السعودية – "أحكام الإعدام رسالة ضد أي إرادة للتغيير"

نفذ حكم الإعدام على ستين شخصا في المملكة العربية السعودية هذا العام. وكل من يقوم بأعمال مخالفة للشريعة يعاقب بأحكام صارمة، قد تصل إلى حكم الإعدام في السعودية، حيث تعتبر الأسرة المالكة نفسها هناك المدافع الأمين عن السنة في الإسلام.

العقوبات تطال المنتقدين للنظام أيضا، مثل الناشط رائف بدوي الذي انتقد على موقعه الالكتروني "الليبراليون السعوديون" شخصيات دينية سعودية. كما انتقد الدور الذي يلعبه الإسلام في الحياة العامة للبلد. وعلى إثر ذلك اتهمه القضاء بإهانة الدين وبالاستهزاء بشخصيات إسلامية، مبتعدا بذلك عن واجب الطاعة.

وفي وقت لاحق وجهت إليه "تهمة الردة" عن الإسلام، والتي يعاقب عليها في المملكة العربية السعودية بالإعدام. وفي عام 2013 حكم عليه ب 600 جلدة وبالحبس لمدة سعة أعوام. وبعد استئنافه هذا الحكم صدر حكم جديد في حق يقضي بألف جلدة وعشرة أعوام سجنا، إضافة إلى غرامة مالية تصل إلى 195000 يورو.

ليست قضية بدوي فريدة من نوعها، حيث يتم هناك تطبيق عقوبات قاسية في حق نشطاء حقوقيين ومنتقدين لتدخل الدين في الحياة العامة. فعام 2014 حكم على الناشط وليد أبو الخير بـ 15 عاما سجنا. التهمة الموجهة إليه حسب منظمة العفو الدولية هي "عدم طاعة ولي الأمر ومحاولة وضع شرعية الملك موضع شك، والإضرار بسمعة الدولة من خلال التواصل مع منظمات دولية، وجمع معلومات خطيرة عن الشأن العام والاحتفاظ بها أو القيام بإرسالها. ووليد أبو الخير هو ناشط في حقوق الإنسان، يعمل كمحام ومن بين زبائنه رائف بدوي نفسه.

مصطلحات وتفسير مختلف

واعتمد القاضي في حكمه على أبو الخير، على قانون جديد خاص بالإرهاب، لم يكن قد دخل حيز التنفيذ عند توجيه التهمة إلى الناشط وليد أبو الخير، إذ أصبح القانون ساريا المفعول في شهر فبراير من عام 2014. ويخول هذا القانون للدولة إمكانية مواجهة الجرائم الإرهابية. المشرع السعودي يطلق على تلك المخالفات "جرائم الإخلال بالنظام العام للدولة" و "زعزعة استقرار الدولة وأمن شعبها" و"تهديد الوحدة الوطنية أو " الإضرار بسمعة الدولة ومكانتها". وكثيرا ما يعتمد القضاة السعوديون في أحكامهم على جُمل ومصطلحات مطاطة، تخضع لتفسيرات مختلفة.

خلال السنتين الأخيرتين خصوصا أصدرت أحكام قاسية بالسجن في حق كثير من الناشطين الحقوقيين والمدونين. وبذلك تقوم الدولة السعودية بتقليص حرية الإعلام بشكل قوي. وحسب قائمة جديدة لمنظمة "مراسلون بلا حدود" حول حرية الصحافة تحتل السعودية المرتبة 164 من بين 180 دولة. كما تحتل المملكة السعودية مكانة متقدمة في موضوع الأحكام بالإعدام، إذ ذكرت منظمة العفو الدولية أنه تم تنفيذ حكم الإعدام في السعودية 79 مرة على الأقل خلال عام 2013. وفي هذا العام وصل عدد الذين نفذ بهم حكم الإعدام حتى الآن إلى 60 شخصا.

"إهانة الدين"

تطبق عقوبة الإعدام بالخصوص على القتلة والمتاجرين بالمخدرات. وقد تصدر أحكام الإعدام أيضا في حالات "الجرائم الدينية"، حيث صدر وسط شهر أكتوبر حكم بالإعدام في حق رجل الدين الشيعي، نمر النمر (صورة المقال)، بتهمة الدعوة إلى العنف بين الطوائف الدينية وتنظيم مسيرة احتجاجات، إضافة إلى عدم احترام واجب الطاعة تجاه الملك.

ويعتبر بينو برويشافت مدرس الدراسات الإسلامية بجامعة مونستر والباحث في الأنظمة الملكية العربية أن لهذا الحكم تأثير رمزي، إذ يعتقد أن مثل الأحكام هي رسالة قوية إلى الداخل أنه لن يتم التسامح مع أي إرادة للتغيير أو بحدوث توجهات ثورية، كيفما كانت الأحوال.

وليس من المفاجأة إذن، حسب الخبير، أن تقوم أحكام كثيرة على تهمة مخالفة الدين. فالأسرة المالكة تنطلق في تحديد شرعيتها من أنها تلعب دور المدافعة عن الإسلام وحارسة مقدساته. وبذلك فإنها تبرر داخليا وخارجيا موقعها القيادي الديني، فيما يتعلق بالعالم السني. ويعني ذلك بالنسبة للأسرة المالكة أن أي انتقاد للدين يشكل انتقادا لمكانتها القيادية بهذا الشأن، حيث تسعى بذلك إلى التأكيد على مكانتها الاحتكارية في هذا المجال، حسب الباحث في الملكيات العربية بينو برويشافت.