السايبورغ.. أو عندما تُسمع الألوان
١٣ يونيو ٢٠١٣قد يعتقد البعض أن المقصود بالسايبورغ جنود لعبة السايبورغ الإلكترونية الشهيرة، نصفهم إنسان والنصف الآخر روبورت. لكن هذا غير صحيح، فالمقصود بالسايبورغ أناس يعانون من عمى الألوان، زرعت لهم أعين إلكترونية تساعدهم على رؤية الألوان عبر إشارات صوتية ترسلها العدسة إلى الدماغ، فيتعرف الشخص على اللون الأحمر أو الأخضر مثلا، أي إذا كان الشخص ذو العين السليمة يرى الألوان فإن السايبورغ يسمعها.
DW التقت نيل هاربيسون الذي طور هذه الطريقة في العاصمة الألمانية برلين وأجرت معه الحوار التالي:
DW: كيف هو شكل العالم بأعين السايبورغ؟
نيل هاربيسون: لا أرى هنا إلا أصواتا، لكنني أيضا أسمع الموسيقى عبر العين الإلكترونية وأنا أمشى بجانب الجدار، فالأخير مزركش بالألوان. وهكذا أسمع موسيقى جديرة بالاهتمام.
أنت محاط دائما بالموسيقى، أليس ذلك مزعجا أحيانا؟
لو استخدمت هذه الطريقة قبل عشر سنوات، لكنت قد فقدت صوابي. لكن دماغي اليوم تعوّد على الاستماع إلى الألوان. ويجب القول إن عدد الأصوات محدود.
ما هو لونك المفضل؟
فوق البنفسجي، لأن الصوت المرادف له عميق ومقبول. ويمكنني التمييز بين عدد هائل من الألوان، وهذه هي ميزة العين الإلكترونية لأنها تسمح لصاحبها بإدراك عدد أكبر من الألوان، أكثر من العين السليمة.
كيف أصبحت "سايبورغ"؟
كان ذلك عندما زرت محاضرة حول تقنية التحكم خلال فترة دراستي للموسيقى. وكان موضوعها يدور حول الإمكانيات التي تتيحها التقنيات لتوسيع إدراكنا الحسي. وعندها طرحت على نفسي السؤال التالي: ألا يمكن للتقنية مساعدتي في التعرف على الألوان؟ بعد ذلك، قمنا بتطوير عين إلكترونية تحوّل الألوان إلى أصوات. الآن أصبحت أشعر بأن هذه التقنية جزء من جسدي.
العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة يتعايشون مع إعاقتهم، إلا أنت رفضت ذلك، فلماذا؟
كنت دائما أريد إدراك الألوان، فهي مهمة لعملية الاندماج داخل المجتمع، لأن الإنسان يشعر بأنه مهمّش إذا لم يكن قادرا على رؤية الأشياء كالآخرين. ولأنني لا أريد التخلي عن إدراك الأبيض والأسود، وهما اللونان الوحيدان اللذان أستطيع التعرف عليهما، استخدمت العين الإلكترونية التي أثبتت فعاليتها بالنسبة لحالتي. الآن، أشعر بنفسي إنسانا مكتملا، فإذا كان الناس لا يستطيعون سماع الألوان، فإنه باستطاعتي سماعها.
منذ متى بدأت تشعر بأنك سايبورغ؟
منذ أن بدأت أرى الألوان في منامي، أي أن الإشارات الصوتية بدأت تحضرني في الحلم، وذلك ليس عن طريق العين الإلكترونية وإنما عبر الدماغ فعلا. وهذا الأمر يعني أن الحدود بين التقنية والجسد قد زالت. عندها شعرت بنفسي سايبورغ.
وما معنى كلمة سايبورغ؟
سايبورغ هو الشخص الذي يتوفر في جسده على آلة تقنية يتم التحكم فيها. أي أنه مزيج بين الإنسان والآلة. وهناك من يدعي أن زرع صمام القلب أو ارتداء نظارة طبية كاف ٍ لكي يتحول الإنسان إلى سايبورغ.
هل تستطيع القيام بكل شيء ترغب فيه بالعين الإلكترونية؟
أجل، يمكنني النوم وأخذ دوش والسباحة. يمكنني القيام بكل شيء ما عدا الغطس، لا يمكنني القيام به لأن العين الإلكترونية غير مجهزة لمقاومة الماء.
كيف تفسر النظرة السلبية للسايبورغ؟
شهدت نهاية القرن الماضي، ظهور العديد من قصص الكرتون التي تتحدث عن جنود السايبورغ، وتم تقديمها كشخصيات خطرة تمثل مزيجا بين الإنسان والآلة، وهي الفكرة التي ترسّخت لاحقا في أذهان الناس، حتى باتوا يعتقدون أن التقنية شيء ضار وخطير. بيد أن البشر هم من طور التقنيات وهم المسؤولون عنها.
لقد قمت بإنشاء جمعية للسايبورغ، فما الغرض منها؟
هناك ثلاثة أهداف لهذه الجمعية: أولا نريد مساعدة الناس لكي يتحولوا إلى سايبورغ، وأن يصبح التطور التقني جزءا من أجسادنا بعدما أضحى قسما مهما في حياتنا اليومية. الهدف الثاني هو الدفاع عن حقوق السايبورغ. أما الثالث، فيتمثل في دعم الموسيقى الإلكترونية كاتجاه فني جديد، إذ إن ظهور طرق إدراك حسية جديدة ألزم الفنانين على تطوير أشكال فنية جديدة. وسيكون الأمر رائعا، إذا ما شاهدنا أناسا بأجهزة لاقطة فوق رؤوسهم، كوسيلة لإدراك معارف جديدة.
نيل هاربيسون: أول شخص في العالم تمّ الاعتراف به كسايبورغ. يبلغ من العمر ثلاثين عاما. وهو يعاني منذ ولادته من مرض عمى الألوان، ولا يمكنه التعرف سوى على الأبيض والأسود. وقد زرعت له عين إلكترونية قبل تسع سنوات، ليؤسس بعدها جمعية في برشلونة الإسبانية لدعم السايبورغ.