العقوبات الأوروبية على روسيا ستضر ألمانيا أيضا
٣٠ يوليو ٢٠١٤يعتقد كثير من الخبراء أن العقوبات الاقتصادية للاتحاد الأوروبي ضد روسيا التي صدرت الثلاثاء (29 يوليو 2014) ستضر بالاقتصاد الروسي أكبر من ضررها بالاقتصاد الأوروبي، بل إن روسيا معرضة للدخول في مرحلة كساد. علما بأن الوضع الاقتصادي لروسيا يعاني حتى قبل وقوع الأزمة الأوكرانية، فبحلول الأزمة المالية والاقتصادية العالمية ولت السنوات التي كان الاقتصاد الروسي ينمو فيها بنسبة 5 بالمائة، لينخفض في عام 2013 إلى 1.3 بالمائة. بينما يتوقع صندوق النقد الدولي أن تسوء حالة النمو في روسيا لتسجل في العام الحالي 0.2 بالمائة فقط.
ضربة أخرى للاقتصاد الروسي
يشكل النفط والغاز ثلثا الصادرات الروسية تقريبا، لذلك فإن روسيا بحاجة إلى استثمارات خارجية أو الوصول إلى مصادر تمويل أجنبية، لن تكون متاحة بسبب العقوبات المفروضة؛ ولذلك سيزداد الوضع سوءا في روسيا. ويقول شتيفان شنايدر كبير الخبراء الاقتصاديين بمصرف "دويتشه بنك" الألماني إن هناك شركات أوروبية ستتضرر بالطبع من هذه المسألة، لكن على المدى الطويل والمتوسط ستكون التبعات السلبية للعقوبات ملموسة في روسيا بصفة خاصة، وستعاني عملية التحديث هناك طويلا.
ويواجه الاقتصاد الروسي ضربة أخرى بعدما أصدرت محكمة التحكيم الدولية في لاهاي يوم الاثنين (28 يوليو 2014) حكمها بأن تدفع روسيا 50 مليار دولار أميريكي إلى المساهمين في شركة النفط "يوكوس" التي أوعز فلاديمير بوتين بتأميمها قبل عشر سنوات "بدوافع سياسية" حسب رأي المحكمة. وأمام روسيا مهلة حتى منتصف يناير القادم لتدفع التعويضات وإلا فمن الممكن مصادرة ممتلكاتها في الخارج. بينما وصفت الحكومة الروسية الحكم بأنه "معيب" و "أحادي" و "منحاز سياسيا". وألقى الحكم الصادر في لاهاي الضوء على مخاطر الاستثمار في روسيا وعملية الاستقرار المالي على المدى الطويل هناك.
روسيا و"عقلية الإنغلاق"
ولا تتوقع الحكومة الألمانية حدوث تأثير سريع للعقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية. وأوضح مفوض الحكومة الألمانية للشؤون الروسية غيرنوت إرلر، عضو الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك في الائتلاف الحاكم، في تصريحات للقناة الأولى في التلفزيون الألماني (إيه آر دي) يوم الأربعاء (30 تموز/ يوليو) أن الأمر يحتاج لبعض الوقت حتى تؤثر العقوبات على موسكو. وأضاف إرلر أنه تسود في روسيا وإلى حد ما "عقلية الانغلاق"، وقال: "يعتقد الروس أنه ربما تتسنى لهم بذلك الفرصة ليصبحوا أكثر استقلالا عن الغرب".
الشركات الألمانية لن تتأثر كثيرا
وقال رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي قبل توقيع العقوبات على روسيا ، إن التبعات القوية ستكون على روسيا وإن أثرها سيكون ضعيفا على الاقتصاد الأوروبي. ومن المعلوم أن روسيا هي الشريك التجاري رقم ثلاثة بالنسبة لمجموع دول الاتحاد الأوروبي وتأتي في المرتبة الحادية عشرة بالنسبة للشركاء التجاريين لألمانيا.
وذكرت غرفة التجارة والصناعة الألمانية أن الصادرات الألمانية لروسيا ستتراجع هذا العام بمقدار 17 بالمائة. وسيكون الأثر الأقوى للعقوبات في مجال صناعة الماكينات. وتمثل نسبة الصادرات إلى روسيا 3.3 بالمائة من إجمالي الصادرات الألمانية. لذلك فإن توبياس باومان مدير القسم المختص بشرق وجنوب شرق أوروبا باتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية متأكد من أنه "حتى لو توقفت جميع الصادرات الألمانية إلى روسيا، وهو ما لن يحدث، فإن الاقتصاد الألماني لن ينهار".
ولا يرى باومان أية مخاطر من حدوث كساد اقتصادي سواء في أوروبا أو ألمانيا بسبب العقوبات على روسيا. ويقول إن الشركات التي ستتأثر أكثر هي الشركات المتوسطة التي تركز بقوة على روسيا ويضيف: "الشركات التي تبلغ تعاملاتها مع روسيا 20 بالمائة من مجمل تعاملاتها ربما تواجه أزمة وجود، لن تواجهها الشركات الكبيرة." ووفقاً لأعلى تقديرات صدرت عن اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية يعتمد نحو 300 ألف مكان عمل على الصادرات إلى روسيا، إلا أنها أكدت أن أماكن العمل هذه ليست معرضة للخطر بشكل كبير.
يذكر أن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا تتضمن تصعيب الأمور على روسيا فيما يخص الحصول على أموال من أسواق المال الأوروبية ومنع استيراد التكنولوجيا الروسية، سواء التي تستخدم لأغراض مدنية أو عسكرية وعدم توقيع عقود استيراد بضائع روسية وتشديد الإجراءات على تصدير وحدات التقنية العالية التي تستخدم في استخراج الطاقة.