السودان - حمدوك يحذر العالم مع دخول القتال أسبوعه الثالث
٢٩ أبريل ٢٠٢٣هزت ضربات جوية وقصف مدفعي العاصمة السودانية. وبحلول مساء اليوم السبت (29 نيسان/أبريل 2023) سمعت أصوات اشتباكات عنيفة على مقربة من مقر قيادة الجيش والقصر الرئاسي بوسط الخرطوم.
وغرق السودان في الفوضى منذ انفجر في منتصف نيسان/أبريل الصراع الدامي على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقّب "حميدتي". أوقعت الحرب ما لا يقل عن 528 قتيلاً و4599 جريحاً، وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة السبت، لكن يرجح أن تكون الحصيلة أكبر من ذلك.
ونزح حوالى 75 ألف شخص إلى الدول المجاورة مصر وإثيوبيا وتشاد وجنوب السودان وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فيما تنظم دول أجنبية عمليات إجلاء واسعة.
في هذا السياق، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن أسفه لاستمرار القتال فيما "ينهار البلد"، حسب ما قال في تصريح لقناة "العربية" الإخبارية السعودية.
ويتبادل طرفا النزاع الاتهامات بانتهاك الهدنة التي تم تمديدها لمدة ثلاثة أيام بوساطة دولية، وتنتهي الأحد في منتصف الليل (22,00 ت غ).
ويعاني السكان الذين يحاولون الفرار أو يقبعون في منازلهم، أزمات شاملة مع انقطاع المياه والكهرباء ونقص الغذاء.
وأعلنت نقابة الأطباء السودانيين أن 70% من المرافق الصحيّة في المناطق القريبة من مواقع القتال باتت خارج الخدمة والعديد منها طاوله للقصف.
تبادل اتهامات
وتبادل الجنرالان المتصارعان الجمعة الاتهامات عبر وسائل الإعلام. على شاشة قناة "الحرّة" الأميركية، وصف البرهان قوات الدعم السريع بـ"الميليشيا التي تسعى إلى تدمير السودان"، مؤكداً تدفق "مرتزقة" من تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى والنيجر. أما دقلو فتحدث من جهته عبر قناة "بي بي سي" عن خصمه واصفاً إياه بـ"الخائن" معتبراً أنه "ليس جديراً بالثقة".
والسبت، دعا رئيس جنوب السودان سلفا كير، وهو وسيط تاريخي في السودان، الجنرالين إلى إجراء "حوار مباشر بناء وملموس". وحضّهما أيضاً على "عدم محاولة تعزيز مواقع"، علماً بأن مراقبين عديدين لاحظوا أن أي هدنة لم تصمد لأن أيا من طرفي النزاع لا يريد أن يدع فرصة للآخر للتقدم أو استقدام تعزيزات.
عمليات الإجلاء تشارف على نهايتها
وإذا كانت الهدنة لم تضع حداً للمعارك، فقد سمحت للممرات الإنسانية بالبقاء مفتوحة. وفي هذا السياق، أتاحت قافلة نظمتها الولايات المتحدة إجلاء مواطنين أميركيين ومن دول أخرى إلى بورتسودان (شرق).
وانطلاقاً من المكان المذكور، وصلت السبت سفينة تقل نحو 1900 شخص من جنسيات مختلفة إلى جدة في غرب المملكة العربية السعودية. وأعلنت السعودية أنه تم في الإجمال إجلاء نحو 4879 من مواطنيها ومواطني 96 دولة أخرى عبر المملكة. وكانت المملكة المتحدة أعلنت أن آخر رحلة إجلاء تنظمها ستتم مساء السبت بعدما أخرجت أكثر من 1500 شخص من السودان.
من جهتها، قالت كندا إن "نافذة الفرص تضيق"، وصرّحت وزيرة الدفاع الكندية أنيتا أناند: "نواصل تقييم مختلف الخيارات لإجلاء الكنديين، بما في ذلك عبر الطرق البرية والبحرية". وأضافت أن "أكثر من 375 كنديا" تم إجلاؤهم من السودان، ولا يزال نحو 300 آخرين ينتظرون المساعدة للخروج من البلد.
المبعوث الأممي: بصيص أمل
وكان مبعوث للأمم المتحدة قدم في وقت سابق بصيصاً من الأمل لإنهاء القتال، إذ قال إن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اللذين لم يظهرا حتى الآن أي إشارة على إمكانية التوصل إلى حل وسط أصبحا منفتحين الآن على المفاوضات وإن لم يتحدد موعد لها.
وقال فولكر بيرتس الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إن طرفي الصراع سيقبلان "شكلاً ما من المحادثات". وتابع قائلا "لم تكن كلمة 'مفاوضات' أو 'محادثات' واردة في خطابيهما خلال الأسبوع الأول أو نحو ذلك".
وقال بيرتس إن الطرفين رشحا ممثلين عنهما للمحادثات التي اقتُرحت إقامتها إما في جدة بالسعودية أو في جوبا بجنوب السودان، لكنه استطرد قائلاً إن ثمة سؤالاً عملياً حول ما إذا كان بوسعهما الذهاب إلى هناك "للجلوس معا فعلياً". وأضاف أن المهمة التي لا تحتمل التأخير هي تطوير آلية لمراقبة وقف إطلاق النار. وتابع "أقر كلاهما بأن هذه الحرب لا يمكن أن تستمر".
حمدوك: كابوس للعالم
وقال رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك خلال مؤتمر في نيروبي إن الحرب يجب أن تتوقف محذراً من تداعياتها ليس فقط في السودان ولكن في المنطقة. وقال "هذه دولة ضخمة ومتشعبة للغاية ... أعتقد أنها (الحرب) ستكون كابوساً للعالم". وأضاف "هذه ليست حرباً بين جيش وتمرد صغير. إنهما تقريباً مثل جيشين مدربين تدريباً جيداً ومسلحين بشكل جيد".
جوع ونهب ونزوح
يتوقع برنامج الأغذية العالمي أن يواجه ملايين الأشخاص الإضافيين الجوع في أحد أفقر بلدان العالم حيث كان قرابة ثلث السودانيين البالغ عددهم 45 مليوناً يحتاجون ًلى مساعدات غذائية قبل اندلاع الحرب.
في غرب دارفور، قتل 96 شخصاً على الأقل منذ الاثنين في مدينة الجنينة، بحسب المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي وصفت الوضع بأنه "خطير".
وتتزايد أعمال النهب والتدمير وإضرام الحرائق بما في ذلك داخل مخيمات النازحين، بحسب منظمة أطباء بلا حدود التي اضطرت إلى "وقف كل أعمالها تقريباً في غرب دارفور" بسبب العنف، بحسب ما قال نائب مدير المنظمة في السودان سيلفان بيرون. وحذّر بيرون في بيان من أن منظمته "قلقة جداً من تأثير أعمال العنف على الذين سبق أن عانوا موجات من العنف".
وشهد إقليم دارفور حربا دامية بدأت في العام 2003 بين نظام البشير ومتمردين ينتمون إلى أقليات إثنية ما أسفر عن مقتل 300 الف شخص ونزوح 2,5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.
خ.س/ص.ش (رويترز، أ ف ب)