الرئيس الالماني: لن ننسى وتاريخنا ماثل في أذهاننا الى الابد

توجهت الأنظار اليوم الى البرلمان الألماني (البندستاغ) حيث ألقى الرئيس الألماني كلمة بمناسبة مرور ستين عاما على استسلام ألمانيا وانتهاء الحرب. وقال كولر بحضور معظم أعضاء الحكومة والبرلمان الالمانيين: "نتحمل كامل المسؤولية بأن تبقى ذكريات الماضي الاليمة واسبابها حاضرة في أذهاننا. يجب أن نعمل كل ما بوسعنا كي لا يتكرر ذلك أبدا في المستقبل." وصفق الحاضرون لكولر ولكلماته المؤثرة عندما قال: "ان الجرائم والآلام التي سببتها ألمانيا النازية للعالم ما زالت آثارها حاضرة حتى اليوم. ما زال هناك الكثير من الابناء يبكون على فقدان آباءهم وأقربائهم، وعلى فقدان بيوتهم وأوطانهم." وحذر الرئيس الالماني شعبه وخصوصا الأجيال الشابة من نسيان أو تناسي المآسي التي سببها النظام النازي لملايين البشر، قائلا: "نحن الألمان يغمرنا اليوم الأسى والخجل عندما نعود بذكرياتنا الى الحرب التي قادتها ألمانيا ضد الحضارة الإنسانية. نتذكر اليوم ستة ملايين يهودي تم قتلهم بابشع الطرق التي عرفتها البشرية."

ولم ينس الرئيس الالماني بالطبع أن يوجه الشكر الى الحلفاء الذين قاموا بتحرير ألمانيا وبتخليص البشرية من آلة الظلم والتدمير حسب قوله. ووجه كولر أيضا شكره الى كل الذين ساهموا خلال الستين سنة الماضية في تغيير وجه ألمانيا واعادتها الى صفوف المجتمع الدولي. وامتدح الرئيس الالماني الذي ينتمي الى صفوف الحزب المسيحي الديمقراطي المعارض شجاعة مواطني ألمانيا الشرقية سابقا، حيث اجتمعت لديهم الإرادة والتصميم والذكاء وتمكنوا عام 1989 من ازالة آخر بقع الظلم والتفرقة، وذلك في اشارة الى انهيار سور برلين عقب احتجاجات الالمان الشرقيين.

قداس كنسي مشترك في برلين

سبق احتفالات البرلمان الالماني الرسمية بذكرى "التحرير" من براثن الحكم النازي قداس كنسي مشترك شاركت فيه الكنيستان البروتستانتية والكاثوليكية في كاتدرائية القديسة هدفيك في برلين صباح اليوم. وقد اعتبر الكاردينال كارل ليمان، رئيس مجلس الأساقفة الكاثوليك في ألمانيا، في كلمته في الحفل ان الثامن من مايو/أيار 1945 هو يوم "تحرير الشعب الألماني والشعوب الأوروبية من النازيين وحكمهم." الكاردينال ليمان أكد أن 08 مايو/أيار "لا يؤرخ نهاية حقبة من القهر والقتل والابادة فحسب، بل هو بمثابة بداية الحياة من جديد"، مؤكدا "أن جرائم هتلر تركت بشكل خاص أثارا مأساوية على المهجرين في ألمانيا الشرقية سابقا، وهذا ما لا يتم الإقرار به بشكل كاف هذه الأيام." وقال ليمان "ان العبء التاريخي لم يوزع على الشعب الألماني بشكل عادل." وحضر القداس الرئيس الألماني هورست كولر والمستشار الألماني غرهارد شرودر إضافة إلى رئيس البرلمان الألماني فولفغانغ تيرزة. بعد ذلك توجه الجمع الى نصب ضحايا الحرب والقمع حيث تم وضع أكاليل الزهور وعزفت الموسيقى الحزينة في جو مهيب نقل السامع والمشاهد الى أجواء الحزن والأسى قبل ستين عاما.

مظاهرات للنازيين الجدد

لم ينس الرئيس الألماني الاشارة في كلمته الى النازيين الجدد، معربا عن اسفه لوجود مثل هذه الجماعات التي تنادي بالعودة الى الدكتاتورية والعنصرية. الا انه أكد في الوقت ذاته أن "هؤلاء فرصتهم معدومة تماما في تحقيق أهدافهم" وذلك لان أغلبية الشعب الألماني تعارضهم وتقف ضدهم، كما أن مبادئ الديمقراطية الراسخة في ألمانيا

كفيلة بالتصدي لهم ولأفكارهم على حد قوله. ومن الجدير بالذكر أن حوالي 3000 عنصر ينتمون الى الاحزاب اليمينية المتطرفة قاموا بالتظاهر صباح اليوم في وسط برلين بعد أن تم منعهم من التظاهر أمام بوابة براندينبورغ كما كانوا يخططون. ونظم هؤلاء مظاهراتهم تحت شعار: "60 عاما شعارات تحرير كاذبة، كفى تأنيبا وشعورا بالذنب". وقد رافق المتظاهرين كم كبير من قوات الامن الالمانية التي عملت على عدم حدوث تصادم مع مظاهرات مضادة في العاصمة برلين أيضا نظمها حوالي 6000 شخص معظمهم من اليساريين ومعارضي النازيين. وقد حاول بعضهم الوصول الى تجمع النازيين الجدد، الا أن قوات الامن حالت دون ذلك.

الاحتفالات تتواصل اليوم في موسكو

بعد الانتهاء من الاحتفالات الرسمية في برلين يتوجه المستشار الالماني شرودر الى موسكو حيث سيكون أول مستشار ألماني يشارك في الاحتفالات الروسية بمناسبة الانتصار على النازية وانتهاء الحرب. ويشارك في الاحتفالات أيضا الرئيس الأمريكي بوش وعدد كبير من كبار الشخصيات السياسية والدينية في العالم. وقد حولت الإجراءات الامنية التي تشارك فيها اربعون طائرة مروحية تحلق في الاجواء و35 الفا من عناصر قوات الامن المنتشرين في الشوارع، واغلاق جزء من وسط المدينة امام حركة سير السيارات، حولت موسكو الى مدينة شبه مغلقة. كما ستخضع اجواء العاصمة الروسية لحراسة مشددة حيث ما زالت اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001 ماثلة في الاذهان. وبدأ نحو ستين من القادة والشخصيات السياسية في العالم اجمع يصلون اليوم الاحد الى موسكو للمشاركة في احتفالات ضخمة ستبلغ ذروتها في العرض العسكري الذي سيجري صباح غد الاثنين في الساحة الحمراء. وعشية وصولهم اكتست المدينة بآلاف الاعلام وزينت نوافير المياه بعدة الوان حتى في وضح النهار بفضل إضاءة خاصة. وطلب من السكان ملازمة بيوتهم حتى أن صحيفة "كومرسنت" الليبرالية لخصت الوضع بالقول ان القادة الاجانب سيزورون "موسكو من دون سكانها".

ناصر الشروف