السخرية عبر الانترنت قد تؤدي إلى غياهب السجون
٢٦ يوليو ٢٠١٣"أنا معروف بأسلوبي الساخر. ولكن فكرة تشييد تمثال للحرية على ميناء نيويورك أمر لم يخطر في بالي أبدا"، عبارة شهيرة قالها الأديب الايرلندي وحامل جائزة نوبل جورج برنارد شو. وعلى الرغم من أنه انتقد فكرة الحرية الأمريكية بلسان حاد جدا إلا أنه لم يتعرض لمشاكل عند السفر إلى الولايات المتحدة.
وقد يقول قائل بأنه لم تكن لبرنادشو مشاكل مع شرطة الحدود لأن الشرطة لم تكن تعرف في بدايات القرن العشرين كل شاردة وواردة عن تصرفات الناس وأقوالهم. فاليوم يمكن معرفة كل شيء عن المسافرين، وقد يطلق رجال الشرطة بعض التلميحات الخبيثة التي تخفي نوايا خبيثة. وهذا ما عايشه مؤخرا مواطنٌ آخر لبرنارد شو.
رقابة شاملة على الانترنت
أحد الشباب من إيرلاندا واجه رفضا من قبل الشرطة الأمريكية في مطار لوس أنجلوس، حيث منعته من دخول البلاد. والسبب: رسالة ساخرة على موقع تويتر. ولكنها لم تكن موجهة ضد الولايات المتحدة – كما يعتقد مرسلها. بل على العكس من ذلك، حيث أخبر على تويتر بأنه "سيحتفل بصخب في لوس أنجلوس" وكتب عبارة: "سيخرج مارلين مونرو من قبرها" و "يدمر أميركا". ولكن ضباط الهجرة ليس لديهم الكثير من الوقت لتحمل المزاح الإلكتروني. ولذلك احتجزوه لمدة 12 ساعة.
المحامي المتخصص في مجال قانون تكنولوجيا المعلومات كلاوس لوديغكايت ينصح "بالابتعاد عن مثل هذه التصريحات، حتى ولو كانت من باب المزاح والسخرية"، ثم يشرح المحامي المقيم في هامبورغ تعامل الأمريكيين مع البيانات بالقول: "الأمريكيون يسجلون تقريبا كل المكالمات الهاتفية، يخزنون الكثير مما يتم تداوله على شبكة الانترنت، ويخزنون نسخ احتياطية. لذلك يجب توقي الحذر فيما يتعلق بأي شيء يتعلق بأمن الولايات المتحدة".
بين المراهقة والمزاح
ولكن الأمر لا يقتصر على السفر ودخول البلاد. فقبيل النطق بالحكم على الحارس جورج تسيمرمان، الذي أطلق النار في ولاية فلوريدا على الشاب الأسود ترايفون مارتن، كتب مراهق عمره 15 عاما في بلدة زيون الصغيرة في ولاية إلينوي: "إذا تمت تبرئة تسيمرمان، فسيقوم بإطلاق النار على كل من يراه في زيون، وسينال بعدها البراءة."
وبعد ذلك بوقت قصير، اعتقلت الشرطة المحلية ذاك المراهق. وعقب تحقيقات ومشاورات، اقتنع المفتشين بعدم وجود خطر من قبله، "ليس لديه أسلحة وليس لديه إمكانية الوصول إلى أي منها"، كما جاء في بيان للشرطة.
تصريحات مضلَّلة أم غباء؟
وهناك ما هو أسوأ، وهذا ما واجه الشاب الأميركي جاستن كارتر ذي الـ18 ربيعا. فوفقا لما قاله والداه، كان جاستن يلعب مع آخرين على الانترنت لعبة افتراضية، يتم فيها لعب أدوار معينة. وبعدها كتبوا في فيسبوك عنه بأنه "مجنون، ومصاب بلوثة في عقله"، أجاب كارتر: "نعم، أنا مجنون كليا. سأنطلق إلى أقرب مدرسة وسأطلق النار عشوائيا على أطفال المدرسة، وبعدها سآكل قلوبهم".
وعلى ما يبدو فقد أوضح له أحدهم، بأن كلاما مثل هذا يمكن أن يفهم خطأ، فأضاف على الفور عبارة "LOL" (وهي اخصارا لعبارة: الضحك بصوت عال) و "JK" ("اختصار لعبارة: للمزح فقط"). ورغم ذلك، أودت به تلك التصريحات إلى السجن لعدة أشهر. الآن تم أطلاق سراحه بكفالة، ويواجه عقوبة سجن إضافية.
ولكن هل للسلطات الأمنية، سواء في ألمانيا أو في الولايات المتحدة الأمريكية الحق في التجسس على الاتصالات والتدوينات الخاصة؟ "كلا"، كما يقول ماريو تانتس، المتحدث باسم المجموعة البرلمانية لحزب القراصنة في ولاية شليزفيغ – هولشتاين. ولكنه يستدرك بأن "السلطات الأمنية في الولايات المتحدة لم تقم بتخزين ما كتبه الأشخاص المعنيون في الحالات المذكورة، ولكن على ما يبدو فإنها تلقت معلومات من محيط الجناة أو الجناة المحتملين. وعندما يصدر ما يؤشر الى وجود شيء ما عن شخص حقيقي، فإن السلطات الأمنية تكون ملزمة بالتحقيق في الأمر".
"رابطة الحماية من تجسس وكالة الأمن القومي"
وهناك قضية حدثت في ألمانيا، حيث دعا دانيال بانغيرت (28 عاما) عبر فيسبوك إلى القيام "بنزهة للمشي باتجاه مجمع داغر"، وهو منشأة أمريكية قرب مدينة دارمشتات في ولاية هيسن الألمانية، حيث يُزعم بأن لوكالة الأمن القومي الأمريكية مكاتب تحت الأرض هناك. هذه الدعوة لم تكن جدية وإنما تهكمية وجهها عضو في "رابطة الحماية من تجسس وكالة الأمن القومي" بهدف "الكشف والرصد".
ولكن يبدو أن الشرطة العسكرية الأمريكية في ألمانيا لم تعتبر ذلك مزاحا، حيث أبلغت السلطات الأمنية الألمانية، التي توجهت بدورها إلى الشاب الألماني في ساعات الصباح الباكر للتحقيق معه. وحتى سلطات أمن الدولة تدخلت في الموضوع وسألت بانغيرت عن "مواقفه السياسية" وأفكاره.