السعودية ولغز تضارب أرقام ضحايا تدافع منى
٢١ أكتوبر ٢٠١٥عاد موضوع حصيلة ضحايا حادث التدافع الدامي فيمنى إلى الظهور مجددا، بعد أن قدمت مصادر إخبارية حصيلة جديدة لضحايا الحج، إذ نشرت صحيفة "أبند بلات تسايتونغ" الألمانية تقريرا إخباريا الثلاثاء (20/10/2015) قالت فيه إن أرقام الضحايا تصل إلى 2253 وذلك استنادا إلى مصادر إخبارية محلية، بينما نشرت وكالة فرانس برس الإخبارية أن الحصيلة هي 1849 وذلك وفقا لأرقام رسمية استمدتها من31 دولة أعلنت فيها عن عدد ضحاياها.
وفي حين أقرت الرياض أن حادثة التدافع أودت بحياة 863 شخصا، وفق آخر إحصائية حكومية، اتهمت دولا عديدة الحكومة السعودية بالتقصير، خاصة إيران، التي طلبت المشاركة في لجنة التحقيق الخاصة التي تم تشكيلها لكشف ملابسات الحادث.
من جهته توقع رئيس منظمة القسط لحقوق الإنسان يحيى عسيري في حوار مع DW عربية أن يتجاوز عدد الضحايا "4000"،وذلك نسبة لتقارير أولية أوردتها وزارة الصحة السعودية على موقعها الالكتروني قبل أن يتم سحبهامن قبل الحكومة، وقال الخبير السعودي إن العديد من الدول لا ترغب بتعكير علاقاتها مع السعودية، ما يجعلها تلتزم بالأرقام السعودية في الوقت الحالي
وكانت صحيفة "أبند بلات تسايتونغ"قد نشرت بدورها أن الموقع الالكتروني التابع لوزارة الصحة قد ذكر أن4173 هو عدد ضحايا التدافع، إلا أن الدراسة اختفت بعدها بفترة وجيزة.وبدأ الإعلان عن الحادث في مشعر منى عبر الإشارة من قبل الدفاع المدني السعودي إنه حدث ارتفاع وتداخل مفاجئ في كثافة الحجاج المتجهين إلى الجمرات عبر شارع رقم (204) عند تقاطعه مع الشارع رقم (223) بمنى مما نتج عنه تزاحم وتدافع بين الحجاج وسقوط أعداد كبيرة منهم في الموقع. وأعلنت السعودية عن سقوط 100 قتيل و390 إصابة، وسرعان ما عاد العدد ليرتفع.
سبب الحادث وإشكالية لجنة التحقيق
صحيفة الديار اللبنانية نشرت على موقعها الالكتروني بأن الحادث يعود إلى زيارة شخصية مهمة من العائلة الحاكمة للمكان المقدس، مما أدى إلى تدافع بين الحجاج، في حين أعلن وزير الصحة السعودي للقناة الإخبارية الرسمية خالد الفالح أن عدم التزام بعض الحجاج بالتعليمات هو سبب الحادث، وأضاف بأن لجنة التحقيق التي شكلت ستقدم رأيها بهذا الموضوع.
إلا أن عسيري يرى بأن لجنة التحقيق المشكلة "غير قادرة على التوصل لأية حقائق" وذلك بسبب أن رئيسها ولي العهد الأمير محمد بن نايف هو نفسه رئيس لجنة الحج العليا ووزير الداخلية المفروض أن يدير ويسيًر شؤون الحجاج. وتساءل " كيف من الممكن أن يحقق في أمر هو مسؤول عنه؟".
وبحسب مدير منظمة القسط فإن المشكلة الأساسية للسعودية تكمن في تعاملهامع موضوع الحج وكأنها مسألة أمنية، فتوكل بإدارتها إلىوزارة الداخلية وتشارك قوات الطوارئ والمباحث العامة والشرطة في التنظيم، حسب أقوال العسيري.
ويضيف الخبير "الأصل أن الحج هو أمر ديني مدني، يحتاج إلى خبراتمهندسين ورجال دين، لتنظيم الشوارع وعملية سير الحجاج". وقال:"إن تأتي برجل أمن وتطلب منه تسيير موضوع الحج فيه ظلم للجهتين، الحجاج ورجال الأمن، وهو سبب الإخفاقات المتعددة لمواسم الحج التي تشرف عليها السعودية".
مناكفة سياسية بين طهران والرياض
واعتبر عسيري أن المطالبات الإيرانية بالانضمام إلى لجان التحقيق ليست جيدة، ولن تخدم الحقيقة، لأنهاستصب في خانة المناكفات السياسية كما يعتقد. وقال: "إن لجنة التحقيق الخاصة بحادثة سقوط الرافعة، والتي سبقت حادثة التدافع خرجت بنتائج التحقيق بعد ساعات قليلة وبسرعة "مريبة"، حيث أدانت اللجنة شركة بن لادن. بينما للآن لم تخرج أية تفاصيل عن أسباب التدافع". وبحسب الخبير السعودي، فإن هذا يثير الشكوك بمصداقية اللجنة الأولى أو إن كانت الحكومة تستغل هذه الحوادث من أجل تصفية خصومها السياسيين.
عدم كفاءة السعودية
وعن الاتهامات التي وجهت للسعودية بعدم الكفاءة والقدرة على إدارةالحج قال عسيري: "المشكلة التي لدى السعودية أنها لا تمتلك منظمات مجتمع مدني وإعلامحر. لأن حكومة الرياض "تحاربهاوتخاف من وجودها". وأضاف "لو قامت السعودية بإعلان أن الحادث حصل، وشكلت لجان تحقيق من منظمات العمل المدني، وكان لديها قانون ملزم للحكومة، لكانت فوتت الفرصة على المتربصين بها"، بحسب رأيه.
وتابع الخبير "السعودية ليست دولة مؤسسات، لذلك لا يوجد لديها سلوكا معينا تتبعه كل مرة". وأضاف "ربما ترفع الأرقام بالتدريج لتمتص صدمة العالم. وربما تظل منكرة للأرقام". وتابع "مشكلة عدم الكفاءة رأيناها في حادثة التدافع، فالدولة تعاملت مع الموضوع بطريقة "كيف سنخفي الحدث"وليس "كيف سنواجه الحدث".