السياحة قطاع استراتيجي يقرِّب الشعوب ويزيل الأفكار المسبقة
١١ مارس ٢٠١٠نظَّمت غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية (الغرفة) ومؤسسة معرض برلين للمرة الأولى هذه السنة "الملتقى السياحي العربي ـ الأوروبي" بالتعاون مع المفوضية الأوروبية في إطار الاتحاد المتوسطي. وانعقد الملتقى ضمن فعاليات معرض السياحة الدولي في برلين الذي استقبل 11 ألف عارض من 187 دولة لعرض منتجاتهم السياحية في إطار من النشاطات الثقافية، والإعلامية ـ الإعلانية، والحفلات الفنية والعروض الخاصة بكل دولة، إضافة إلى مأكولاتها. ويتوقع أن يزور المعرض الذي يستمر أربعة أيام نحو 170 ألف زائر.
300 ممثل عربي وأوروبي يبحثون التعاون الأورومتوسطي
وشارك في الملتقى السياحي العربي ـ الأوروبي نحو 300 ممثل عن الدول العربية والأوروبية المشاركة فيه حيث افتتحه رئيس الغرفة الدكتور توماس باخ وريموند هوش رئيس مجلس إدارة معرض برلين وتحدث فيه عميد السلك الدبلوماسي العربي في ألمانيا سفير السعودية الدكتور أسامة شبكشي، والأمين العام لمنظمة السياحة الدولية طالب الرفاعي، والوكيل البرلماني لوزارة الاقتصاد والألمانية المشرفة على السياحة إرنست بورغباخر.
وتحدَّد هدف الملتقى في درجة أولى بمناقشة مواضيع التعاون المشترك الذي تتيحه الشراكة الأوروبية ـ المتوسطية "إيروميد" في المجال السياحي. ويشمل هذا التعاون التخطيط لمشاريع سياحية مشتركة مع بحث خطوات تنفيذها وتمويلها، والعمل على وضع سياسات ملائمة لدعم حركة السياحة والسفر بين المنطقتين، ودعم توجهات دول البحر المتوسط العربية لتوسيع البنى التحتية للسياحة وتحديثها، وتنظيم أنظمة التدريب والتأهيل اللازمة لتحسين الخدمات السياحية المقدَّمة.
ومن الواضح أن القطاع السياحي أصبح يلعب خلال السنوات الأخيرة دورا متزايدا في اقتصادات الدول العربية المتوسطية ونموها، ويساهم في خلق الكثير من فرص العمل وتنشيط السوق الداخلية، والحصول على العملات الأجنبية. وتفتح مثل هذه الملتقيات المجال أمام الدول العربية لعرض منتجاتها السياحية الجاذبة للسياح، كما توفِّر لرجال الأعمال العرب والألمان والأوروبيين فرص الإطلاع على مجالات الاستثمار في المشاريع السياحية.
الوزيرة الخطيب: نجهد لكي تتفهّم المجموعات المحلية أهمية السياحة لهم
وركَّزت الندوة الأولى التي عقدت إثر انتهاء الجلسة الافتتاحية على معالجة موضوع "السياحة الأورومتوسطية بين المسؤولية والاستمرارية" وتحدثت فيها وزيرة السياحة الأردنية مهى الخطيب ووزير السياحة اللبناني فادي عبود والمديرة العامة لمنظمة السياحة القبرصية فوبه كاتسوريس وأدارها يورغن هوغريفه عضو مجلس إدارة الغرفة. وقالت الخطيب إن حكومتها "تجهد من أجل تشجيع الناس على العمل في قطاع السياحة وعلى البقاء حيث يعيشون" مشيرة إلى أن السياحة تؤمن العمل لأعداد متزايدة من الناس وتحارب العوز والفقر. وأضافت أن التحدي الكبير "يتمثَّل في تفهّم المجموعات المحلية أهمية السياحة وتتأقلم مع متطلباتها". وشدَّدت أيضا على ضرورة أن يأخذ القطاع الخاص الأمر بجدية وأن يتعامل مع المياه والبيئة والطاقة على أنها مسائل أساسية للبلاد وللمجتمع ويحافظ، بالتالي، على استمراريتها. وأكَّدت وزيرة السياحة الأردنية في حديث مع "دويتشه فيله" أن السياحة في بلدها "تشهد انتعاشا ملحوظا هذه السنة، إضافة إلى أن عام 2009 انتهى بصورة جيدة رغم الأزمة المالية العالمية التي تركت تداعياتها على السياحة في العديد من الدول الأجنبية".
الوزير عبود: نرغب في تكامل سياحي مع الدول المجاورة
من ناحيته قال وزير السياحة اللبناني فادي عبود، وهو رئيس جمعية الصناعيين في لبنان منذ عام 1992، إن على الرغم من طبيعة لبنان الجذابة للسياح "لا تزال السياحة فيه بحاجة إلى تطوير في بناها التحتية وفي تنويع المنتجات التي تقدِّمها إلى الزائرين". وبعد أن ذكر أن مليونا و850 ألف سائح زار البلد العام الماضي بزيادة قدرها 42 في المائة مقارنة بعام 2008 ، قال إن نسبة عدد الوافدين إليه ارتفعت في الشهرين الأولين من العام الجديد بنحو 22 في المائة عن نفس الفترة من عام 2009. وبلغ عدد السياح العرب فقط نحو 700 ألف شخص.
وإذ ذكر في حديث مع "دويتشه فيله" أن الأمن هو الموضوع الأهم للسائح، وأنه متوفر في البلد حاليا، قال إنه ينتظر أن تكون السنة الحالية "واعدة جدا". وأضاف الوزير عبود أن ارتفاع عدد السياح "لا يعني أنه أصبح لدى الوزارة تصوّرا وخطة عملية للسياحة، خاصة وأن حجم السياحة المنظمة من مكاتب السفر لم تزد عن 3 في المائة من مجمل عدد السياح الذين زاروا لبنان". وأعرب في هذا المجال عن رغبة وزارته في التكامل مع البلدان المجاورة مثل سوريا والأردن ومصر أيضا، وفي الاتفاق مع شركات سفر ألمانية لترويج السياحة إلى بلده.
دوسي: السياحة تقرِّب الشعوب وتبعد المواقف المسبقة
وعُقدت على الأثر ندوة تحت عنوان "أفضل الخطط العملية لتمويل السياحة في الدول المتوسطية" شارك فيها بيار دوسي ممثل المفوضية الأوروبية في بروكسيل، وكامبل تومسن عن بنك الاستثمار الأوروبي، والدكتور جمال بن هاسين عن كلية الصحافة في جامعة العلوم التطبيقية في ميونيخ. وفي حديث لـ "دويتشه فيلله" قال دوسي إن الملتقى "هو النشاط الأورومتوسطي الثاني من نوعه لتطوير التعاون في المجال السياحي، ويهدف لسماع ما تقوله الأطراف المعنية بالسياحة في القطاعين العام والخاص والعاملون فيهما، إضافة إلى الأكاديميين". وأضاف أن المفوضية الأوروبية التي ستعقد مؤتمرا وزاريا في برشلونة قريبا تسعى للحصول على أفكار وتصورات واقعية أو مبهمة من المعنيين. وتابع "إن السياحة قطاع استراتيجي اقتصادي ـ سياسي ـ اجتماعي ـ ثقافي، وهو القطاع الذي يقرِّب الشعوب ويساهم في تنامي التفاهم والتعارف في ما بيننا ويبعد المواقف المسبقة إزاء الأقليات المتوسطية التي تعيش بيننا".
الكاتب: اسكندر الديك
مراجعة: طارق أنكاي