الشم... حاسة لاختيار شريك الحياة؟
١١ أغسطس ٢٠١٥يُقلل الكثير من الناس من أهمية حاسة الشم والدور الكبير الذي يلعبه الأنف في حياة الإنسان. فبالإضافة إلى الإمكانية التي يتيحها الأنف للتنفس بشكل مناسب، ومن دون هذه الآلية تكون الحياة مستحيلة، فهو له وظيفة هامة جدا في حاسة الشم التي تعد ضرورية في الحياة. ويرى هانس هات، الباحث في حاسة الشم بجامعة الرور الألمانية أن: "حاسة الشم مهملة في مجتمعنا الغربي وبشكل غير معقول" وأضاف: "ليس لدينا أي فكرة عن مدى الدور الكبير الذي تلعبه هذه الحاسة في حياتنا اليومية"، حسب ما ورد في موقع "دي فيلت" الألماني. وذلك تعليقا على دراسة أجرتها جامعة الرور في مدينة بوخوم عام 2011، شارك فيها سبعة آلاف شاب وشابة، أوضحت مدى جهل المشاركين لهذه الحاسة، حيث أن 53 في المائة من المشاركين اختاروا التخلي عن حاسة الشم مقابل استخدام أجهزة تقنية حديثة.
ويمكن للإنسان تحديد الروائح المختلفة عن طريق خلايا استقبال الشم التي تقع في الأنف وتنقل هذه الروائح إلى الدماغ. ومع أن عدد الروائح التي يمكن لأنف الإنسان تمييزها كبيرة جدا، إلا أنها تقل عددا مقارنة مع قدرات حاسة الشم لدى الكلاب، الأمر الذي يمكن الاستفادة منه في اقتفاء أثر المجرمين أو الكشف عن مواد غير قانونية أو استخدام هذه الكلاب في عمليات الإغاثة والبحث عن المفقودين. بالإضافة لذلك فبإمكان الحيوان والإنسان كذلك من استشعار الخطر بالاستعانة بحاسة الشم.
تأثير حاسة الشم على حياة الإنسان
وترتبط عاطفة الإنسان وسلوكياته بحاسة الشم، وبما أن مركز الشم جزء من نظام في الدماغ البشري فهو يتحكم في الذاكرة والعواطف والمزاج إضافة إلى استشعار الخطر بالاستعانة بحاسة الشم. ويقول الباحث في حاسة الشم هانس هات أن هناك تفاعل قوي بين حاسة الشم والعاطفة: "عندما تؤدي روائح مميزة إلى تفعيل ذكريات عاطفية معينة فهنا يكون الحديث عن ما يسمى بتأثير بروست". ويرى هات أن استرجاع ذكريات أو لحظات معينة في الحياة عن طريق حاسة الشم أمر وارد في حياة الإنسان مهما ابتعد زمنيا عن هذا الحدث. فمن اللحظة الأولى التي يولد فيها الإنسان تقريبا، تكون حاسة الشم ملازمة له، ويكون قادرا على التعرف على رائحة حليب أمه ابتداء من اليوم الأول ويظهر الاشمئزاز على وجهه إذا استنشق رائحة كريهة.
تلعب حاسة الشم دورا مهما في القدرة على التذوق ويستعين الإنسان بحاسة الشم في تلذذ الطعام قبل تناوله لأن قوة حاسة الشم تتفوق في حساسيتها على حاسة التذوق. "حاسة الشم حاسمة أثناء تناول الطعام"، كما يقول الباحث توماس هومل من مستشفى جامعة دريسدن الألمانية. ويضيف: "عندما نتناول وجبة المكرونة أو طبق الراتاتوي أو وجبة الغراتان بالبطاطس فإن 80 في المائة من عملية التذوق نحصل عليها عن طريق حاسة الشم". فاللسان يميز بين الحلو والحامض والمالح والمر لا أكثر وعندما نأكل شيئا يجب علينا أن نقول: "رائحة الطعام طيبة عوض القول أن الطعام لذيذ" حسب رأي الباحث توماس هومل.
ويستعين الإنسان بحاسة الشم، بشكل غير مباشر، في الاقتراب من شريك حياته، إذ أن حاسة الشم تلعب دورا كبيرا في الانجذاب بين المحبين. فكل شخص له رائحة خاصة به يفرزها جلده، والرائحة التي يفرزها الجلد من أهم أسباب الانجذاب أو النفور بين الأشخاص. فهناك روائح تسمى الفيرومونات، وهي مواد كيميائية يفرزها البشر والحيوان خلال لحظات التوتر والخوف والشهوة، لها رائحة خاصة يحملها الهواء وتصدر عن أجسامنا بشكل طبيعي. فتقبل رائحة معينة والانجذاب لها يلعب دورا هاما في التوافق بين شريكي الحياة ويساعد في العثور على شريك الحياة المناسب، حسب ما أوضح موقع "دي فيلت".
ع.اع. / هـ.إ. (DW)