"السويد ودعت سخاءها التقليدي لتشدد قوانين اللجوء"
٢١ فبراير ٢٠١٧السيد إيتسولد، السويد تُعد بلداً جذاباً بالنسبة للاجئين في العالم. ولهذا البلد الذي يضم نحو 10 ملايين نسمة، تقاليد طويلة مع الهجرة. هل يمكن لك أن تشرح لنا التحول الذي طرأ على سياسة اللجوء في الماضي؟
توبياس إيتسولد: منذ 2009 كانت السويد تفتح أبوابها سنوياً لأكثر من 100 ألف لاجئ، وكانت بذلك طبقاً لعدد السكان البلد الذي استقبل أكبر عدد من اللاجئين. وفي 2015 بلغ عدد المهاجرين إلى السويد نسبة عالية، إذ وصل حينها نحو 170 ألف شخص إلى السويد ـ وكان هذا العدد مرتفعاً بالنسبة إلى الظروف السائدة في البلاد. وفي هذا السياق تقررت عدة إجراءات تم تنفيذها خلال عام 2016 وهي تعني تشديد واضح وقوي لقانون اللجوء.
وهذا أدى في السنة الماضية إلى استقبال البلاد فقط حوالي 30.000 لاجئ. كيف هو مستوى اندماج اللاجئين في السويد؟
الدولة السويدية تبذل جهوداً كبيرة لإدماج طالبي اللجوء، فهناك مثلاً دروس اللغة أو دروس التأهيل المهني. وعندما كان عدد اللاجئين يصل إلى 100 ألف شخص سنوياً، بدا وكأن الاندماج ناجح بالمقارنة مع بلدان أوروبية أخرى. فالحكومة مثلاً كانت تصر دائماً على توفير شقق سكن عادية للاجئين لخدمة الاندماج الاجتماعي تحديداً.
السويد كانت تفتخر لعدم حاجتها إلى مساكن جماعية. ونظراً لعدد اللاجئين المرتفع بات ذلك صعباً. وهناك مشكلة قائمة منذ بضع سنوات، وهي أن الكثير من المهاجرين يسكنون في ضواحي كبريات المدن القليلة. ونسبة المهاجرين هناك تصل بالمقارنة إلى عدد السكان إلى 80 في المائة. وبالتالي فان اللاجئين يعيشون مهمشين عن باقي السكان. وهي أحياء تكون فيها مشاكل وتنعدم فيها الآفاق.
هناك تقارير تتحدث من حين لآخر عن أن عدد اللاجئين الذين يجدون مكان عمل قليل. كيف هو اندماج اللاجئين في سوق العمل؟
السويد لها هنا مشاكلها الخاصة. فالصناعة السويدية جزئياً متخصصة جداً، وهناك حاجة إلى مؤهلات عالية للعمل هناك. والكثير من المهاجرين ليس لهم تلك المؤهلات، ووجب بالتالي تدريبهم ليصلوا إلى ذلك المستوى. وهذا ينعكس في عدد العاطلين عن العمل. وللحصول على مكان في سوق العمل يجب التمكن من اللغة السويدية، وليس هناك بديل آخر. بسبب العدد المرتفع للاجئين عام 2015 تأجلت معالجة طلبات اللجوء طويلاً. وهذا كذلك سبب وراء عدم حصول الكثير من اللاجئين على عمل.
كيف هي الأجواء داخل المجتمع السويدي فيما يخص تدفق اللاجئين على البلاد؟
الاستعداد للمساعدة كان لفترة طويلة كبيراً نسبياً. هناك شعور بالالتزام بتقليد معين، وبدا وكأن هناك إجماع حول ذلك في المجتمع. من جهة أخرى لم يُناقش الموضوع بصفة جيدة. فكلما تجرأ أحد على التعبير عن انتقاد، تم نعت ذلك فوراً بمعاداة الأجانب ـ حتى ولو أن الانتقاد كان في محله.
وهذا تغيَر لأن النقاش بات متشعباً. والسويد كان فيها لمدة طويلة قبل تدفق اللاجئين الكبير وسط يميني صغير نسبياً لكنه قوي ومستعد لممارسة العنف أدى إلى تجاوزات ضد دور اللاجئين. وهذه الهجمات ارتفع عددها في عامي 2015 و2016.
في ألمانيا استفاد "حزب البديل لألمانيا" من الجدل حول سياسة اللجوء. وحتى في السويد هناك الديمقراطيون الحزب الشعبوي الذي ينتهز الأجواء السائدة في البلاد. كيف ترون تطور الأحزاب السياسية في السويد؟
في أوج أزمة اللجوء عام 2015 استفاد ديمقراطيو السويد من الأجواء السائدة وكانت نسبة التأييد لهم تتراوح بين 20 و25 في استطلاعات الرأي. وبعض الاستطلاعات أفرزتهم كأقوى حزب سياسي. وهذا تغير بعض الشيء بعدما نفذت الحكومة إجراءات تشديد قانون اللجوء، ولاحظ الكثيرون أن الحكومة لا تنهج أسلوب التدفق غير المتناهي للاجئين، بل تعتني بمشاكلنا. وعليه انخفضت بعض الشيء نسبة تأييد ديمقراطيي السويد، ولكن هذه النسبة المئوية لا تعني شيئاً، إذ باتوا قوة سياسية في البلاد.
أجرت المقابلة: راحيل كلاين/ م.أ.م