دور تركيا في أزمة اللاجئين على حدود بيلاروسيا مع أوروبا
١٣ نوفمبر ٢٠٢١سواء من العراق أو سوريا أو الصومال أو من أفغانستان، يحاول آلاف الأشخاص حاليًا الدخول إلى الاتحاد الأوروبي من بيلاروسيا عبر الحدود البولندية؛ ويسعى الجنود وحرس الحدود البولنديون إلى منعهم من العبور إلى داخل البلاد بكل الوسائل. ويحمِّل الاتحاد الأوروبي بصفة خاصة حاكم بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو مسؤولية تصعيد الموقف على الحدود البولندية البيلاروسية. وتتهم بولندا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى القيادة البيلاروسية باستدراج الأشخاص الطامحين بالسفر إلى الاتحاد الأوروبي وإحضارهم إلى الحدود من أجل الرد على عقوبات الاتحاد الأوروبي الأخيرة ضد البلاد.
رحلات جوية من إسطنبول إلى مينسك
لكن دولاً ثالثة (أي ليست عضوا بالاتحاد الأوروبي) مثل تركيا هي أيضًا في بؤرة الاهتمام. والسبب أن: الحكومة في أنقرة لم تمنع الرحلات الجوية إلى العاصمة البيلاروسية. وتسير يومياً العديد من الرحلات الجوية المباشرة إلى مينسك من مطار إسطنبول، ويقال إن من بين ركاب هذه الرحلات لاجئون.
وفي برلين وبروكسل (مقر المفوضية الأوربية) يُخشى من أن يكون الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستغل أولئك الذين يبحثون عن الحماية كوسيلة للضغط السياسي. ووفقًا لتصريحات مانفريد فيبر، زعيم حزب الشعب الأوروبي " EVP"، فإنه إذا حاول أردوغان "ابتزاز الاتحاد الأوروبي عن طريق العديد من رحلات المهاجرين إلى بيلاروسيا"، فإن الأمر سيحتاج إلى "رد واضح لا لبس فيه".
وفي تطور لاحق كشف مسؤول أوروبي أن الاتحاد الأوروبي اتفق مع تركيا على أن تقوم الأخيرة بمراقبة رحلات الطيران المتجهة إلى بيلاروسيا. وبموجب هذا الاتفاق، ستتخذ أنقرة إجراءات تشمل وقف بيع تذاكر الذهاب من الأراضي التركية إلى مينسك عاصمة بيلاروسيا. ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن المصدر، الذي لم تكشف عن هويته، قوله إن شركة الخطوط الجوية التركية وافقت على تقييد بيع التذاكر من إسطنبول إلى مينسك بالنسبة لمواطني الدول الرئيسية التي يأتي منها المهاجرون، خاصة العراق وسوريا واليمن.
وأضاف المصدر أن أنقرة ستمنع استخدام شبكات الخطوط الجوية التركية في الشرق الأوسط من جانب شركة الطيران الوطنية البيلاروسية "بيلافيا"، حتى لا تقوم الأخيرة بشراء رحلات الرمز المشترك لنقل الركاب إلى إسطنبول حتى يتمكنوا من ركوب رحلات بيلافيا إلى مينسك.
اللاجئون كلعبة سياسة
شعور عدم الثقة تجاه أنقرة يرجع إلى حدوث وضع مشابه بالفعل في مارس/ آذار من عام 2020: فبعدما أعلن الرئيس التركي أنه "سيفتح بوابات الحدود"، شق آلاف اللاجئين طريقهم إلى الحدود التركية مع اليونان. واندلعت أعمال شغب مع شرطة الحدود اليونانية، التي أطلقت على اللاجئين الغاز المسيل للدموع واستخدمت ضدهم خراطيم المياه. وحاول الرئيس التركي زيادة الضغط على بروكسل من أجل حث دول الاتحاد الأوروبي على دفع الأموال الموعودة والتي يُزعَم أنها لم تدفع آنذاك في إطار ما يسمى اتفاقية اللاجئين مع تركيا.
خبير شؤون الهجرة بالجامعة التركية الألمانية (TAU) في إسطنبول مراد أردوغان، الذي لا تربطه أي صلة قرابة بالرئيس التركي يشرح الأمر: "بعدها، أبرمت تركيا اتفاقية جديدة مع بروكسل". وأبدى رؤساء دول وحكومات بلدان الاتحاد الأوروبي مؤخرًا اهتمامًا بعمل نسخة جديدة من اتفاقية اللاجئين مع تركيا وقد تتدفق مدفوعات بقيمة 3.5 مليار يورو إلى تركيا بحلول عام 2024. "وتم توسيع التعاون المالي بين بروكسل وأنقرة "، وفقًا لما قاله مراد أردوغان، وقد يكون لهذا تأثير على دول أخرى تسعى لتقليد الموقف التركي، يتابع خبير الهجرة.
نفي من جهة أنقرة
أكد مسؤول من وزارة الخارجية التركية لـ DW أنه لا توجد رحلات جوية متفق عليها مع اللاجئين من تركيا إلى بيلاروسيا. كما أشار المسؤول إلى أن تركيا التزمت بالتعاون مع سلطات الاتحاد الأوروبي في موضوع اللاجئين. ونفت الخطوط الجوية التركية كذلك في بيان رسمي قيامها بتعمد نقل لاجئين إلى بيلاروسيا.
باشاك يافغان، من "مرصد هوغو"، وهو مركز لأبحاث الهجرة في لييج ببلجيكا، يحمل سياسة اللجوء الأوروبية خصوصا، وليس أنقرة، المسئولية عن هذه الدراما الإنسانية على الحدود البولندية البيلاروسية. ويقول يافغان إن "بيلاروسيا وتركيا هما دولتان على خلاف مع بروكسل بشأن قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان. ورغم ذلك، فقد تفاوض الاتحاد الأوروبي على اتفاقية إعادة قبول اللاجئين مع كلا البلدين من أجل تحسين حماية حدوده". ويعتقد يافغان أن علاقة التبعية هذه لن تؤدي إلا إلى تقوية هذين البلدين.
هل نفدت قدرات تركيا على استقبال اللاجئين؟
يكاد لا توجد دولة أخرى في العالم استقبلت لاجئين أكثر من تركيا، فهناك حوالي أربعة ملايين لاجئ في البلاد من سوريا وحدها. وأدى صعود حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان إلى إطلاق حركة لاجئين أخرى. ووفقًا للمعلومات الرسمية، فقد دخل حوالي 30 ألف أفغاني إلى تركيا حتى الآن، على الرغم من الحماية الهائلة للحدود لا سيما على الحدود الشرقية لتركيا. وتؤكد الحكومة التركية باستمرار أن قدرات البلاد على استقبال المهاجرين واللاجئين قد استنفدت منذ فترة طويلة. لذلك فإن نزوح اللاجئين من تركيا إلى دول أخرى مثل بيلاروسيا لا يمكن أن يكون أمرا مزعجا بالنسبة للحكومة التركية على الأقل.
هلال كويلو/ دانيال ديريا بلوت/ ص.ش