العرب عرفوا المسرح منذ الجاهلية وليس عن طريق الأوروبيين
٢٣ سبتمبر ٢٠٠٧منذ الوهلة الأولى يلاحظ المرء خصوصية شخصية الأستاذ الدكتور شموئيل أو سامي موريه الأديب والباحث الإسرائيلي من أصل عراقي، فهو ثري المعرفة، قوي الملاحظة، ذو ذاكرة قوية، خلال أمسية له في نادي الرافدين العراقي ببرلين استطاع أن يلهب مشاعر الحاضرين من المغتربين العرب، وأن يشعل الحنين إلى الوطن في قلوبهم. فهو نفسه مازال يحيا داخل قوقعة الحنين إلى زيارة العراق وبيت عائلته في بغداد، رغم مرور عشرات السنين على رحيله.
العرب عرفوا المسرح منذ الجاهلية
يختلف موريه في أبحاثه ودراساته عن المسرح العربي مع أغلب المستشرقين حول نشأة الفن المسرحي والتمثيل البشري. ففي كتابه "المسرح البشري في البلاد العربية خلال القرون الوسطى" يحاول الإجابة على السؤال الذي طال الحديث عنه: هل عرف العرب المسرح البشري؟ أي المسرح الذي يقوم فيه ممثلون بإعادة تمثيل واقعة أو حادثة حقيقية أو خيالية عن طريق الحوار والحركات والملابس الملائمة، واستحضار الماضي في الحاضر أمام المتفرجين، إلى جانب مسرح خيال الظل والدمى ومسرح التعزية الشيعي.
في معرض إجابته يرفض موريه معظم الباحثين القائل إن العرب لم يعرفوا فن المسرح إلا متأخرا عن طريق احتكاكهم بالثقافة الأوربية، فهو يرى على العكس من ذلك أنهم عرفوا فن المسرح منذ الجاهلية، وقد أطلق عليه مصطلح "خيال"،وذلك قبل انتقال مسرح خيال الظل إلى البلدان الإسلامية بعدة قرون، كما عرفوا مسرحا يقوم فيه الممثلون بعروض أمام الجمهور، وهذا المسرح العربي قد يختلف في شكله عن المسرح الأوربي، لكن في جوهره نوعًا خاصًا من العروض المسرحية التي تعتمد في الأساس على الحوار و الأزياء و الحركة و غيرها من عناصر المسرح، بهدف إحياء الماضي في الحاضر.
تجاوز للنظرة الإستشراقية
يقول موريه بأن المستشرقين نظروا إلى المسرح العربي من وجهة نظر أوروبية، باحثين عن الشكل الأوروي للمسرح في الثقافة العربية، واعتنق الباحثون العرب وجهة النظر هذه دون محاولة التعريف بالمصطلحات المسرحية العربية التقليدية بصورة دقيقة. ويضيف موريه بأنه هؤلاء لم يأخذوا في الاعتبار حقيقة أن فن المسرح هو فن نابع من البيئة والثقافة والدين، وبالتالي فإن لكل شعب شكل خاص من المسرح ليس بالضرورة أن يكون متطابقا مع غيره من الأشكال المسرحية، وأن حياة البادية والرحيل في الجاهلية والدين الإسلامي لم تمنع تطور شكل مسرحي عربي خاص.
و يؤكد موريه على أنه في الوقت الذي تطور فيه المسرح الأوربي عن الطقوس الدينية، فإن المسرح العربي قد تطور عن اللهو والتقليد والسخرية من الخصوم ونقد تصرفاتهم، ثم انتقل الى نقد تصرفات القضاة والحكام.
مروة مهدي