسطة ماكينة الحفر الكهربائية في جذع الشجرة ثم يستخدم أنبوبا صغيرا لإيصال الماء من جذع شجرة البتولا إلى وعاء زجاجي. ويحتاج الوعاء إلى ساعة فقط ليمتلئ بحوالي نصف لتر أو ثلاثة أرباع اللتر من الماء. ويقول إينغو إيسر إن طعم ماء البتولا حلو بشكل يفوق طعم الماء العادي.
هذا وتوجد طريقة أخرى للحصول على ماء شجرة البتولا، وذلك عبر بَتر قطعة صغيرة من جذع الشجرة، وعندها يندفع الماء من الجذع. أما إذا كانت الشجرة يافعة، فيكفي قطع أحدِ أغصانها لكي تتساقط قطرات المياه. ويمكن لشجرة البتولا إنتاج من 150 إلى 200 لتر من الماء في فصل الخريف، علما أنه وبين شهري شباط/ فبراير وآذار/ مارس يندفع الماء من أعماق الأرض نجو جذع البتولا، ثم إلى أغصانها لدعم عملية النمو.
وإخراج الماء من شجرة البتولا تقليدٌ معروف بين العاملين في مجال الغابات الذين يدركون مدى فعاليته بالنسبة لصحة الإنسان، باعتبار أنه غني بالفيتامينات والأملاح. إضافة إلى ذلك يعتبر ماء شجرة البتولا وسيلة فعالة تساعد على نمو الشعر، ولذلك توجد في ألمانيا العديد من المواد المعالجة للشعر تحمل اسم ماء البتولا. ومن فوائد شجرة البتولا أيضا، أوراقها التي تُجفف وتُحضر على طريقة الشاي كشراب يعالج مرض الروماتزم.
منافع الغابات
وتربط إينغو إسر علاقة خاصة بالغابات، لأنه وكما يقول "يعيش في الطبيعة ومن الطبيعة"، ولهذا يرى الخبير أن على الإنسان "استغلال الغابات لضمان بقائه"، وهذا ما يريد إيضاحه لجمهور متحف فرايليشت الذي يديره، خصوصا الأطفال منهم. ويقدم للزائرين أمثلة عما يمكن إنتاجه اعتمادا على شجرة البتولا، كإناء مصنوع من أغصان الشجرة أو شراب العرق.
وفي سياق تقديمه للمنتجات التي صنّعها بنفسه، أخرج إيسر من محفظته وعاءً أبيض كبيرا مملوءا بأوراق الزيزفون. ويشرح إيسر أنه وبحكم التساقط الكثيف للأمطار في شهر حزيران/ يونيو، لم يتسن له جمع أوراق الزيزفون إلا خلال يومين فقط، وهي عملية عادة ما تكون مضنية ومعقدة، لكونها تتطلب وقتا طويلا وصبرا لكي لا تتقطع أوراق الشجرة وبالتالي تصبح غير صالحة للاستعمال. وبعد عملية القطف، تجفف الأوراق وتطبخ في الماء ليتم تناولها ضد مرض الزكام.
وبعدما انتهاء إيسر من شرح منافع أوراق الزيزفون، انتقل إلى حوض الفحم، قائلا إن "الفحم يستعمل اليوم لإعداد الطعام، في حين أنه وفي الماضي كان يتم تناوله كدواء ضد الإسهال". وأضاف أنه كان "يجبر أبناءه على تناول ملعقة من الفحم المطحون شاءوا أم أبوا".
الطبيعة والحياة العصرية
وأمام كل هذه المنافع التي أوردها إيسر، يبقى السؤال مطروحا لماذا أصبح الإنسان في وقتنا الحاضر يتجاهل أهمية الغابات؟ حول ذلك يرد إيسر أن الغابة لم تعد مصدر الحياة كما كان الأمر في السابق. ففي زمن الأزمات، كان الناس عادة يبحثون في الغابة عما يسد رمقهم، أو عن بدائل لمواد قل وجودها، كالقهوة التي كانت بسبب نفاذها تصنع من ثمرة البلوط .
ويؤكد إيسر أن الإنسان العصري لم يعد له متسع من الوقت أو الصبر للذهاب إلى الغابة وجمع أوراق الأشجار وغيرها لإعداد شاي أو دواء، في حين أنه بالإمكان إيجاد مواد مماثلة في أقرب سوبرماركت أو صيدلية. رغم ذلك، يؤكد إيسر أن الغابات ليست مكانا لممارسة الرياضة فحسب، وإنما أيضا لإيجاد العديد من المواد الطبيعية التي تفيد صحة الإنسان.
آنيا فينلي/ وفاق بنكيران
مراجعة: عبد الرحمن عثمان