السياحة في دول العالم الثالث - متعة على حساب حقوق الإنسان؟
١١ مارس ٢٠١١"توريسم واتش"، كلمة انجليزية تعني مراقبة السياحة، وفي الوقت نفسه اسم المكتب المتخصص التابع للوكالة البروتستانتية الألمانية للتنمية، حيث يراقب العاملون فيه بدقة ظروف الرحلات السياحية إلى مختلف دول العالم. ولقد تمكنت الوكالة التابعة للكنيسة المسيحية البروتستانتية من جمع عدد من الأدلة على وجود أماكن في عدد من دول العالم، التي تشهد ممارسات لاستقطاب السياح تنتهك من خلالها حقوق الإنسان، على غرار السياحة الجنسية في عدد من البلدان الآسيوية وجزر الكراييب والبرازيل.
لكن هاينتس فوكس، رئيس قسم "توريسم واتش"، لا يولي اهتمامه فقط بمثل هذا الشكل من انتهاكات حقوق الإنسان، وإنما أيضا بقطاع السياحة، الذي غالبا ما يعود بالأرباح على قسم قليل، فيما يتعرض فيه الكثير من العاملين فيه للاستغلال. وفي هذا الإطار يدعو فوكس السياح إلى التخلي عن فكرة أن المناطق السياحية، التي يزورونها، جنات على الأرض. ويقول: إن السياحة في أي بلد كان ليست أمرا "مختلفا عن حياتنا اليومية"، ويضيف بأنها "تحصل أيضا في عالم ممزق، وفي عالم العمل والبحث عن قوت العيش"، مشيرا إلى أنها ليست بمنأى عن "الحياة السياسية لبلد ما وظروف عيش المواطنين".
استقطاب للسياح الأجانب وتجاوزات بحق السكان
وفي ظل الأحداث الثورية التي حصلت في تونس ومصر أخيرا راقبت الوكالة البروتستانتية الألمانية للتنمية باهتمام تطور السياحة في البلدين، ويعترف فوكس بأنه قد فوجئ بمدى تأثير الجيش المصري على قطاع السياحة في مصر. ويقول: المسؤول الألماني إنه "من المعروف أن بعض العائلات والمستثمرين يسيطرون على السياحة في مصر"، ويضيف: "لكن ما هو جديد بالنسبة لي هو هذا التشابك الوثيق بين المسؤولين السياسيين والعسكريين وبين قطاع السياحة". يذكر في هذا السياق أن وسائل الإعلام قد نشرت تقارير مختلفة حول مدى تأثير المؤسسة العسكرية المصرية على اقتصاد البلاد.
وكان روبرت شبرينغبورن، بروفسور في المعهد العالي للبحرية الأميركية في كاليفورنيا وخبير في شؤون الشرق الأوسط، قد أفاد أن الجيش المصري يدير إمبراطورية اقتصادية تشمل نحو 400 شركة ومصنع في البلاد ويلعب دورا مؤثرا في اقتصاده لم يكن معروفا مسبقا. كما أنه يمتلك شركات لإنتاج والتجارة بالثلاجات والغسالات والمياه العذبة.
مسؤولية الشركات السياحية إزاء حقوق الإنسان
من جهتها، تشير كاترينا شبيس، من منظمة العفو الدولية، إلى أن بعض الأنظمة الديكتاتورية لم تعر أي اهتمام لهموم السكان المحليين ومصاعبهم عندما تعلق الأمر بالسعي إلى جذب سياح إلى البلاد. وتلفت في هذا السياق مثلا كمبوديا، حيث يجري بناء سلسلة فنادق على مصلحة السكان المحليين.
ويؤكد هاينس فوكس من الوكالة البروتستانتية للتنمية على مسؤولية السياسة والشركات العاملة في قطاع السياحة. ويقول إن اللجنة المكلفة الشؤون السياحية في البرلمان الألماني ترى أهمية المسؤولية في قطاع السياحة في حماية واحترام حقوق الإنسان. ولكنه يصف تجربته مع 11 ألف شركة ومكتب للسياحة في ألمانيا بال"سيّئة". ويوضح أن حتى مسؤولي شركات السياحة الكبيرة يقولون بأنهم "إذا اهتموا بحقوق الإنسان في البلدان السياحية ولفتوا انتباه حرفاهم إلى الأمر فإنهم سيغلقون باب رزقهم بأيديهم".
وتؤكد ليندا بوبه من منظمة حقوق الإنسان "سورفيفال إنترناشيونال" هذا الكلام، لكنها تشدد على أن منظمتها ستواصل مع ذلك إبلاغ شركات السياحة بما يحدث في البلدان التي يقصدها السياح من تجاوزات وانتهاكات لحقوق الإنسان، وتطالبها بالعمل من أجل حمايتها.
مارسيل فورستيناو / اسكندر الديك
مراجعة: شمس العياري