الرئيس يواخيم غاوك يحث الألمان على النهوض ضد اليمين المتطرف
٢٦ أغسطس ٢٠١٢تحيي ألمانيا منذ الأربعاء (22 أغسطس/ آب2012) ذكرى أخطر أعمال شغب عنصرية ضد أجانب وقعت قبل 20 عاما في مدينة روستوك شرق البلاد، وذلك في الوقت الذي لا يزال فيه المد النازي المتطرف يتميز بوجود قوي في ألمانيا الديمقراطية.
وقد حث الرئيس الألماني يواخيم غاوك خلال الحفل الخطابي الرئيسي لإحياء هذه الذكرى السنوية بروستوك اليوم الأحد (26 أغسطس/ آب) المواطنين على العمل بقوة على الدفاع عن قيم الديمقراطية، وقال يجب "على الديمقراطية أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها، ولا يحق أن ُينتزع منها احتكار السلطة. وأوضح الرئيس الألماني أن اليمينيين المتطرفين يواجهون اليوم جبهة واسعة من الديمقراطيين وقال "أينما كان النازيون الجدد فإننا أكثر عددا منهم بعشر مرات" داعيا الشعب إلى مواجهة المتطرفين.
روستوك تنهض ضد النسيان والعنصرية
وفي مدينة روستوك الواقعة على بحر البلطيق ألقى عدد من النازيين الجدد بدعم من بعض السكان مواد حارقة في 26 اب/اغسطس 1992 على مركز لطالبي اللجوء ومسكن لعمال فيتناميين. وفي حي ليشتنهاغن هتف آلاف الأشخاص لمدة أربعة أيام "ألمانيا للألمان، اطردوا الأجانب" في مشهد غير مسبوق منذ الحقبة النازية.
وقد تظاهر آلاف من سكان روستوك خلال نهاية هذا الأسبوع من أجل التسامح ونبذ العنصرية، وتحدث المنظمون عما أسموه ظهورا قويا ضد النسيان والتهميش. وقال رئيس وزراء الولاية إرفينغ زلورينغ "قد أصبحنا أكثر يقظة، موضحا أن الكثير من المبادرات المدنية نشأت منذ تلك الحادثة لمواجهة ضيق أفق اليمين المتطرف. وذكرت بيانات الشرطة المحلية أن حوالي 7000 شخص شاركوا في المظاهرات وحفلات الموسيقى والمهرجانات الخطابية في روستوك التي أحيت الذكرى السنوية العشرين للهجوم على عشرات من طالبي اللجوء الذين كادوا يفقدون حياتهم حرقا.
تحولات الحقبة شجعت التطرف في روستوك
أوضح ديرك بورستيل خبير اليمين المتطرف في جامعة بيليفيلد أن الأزمة الاقتصادية التي أعقبت إعادة توحيد ألمانيا تسببت في طوابير طويلة من العاطلين عن العمل أمام مراكز الخدمة الاجتماعية. وآنذاك لم يكن لشرق ألمانيا أي خبرة تقريبا مع الهجرة. فقد كانت القلة القليلة من العاملين الأجانب القادمين من دول اشتراكية صديقة يعيشون في عزلة عن المجتمع.
وبعد عام تقريبا وقعت بالفعل اعمال عنف عنصرية في مدينة هويرسفيردا في شرق ألمانيا أيضا. وفي هذا السياق أقيم مركز استقبال لطالبي اللجوء في روستوك. ويشير بورستيل إلى أن ألمانيا شهدت أيضا نقاشا حاميا حول حق اللجوء مع ارتفاع عدد طالبي الهجرة إلى رقم قياسي عام 1992 بسبب الحرب في يوغوسلافيا السابقة. وسرعان ما ازدحم مركز روستوك باللاجئين وبينهم الكثير من غجر رومانيا الذيين بعد أن امتلأ بهم المبنى افترشت أسرهم الحديقة المقابلة التي امتلأت بالفضلات والأزبال بسبب عدم وجود مراحيض.
ولم يتم إجلاء المهاجرين من المركز إلا بعد الليلة الثالثة من أعمال الشغب في حين بقي 120 فيتناميا داخل المبنى الذي شب فيه حريق بسبب قنابل المولوتوف التي ألقيت عليه لينجو هؤلاء من الموت في آخر لحظة.
اليمين المتطرف لا يزال قويا في ألمانيا
وانتقد مدير أعمل منظمة برو أزول المدافعة عن حقوق الاجئين، غونتر بورغهارت أنه "غالبا ما يتم تجاهل" العنصرية في ألمانيا. وقال في كلمة ألقاها اليوم الأحد في روستوك إنه تم التقليل من شأن الكثير من الاعتداءات اليمينية المتطرفة التي لم يتم الكشف عن ملابساتها، ما أدى إلى "فشل تام للمحققين" في الاغتيالات التي نفذتها مجموعة يمينية إرهابية. ويشتبه في قيام مجموعة من ثلاثة نازيين جدد بقتل تسعة أجانب من 2000 إلى 2006 إضافة إلى شرطية عام 2007. وقد أثارت هذه القضية ضجة كبيرة لان المحققين لم يأخذوا بجدية لسنوات احتمال وجود دوافع عنصرية لهذه الجرائم.
ويؤكد بورستيل اليوم أن قصة روستوك "لن تتكرر أبدا"، لكن "الأمر المؤكد هو استمرار حدوث أعمال عنف يومية من قبل اليمين المتطرف". ومنذ إعادة توحيد ألمانيا سقط 58 شخصا ضحية الجرائم العنصرية وفقا لوزارة الداخلية. في المقابل تتحدث وسائل الإعلام عامة عن 149 قتيلا. ويعد الحزب النازي الجديد الذي تفكر برلين في حظره، جزءا من المشهد السياسي في ألمانيا الحديثة. ولديه نواب في البرلمانين الإقليميين.
م أ م/ ح.ز ( ا ف ب، د ب أ)