291110 Aids Schutzimpfung
١ ديسمبر ٢٠١٠لا يوجد فيروس آخر جرت عليه أبحاث بذلك التركيز الذي جرت فيه على فيروس الإيدز، فمنذ اكتشافه في عام 1982 ينهمك الباحثون في شتى أنحاء العالم في تحضير لقاح ضد مرض فقدان المناعة المكتسبة، لكنهم لم يحققوا اختراقا حتى الآن على الرغم من مرور 28 سنة على البحث المكثف. ومع ذلك يمضي العلماء في جهودهم، فهم يعلمون أن التوصل إلى لقاح فعال سوف يساعد على وقف انتشار المرض على نطاق عالمي.
سبب الفشل حتى الآن في تطوير لقاح فعال
ومن بين الأسباب الرئيسية التي حالت حتى الآن دون تطوير لقاح ضد الإيدز ما هو كامن في طبيعة الفيروس نفسه، إذ لا يوجد فيروس واحد فقط لهذا المرض، وإنما عدد مختلف من الفيروسات، التي تتغير أشكالها باستمرار كما يقول البروفسور جيرد فيتغن هوير، المختص في الأمراض المعدية في جامعة كولونيا: " أحد هذه الأسباب كامن في الفيروس، لأن الفيروس يتحور باستمرار، ويغير بنيته، وتركيبه الجيني، وبالتالي يصبح من الصعب على جهاز المناعة مقاومته"
عندما يصاب شخص بالإيدز، يشكل جهاز مناعته مضادات حيوية تقاوم الفيروس، لكن هذه المواد لا تنجح في منع انتشاره في الجسم، كما يضيف فيتغن هوير: " كل مصاب وكل مريض لديه مضادات، وهي تقاوم الأمراض، لكنها لا تستطيع مقاومة فيروس الإيدز، إنما تبيّن فقط وجود العدوى"
لقد تمكن باحثون من تطوير مضادات اصطناعية مختبرية، أفضل من المضادات الطبيعية، وهي تحمي من عدد كبير من فيروسات الإيدز، وتمنع أيضا تغلغل الفيروس إلى الخلايا ونقل العدوى إليها، لكن ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كانت هذه المضادات فعالة خارج المختبر، وبالتالي ما إذا كانت قادرة على حماية الإنسان من الإصابة بالعدوى.
لقاح لتعليم جهاز المناعة السيطرة على الفيروس
ويسعى العلماء أيضا إلى تطوير لقاح لتعليم جهاز المناعة للظهور بمظهر الخلايا المصابة، كي يتمكن اللقاح من التعرف عليها وإتلافها، ومثل هذا اللقاح لا يستطيع الحيلولة دون الإصابة بالفيروس، لكنه يستطيع على الأقل تعليم الجسم السيطرة على الفيروس كما يقول فيتغن هوير:"نحن بحاجة إلى خلايا مناعة تتعرف بنفسها على الفيروس وتقوم بإتلافه، والمشكلة الرئيسية في مرض الإيدز هي أن الفيروس يقوم بمهاجمة خلايا المناعة، لا بل يهاجم أهم خلايا جهاز المناعة، أي الخلايا المساعدة التي توجه جواب المناعة"
و لم يثبت أي من اللقاحات التي تم اختبارها على الإنسان جدارته حتى الآن، باستثناء حالة واحدة، وذلك عندما تم في تايلندا تطوير لقاح مركب من لقاحين، أثبت مقدرته على الحماية من المرض إلى حد ما. وكان الهدف من هذا اللقاح تنشيط عملية إنتاج الأجسام المضادة، وتعليم جهاز المناعة التعرف على الخلايا المصابة بالعدوى. وكانت النتيجة تراجع عدد حالات العدوى بمقدار 31 بالمائة بين الذين تناولوا اللقاح.
مدى فعالية التجربة التايلاندية
ويشكل هذا نجاحا أوليا، لكن الباحثين لا يستطيعون حتى اليوم أن يفسروا آلية عمل مادة اللقاح التي تم تطويرها، كما أنهم ليسوا على يقين مما إذا ما إذا كان يمكن الثقة بالأرقام، فكما يقول البروفسور فيتغن هوير " لا تشكل نسبة31 % سوى تقدم طفيف، واللقاح الجديد عرضة أيضا لعناصر مشوشة، أي لا يمكننا أن نكون متأكدين مما إذا كانت تلك نتيجة فعلية، أم ما إذا كانت عناصر مشوشة قد لعبت دورها في الموضوع ولم نتعرف عليها حتى الآن".
الجواب على هذا السؤال يحتاج إلى تحليل جديد ودقيق للتجربة التايلندية، وقد بدأ العلماء بذلك، وهم يضعون في الحسبان الحصول على نتائج في غضون سنة أو سنتين. لكن ما هي المقدرة المطلوبة من مادة اللقاح كي تحمي من الإصابة بالإيدز؟
هذا السؤال المبدئي يطرحه الباحث الأمريكي، البروفسور بروس ووكر من جامعة بوسطن، وهو يفحص أشخاصا انتقلت إليهم عدوى الإيدز، لكنهم يملكون مقدرة نادرة على السيطرة على الفيروس، بحيث لا يتكاثر. وقد اكتشف ووكر في الجينات الوراثية لهؤلاء المرضى جينا ليس موجودا لدى مرضى الإيدز الآخرين ويقول: "التحدي الذي يواجهنا هو الوصول الآن إلى المرحلة التي تمكننا من فهم آلية الفيروس واكتشاف الطريقة التي تمكننا من السيطرة عليه."
العلاج الناجع في الوقاية
وما يزال الطريق نحو هذا الهدف طويلا، ومن المحتمل عدم التمكن من تطوير لقاح يكون موثوقا مائة بالمائة، لكن حتى لو تم التوصل إلى تطوير لقاح يكون فعالا بنسبة خمسين أو ستين بالمائة، فإن هذا سيساعد في الحد من انتشار الإيدز. والتوصل إلى آلية وقائية يحتاج إلى أكثر من الاعتماد على لقاح، إذ لابد من الاعتماد على الواقي وعلى طهور الرجال والأدوية، فعندما يصبح بالإمكان معالجة مرضى الإيدز بالأدوية بنجاح، يصبحون أقل نقلا للعدوى، كما يقول فيتغن هوير"الذي يمكننا استخدامه بنجاح في الوقت الحاضر ليس اللقاح وإنما العلاج، أي عندما نعالج عددا أكبر من الأشخاص نساهم في تقليل عدد الذين تنتقل العدوى إليهم "
المشكلة الكبرى في انتقال العدوى
لكن المشكلة، كما يقول البروفسور جيس لوندغرين من جامعة كوبنهاجن، هي "أن نصف الذين انتقل إليهم الفيروس في أوروبا لا يعرفون أنهم يحملونه، وعندما لا يخضعون لفحص الإيدز يمكن أن ينقلوا العدوى إلى آخرين دون إرادة منهم ودون علمهم، لهذا يشكلون خطرا على المجتمع"
إذ ما يزال الخضوع لفحص الإيدز طريقة أكيدة للتعرف على وجود العدوى بفيروس المرض، والبدء مبكرا في علاجه، وما يزال أيضا الإمكانية الوحيدة المتوفرة حتى الآن للحيلولة دون انتقال الفيروس إلى آخرين.
مارتين فينكلهايده/منى صالح
مراجعة: عبد الرحمن عثمان