العراق ـ الاحتجاجات تستعيد زخمها وترفع سقف مطالبها
٣٠ أكتوبر ٢٠١٩قتل عنصر أمن عراقي، مساء اليوم الأربعاء (30 أكتوبر/ تشرين أول) في سقوط قذيفة صاروخية داخل المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد. جاء ذلك وفق بيان مقتضب لخلية الإعلام الأمني ونشرته وكالة الأنباء العراقية "واع". وكان شهود من رويترز قالوا إن صاروخا شوهد ينطلق صوب المنطقة الخضراء التي تضم المباني الحكومية ومقار البعثات الدبلوماسية الأجنبية وسُمع دوي انفجار قادم من نفس الاتجاه. والمنطقة الخضراء محصنة أمنياً وتضم مقرات الحكومة والبرلمان فضلا عن البعثات الدبلوماسية الأجنبية من بينها السفارة الأمريكية.
ميدانيا تدفق مجددا محتجون من مختلف الطوائف والأعراق على وسط العاصمة بغداد للتعبير عن الغضب من الطبقة السياسية. وفي حين بدا مصير عبد المهدي مجهولا قال المتظاهرون إن الإطاحة به ليست كافية. وتخلى السياسيان الأقوى نفوذا في العراق اليوم عن دعمهما على ما يبدو لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي في الوقت الذي تحولت فيه الاحتجاجات المناهضة للحكومة إلى أكبر مظاهرات تشهدها البلاد منذ سقوط نظام صدام حسين.
وهتف المحتجون قائلين "لا مقتدى ولا هادي" منددين بما اعتبروه مسعى من زعيمي أكبر كتلتين في البرلمان وهما رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ومنافسه السياسي هادي العامري للتشبث بالسلطة من وراء الستار سواء مع رئيس الوزراء الذي ساعداه في تولي المنصب قبل عام أو بدونه.
وقالت مصادر أمنية وطبية إن شخصين على الأقل قتلا وأصيب 175 آخرون اليوم الأربعاء في بغداد بعد أن ألقت قوات الأمن العراقية قنابل الغاز المسيل للدموع على المحتجين الذين يحاولون دخول المنطقة الخضراء شديدة التحصين. وأضافت المصادر أن سبب وفاة الاثنين هو عبوات الغاز المسيل للدموع التي أصابت الرأس مباشرة.
وبعد احتجاجات استمرت على مدى أربعة أسابيع ولقي خلالها أكثر من 250 شخصا حتفهم شهدت الساعات الأربع والعشرين الماضية تزايدا في أعداد المتظاهرين بصورة لم يسبق لها مثيل في العاصمة.
وفي ذات السياق قالت المفوضية العراقية لحقوق الإنسان الأربعاء إن حصيلة ضحايا التظاهرات التي شهدها العراق خلال الأيام الماضية بلغت 100 قتيل و 5500 جريح من المتظاهرين والقوات الأمنية. وتشمل هذه الحصيلة مجموع القتلى من المتظاهرين والقوات الأمنية منذ استئناف الموجة الثانية من الاحتجاجات المناهضة للحكومة يوم الخميس الماضي، بحسب المفوضية، التي لم تتمكن من تحديد تواريخ الوفيات لصعوبة جمع المعلومات.
وأضافت المفوضية في بيان لها أن 343 تم الإفراج عنهم من إجمالي 399 معتقلا، فضلا عن تضرر 98 من الممتلكات العامة والخاصة. وطالبت المفوضية الحكومة العراقية بتعويض الشهداء والجرحى والمعتقلين ماديا ومعنويا عما لحق بهم من أضرار.
من جهتها دعت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جنين هينيس-بلاسخارت، إلى إجراء حوار وطني، وقالت للمحتجين إنه لا يمكن لأي حكومة حل المشكلات خلال عام واحد. وزارت هينيس-بلاسخارت ساحة التحرير بوسط بغداد، وهو موقع المظاهرات الحاشدة المناهضة للحكومة، حيث ناقشت مع المتظاهرين "السبل الممكنة لتلبية المطالب المشروعة للمتظاهرين السلميين"، وفقا لبيان للأمم المتحدة.
وموجة الاحتجاجات الجديدة، هي الثانية من نوعها خلال أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بعد أخرى قبل نحو أسبوعين شهدت مقتل 149 محتجًا وثمانية من أفراد الأمن. وطالب المحتجون في البداية بتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص عمل، ومكافحة الفساد، قبل أن يرتفع سقف مطالبهم إلى إسقاط الحكومة؛ إثر استخدام الجيش وقوات الأمن العنف المفرط بحقهم، وهو ما أقرت به الحكومة، ووعدت بمحاسبة المسؤولين عنه.
ومنذ بدء الاحتجاجات، تبنت حكومة عادل عبد المهدي عدة حزم إصلاحات في قطاعات متعددة، لكنها لم ترض المحتجين، الذين يصرون على إسقاط الحكومة.
ع.أ.ج/ ع م ( رويترز، د ب ا، أ ف ب)