الدور الألماني في العراق مرهون بتغيير الاستراتيجية الأمريكية
١٠ ديسمبر ٢٠٠٦شكلت التوصيات التي انتهت إليها لجنة بيكر حول الوضع في العراق ورقة ضغط أخرى على إدارة الرئيس بوش بشأن كيفية تعاطيها مع الملف العراقي الساخن والبحث عن طريق آمنة للخروج من العراق. وفي ضوء هذا فإن الأخذ بتوصيات اللجنة يشكل تحدياً حقيقياً جديدا أمام الرئيس بوش من خلال تقديم تنازلات في ملفات أخرى تتعلق بسوريا وإيران. مثل هذه التجاذبات دفعت الكثير من الساسة الألمان للتأكيد على ضرورة تغيير واشنطن لاستراتيجيتها في العراق كمخرج للأزمة. وفي هذا السياق دعا رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني وخبير الشؤون الخارجية في الحزب المسيحي الديموقراطي روبرشت بولينتس الولايات المتحدة إلى "التنازل عن غطرستها في العراق وأنه دون إشراك إيران وسوريا في أي تسوية للمسألة العراقية لن يحقق السلام في العراق."
دعم ألماني اقتصادي
وعن إمكانية تقديم دعم ألماني إلى الولايات المتحدة في العراق أوضح خبير الشؤون السياسة الخارجية في الحزب المسيحي الديموقراطي، أيكرت فون كليدن، في مقابلة مع صحيفة "برلينرتسايتونج" الصادرة في برلين أن هناك أمكانية كبيرة بأن تقوم ألمانيا بالمساعدة في إعادة إعمار البنية التحتية في العراق. ولكن السياسي الألماني ربط هذه المساعدة المحتملة بقرار الرئيس بوش بالموافقة على "تغيير" واشنطن لاستراتيجيتها في منطقة الشرق الأوسط وفي العراق على وجه التحديد. وعلل السياسي الألماني فون كليدن هذه الرغبة الألمانية بأنه ليس من مصلحة ألمانيا "أن تنزلق منطقة الشرق الأوسط إلى حافة الهاوية." وفي سياق متصل، أشار المتحدث باسم الكتلة البرلمانية لحزب الخضر لشؤون السياسة الدفاعية فنفريد ناختفاي الى إمكانية إرسال خبراء تقنيين للمساعدة في النهوض بالبنية التحتية في العراق، إلا أن ذلك يبقى رهن تحسن الأوضاع الأمنية في العراق.
ودبلوماسياً...
وأما على الصعيد الدبلوماسي فإن السياسة الألمانية الخارجية تقوم على أساس تشجيع دمج الأطراف الإقليمية المؤثرة في الساحة العراقية في أي تسوية قادمة. وفي هذا السياق، فإن زيارة وزير الخارجية الألماني فرانك شتاينماير الأخيرة إلى منطقة الشرق الأوسط تندرج في هذا الإطار من خلال تشجيع سوريا على القيام بدور بناء في المنطقة مقابل المزيد من الدعم الأوروبي على الصعيد الاقتصادي. ومن جانبه أعرب فون كليدن في مقابلة مع الصحيفة الألمانية عن تشككه بنجاح إشراك سوريا وإيران في تسوية محتملة للقضية العراقية، خصوصا وأنه "لم تبد كل من إيران وسوريا استعداداً حقيقياً للقيام بدور فاعل في المنطقة،" كما قال السياسي الألماني.
وفي إطار تفعيل الدور الألماني في منطقة الشرق الأوسط واستعدادات الحكومة الألمانية لتولي الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي مطلع العام القادم التقى في واشنطن رئيس الدبلوماسية الألمانية شتاينماير بنظيرته الأمريكية رايس لمناقشة قضايا عدة. وسيكون موضوع العراق وتوصيات لجنة بيكر المتعلقة بالاستراتيجية الأمريكية في العراق في صلب زيارة الوزير الألماني.
وعسكريا...
وفيما يتعلق بالدعم العسكري فقد أجمع الكثير من السياسيين الألمان على استحالة إرسال قوات عسكرية ألمانية إلى العراق، حتى في حالة تحسن الوضع الأمني هناك بشكل ملحوظ. ويرى ناختفاي أن الدعم الممكن للمساعدة في إحلال الأمن في العراق يتلخص في تقديم الجيش الألماني الاتحادي المزيد من الدورات التدريبية لقوات الأمن العراقية شريطة أن يكون ذلك خارج الأراضي العراقية.