العنصرية في ألمانيا.. أشكالها وأسبابها وكيف يمكن مكافحتها؟
٦ مايو ٢٠٢٢هل سبق أن كنت ضحية لموقف عنصري؟ حوالي 22 بالمائة من الذين يعيشون في ألمانيا، أجابوا على هذا السؤال بـ " نعم". يمكن معرفة ما يعنيه هذا الأمر للمتضررين من العنصرية بشكل أعمق عبر الدراسة التي أجراها المركز الألماني لأبحاث الاندماج والهجرة (DeZIM) والتي تركزت حول رصد حالات التمييز والعنصرية داخل المجتمع الألماني.
"نحن نعيش في مجتمع عنصري"
قبل مناقشة التفاصيل خلال عرض الدراسة في برلين، أشارت مديرة المعهد نايكا فوروتان إلى أهمية البحث في هذا الموضوع. فالمعرفة التجريبية حول مدى العنصرية في المجتمع الألماني "قليلة نسبيا" وأضافت لـ DW بأنه "لا يوجد أي كرسي تعليمي/ مركز دراسات داخل الجامعات الألمانية لأبحاث العنصرية".
وبالتالي فإن الدراسة التي احتوت على مقابلات مع حوالي 5 آلاف شخص يعيشون في ألمانيا بينت نتائج غير متوقعة أبدا لنايكا فوروتان وفريقها. وتوضح: "لقد فوجئنا حقا بأن هناك 90 بالمائة من المستطلعة أراؤهم يؤكدون وجود عنصرية في ألمانيا". كما فوجئ فريق البحث بعبارات متكررة في الاستطلاع تقول "نحن نعيش في مجتمع عنصري". وهذا يشير إلى تصور للعنصرية المؤسسية والهيكلية الموجودة داخل المجتمع، بحسب الباحثة الألمانية.
لون البشرة والشعر والحجاب والاسم
وتركزت الدراسة على ست مجموعات داخل المجتمع الألماني: اليهود والمسلمين والآسيويين والأوروبيين الشرقيين والسنتي والروما وكذلك على أصحاب الشرة السوداء. وبالتالي فإن معايشة التمييز لهؤلاء يمكن التعرف عليها من خلال لون البشرة والشعر، وأيضا من خلال المكونات الثقافية مثل ارتداء الحجاب أو الملابس المختلفة، أو حمل اسم أجنبي.
وفي الوقت نفسه، هناك ظواهر يسميها فريق الدراسة "تدرجات مرحلية" على سبيل المثال التمييز في سوق العمل أو السكن: "إذا كان الأمر يتعلق باليهود أو السود، يميل الناس إلى أن يكونوا أكثر استعدادا لملاحظته ووصفه بالعنصرية مقارنة بما لو حدث ذات التصرف مع السنتي والروما أو المسلمين". الوضع مشابه بالنسبة للمتضررين أنفسهم: "إنهم لا يتصرفون بشكل أقل عنصرية مع الآخرين"، كما تقول نايكا فوروتان.
العنصرية ليست مسألة تعليم ومنشأ
نتائج عامة أخرى بينتها الدراسة، وهو أن ممارسة سلوك تمييزي ضد الآخرين غير مرتبطة بمستوى التأهيل والتعليم. ويمكن كذلك أن يمارس ضحايا العنصرية سلوكا عنصريا مع غيرهم. وتوضح الباحثة "غالبا ما تكون هذه مسألة تسلسل هرمي، كما أنه توجد نتائج متشابهة مع بيانات الدراسات الجنسانية ( والتي تشمل الهوية والتوجه الجنسي والفروقات الجندرية)، فالعنصرية والتمييز على أساس الجنس موجودة بنفس الوتيرة"، بحسب الباحثة نايكا فوروتان.
وخلال عرض الدراسة، ذكّرت وزيرة الأسرة ليزا باوس بالهجمات الإرهابية على الكنيس اليهودي في هاله (ساكسونيا أنهالت) عام 2019 ومقهى للشيشة في هاناو عام 2020. الهجمات التي أسفرت وقتها عن العديد من الوفيات التي أثارت أسئلة استقصائية للسياسية من حزب الخضر: "لماذا تستمر العنصرية داخل المجتمع؟ وكيف يمكن الكشف عن العنصريةبشكل موثوق؟"
أغلبية كبيرة مستعدة للمشاركة في مكافحة العنصرية
على هذه الأسئلة المطروحة، لا تتوفر إجابات بسيطة وسريعة حاليا لدى فريق البحث، ولا حتى لدى الوزيرة باوس. بيد أنها ترى أن إقرار قانون خاص بهذا الشأن، يمكن أن يساهم في مكافحة هذه السلوكيات ويعزز الديموقراطية والتعددية في المجتمع. فبوجود هكذا قانون يمكن التعويل على حشد ومؤازرة شريحة واسعة من المجتمع ضد التطرف والعنصرية بشكل دائم، ويمكن الاعتماد على دعم كبير من السكان لتطبيقه.
ووفقا للدراسة، فإن 70بالمائة ممن استطلعت آراءهم أعربوا عن استعدادهم للانخراط في مكافحة العنصرية بطرق مختلفة. وفي الوقت نفسه، يرى ثلث الذين شملهم الاستطلاع أن ضحايا العنصرية "مفرطو الحساسية" ونصفهم تقريبا يعانون من "القلق غير الضروري".
والغرض من الدراسة المقدمة الآن هو أن يشكل هذا البحث أساسا لمزيد من التحقيقات والأبحاث المستقبلية. ومن المقرر إجراء رصد دائم لقياس التمييز والعنصرية في ألمانيا. حيث من المفترض أن تشهد الأوساط السياسة والعلمية والمجتمع المدني توفير رؤى هادفة وذات مغزى لمعرفة أسباب العنصرية المتفشية وتبيان عواقبها ومدى انتشارها. ولخصت وزيرة الأسرة ليزا باوس الأمر بقولها: "العنصرية موجودة في كل مكان.. إنها موجودة في وسطنا".
مارسيل فورستيناو/ علاء جمعة