الضرائب - أداة فعالة للحد من أكياس البلاستيك
١٩ نوفمبر ٢٠١٣يتم استخدام كل كيس بلاستيكي لمدة 25 دقيقة فقط في المتوسط، ثم ينتهي به الأمر في مكب النفايات. وهذا مصير ملايين أكياس البلاستيك. حوالي تريليون من الأكياس البلاستيكية يتم استهلاكها سنويا في كل أنحاء العالم، بحسب إحصائيات الجمعية الألمانية للحفاظ على البيئة. ولا يتم إعادة الاستفادة منها إلا بمستوى عشرة في المائة عن طريق استخدامها مرة أخرى أو إعادة تصنيعها.
في عام 2010 تم إنتاج 750 ألف طن من الأكياس البلاستيكية في أوروبا، وفقا لحسابات الجمعية الألمانية للحفاظ على البيئة. وهذا يوازي وزن 625 ألف سيارة من حافلات نقل الركاب. وأسوأ ما في هذا الموضوع هو أن البلاستيك يحتاج إلى عدة مئات من السنين حتى يتحلل تحللا تاما. في حين تتطلب تذاكر الحافلات الورقية، مثلا، بضعة أسابيع فقط كي تتحلل. فيما تحتاج عُلَب القصدير إلى حوالي مئة عام فقط لتتحلل تحللا كاملا، وفقا لمنظمة الرحلات البحرية الدولية.
المفوضية الأوروبية تدعو لفرض حظر على الأكياس البلاستيكية
وتسعى المفوضية الأوروبية إلى الحد من النفايات البلاستيكية، ودعا مفوض البيئة جانيز بوتوتشنيك دول الاتحاد الأوروبي إلى حظر الأكياس البلاستيكية في المستقبل، في هذا السياق قال بوتوتشنيك في بروكسل يوم الإثنين (4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013): "أكياس البلاستيك ترمز لمجتمعنا الاستهلاكي". وأضاف: "نحن نستخدمها لفترة وجيزة فقط، لكنها تلوث البيئة لعدة قرون".
ولكن مكافحة النفايات البلاستيكية لا تنحصرة على أوروبا وحدها. فالأضواء مسلطة في هذا السياق أيضاً وبشكل كبير على الدول الناشئة اقتصاديا. فكلما كان أحد البلدان أكثر ثراءً ازداد عادةً إنتاجه للنفايات نظرا لزيادة الإنتاج الصناعي. بنيامين بونغارت، مدير قسم سياسة الموارد في الجمعية الألمانية لحماية الطبيعية، يعتبر أن هذه الظاهرة بارزة في الأسواق الآسيوية الناشئة.
إندونيسيا والفلبين مثلاً لديهما بالفعل ما يكفي من المال للإنتاج الصناعي ولكنهما تفتقران غالبا إلى خطط التخلص من نفايات هذا الإنتاج. كما أن استعادة الطاقة من النفايات البلاستيكية، مثلا عن طريق إحراقها، هي عملية مكلفة للغاية بالنسبة لكثير من البلدان كما تقول إلين غونزيليوز، من الجمعية الألمانية للتعاون الدولي GIZ، وهي المسؤولة عن مفاهيم الإدارة المستدامة للنفايات.
المدن هي الأكثر تضرراً من نفايات البلاستيك
تتركز مشكلة النفايات البلاستيكية بشكل خاص في مدن الدول الناشئة، كما جاء في دراسة لجامعة أونتاريو الأمريكية. فسكان المدن يستهلكون ضعف كمية القمامة التي يستهلكها سكان الأرياف، وفق مجلة "الطبيعة" الأمريكية. مكبات القمامة مثل مكب النفايات لاوغانغ في شنغهاي في الصين ومكب الزبالة بوردو بونينته في العاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي تتنافس على لقب أكبر مكب للقمامة في العالم، إذ يتم في كل منهما كب حوالي 10 آلاف طن من القمامة يوميا.
أما عاصمة رواندا كيغالي فقد عبرت أشواطا طويلة في كفاحها ضد النفايات البلاستيكية. فبعد أن كانت أكياس البلاستيك ملقاة في كل مكان بالمدينة، حيث أدت إلى توسيخ الشوارع وانسداد بالوعات الصرف الصحي، أضحت اليوم من أنظف المدن في إفريقيا. ولذلك قامت الأمم المتحدة قبل خمس سنوات بتكريم العاصمة الرواندية كيغالي من خلال إدراجها على قائمة شرف المستوطنات البشرية Habitat Scroll of Honor Award لنهجها سياسة عدم التسامح مع النفايات البلاستيكية.
ومن يسافر إلى رواندا حاليا يجب عليه أن يكون مستعدا لفتح أمتعته على التفتيش، إذ يتم جمع كل الأكياس البلاستيكية والتخلص منها فورا عند الكشف عنها. و"يبدو هذا النهج في رواندا عملياً، غير أنه يرتبط بالكثير من الجهد والوقت اللازمين للتفتيش عن الأكياس البلاستيكية. وقد يكون فرض ضرائب على أكياس البلاستيك، كما هو الحال في الدانمرك وفنلندا، أكثر فعالية"، كما تؤكد إلين غونزيليوز.
إيرلندا – ضريبة على أكياس البلاستيك
ولنأخذ إيرلندا مثالاً على الدول الأوروبية التي تفرض ضرائب على أكياس البلاستيك. فإيرلندا تفرض ضريبة قدرها 22 سنتاً على كل كيس من البلاستيك. "ولم يتم فرض هذه الضرائب من أجل الحصول على المزيد من الإيرادات الضريبية، ولكن لتوجيه سلوك المواطنين"، كما يوضح بنيامين بونغارت، ويضيف: "منذ فرض ضريبة على أكياس البلاستيك في إيرلندا انخفض مستوى إنتاج الأكياس بشكل كبير". وأدى ذلك إلى انخفاض استهلاك أكياس البلاستيك للفرد الواحد من 328 كيساً في السنة إلى 20 كيسا فقط. وعلى سبيل المقارنة: يبلغ متوسط استهلاك الفرد في الاتحاد الأوروبي 198 كيس بلاستيك سنوياً، وفق دراسة أجرتها المفوضية الأوروبية.
أما في مدينة مكسيكو سيتي فقد قرر السياسيون حظر الأكياس البلاستيكية. ووفق قانون الحظر يلزم أصحاب المحلات بدفع غرامة مالية عند منح أكياس بلاستيك مجانية للزبناء بغرض نقل البضائع. لكن توماس فيشر مدير قسم اقتصاد التسوق في الجمعية الألمانية للحفاظ على البيئة ينتقد التقصير في تطبيق قانون الحظر، قائلاً: " يوجد بالفعل قانون حظر أكياس البلاستيك في مدينة مكسيكو سيتي، ولكن لا يتم تطبيق هذا القانون على أرض الواقع. فالمدينة تفتقر بوضوح إلى أعمال الضبط والتفتيش".
وتتشكك إلين غونزيليوز أيضاً في جدوى الحظر وحده. فتشريع القوانين غير كاف في الغالب، وتضيف قائلة: "ينعدم في كثير من البلدان الوعي بالضرر الناجم عن النفايات البلاستيكية. ففي الكثير من بلدان العالم ليس هناك وعي بضرورة الحد من أكياس البلاستيك. ولن تصبح الضرائب أكثر فعالية وكفاءة إلا عندما يتقبلها السكان وأرباب الصناعة".