الدنمارك تتولى إحدى أصعب فترات رئاسة الاتحاد الأوروبي
٤ يناير ٢٠١٢تدهورت سمعة الدنمارك قبل نصف عام داخل أوروبا، عندما أعادت الحكومة الليبرالية المحافظة السابقة العمل بإجراءات مراقبة الحدود رغم أنها دولة عضو في منطقة حرية تنقل البضائع والمسافرين المسماة شنغن. وأثار ذلك الإجراء حينها استياء كبيرا في أوروبا حيث رد جوزيف داول، رئيس كتلة المسيحيين الديمقراطيين في البرلمان الأوروبي في نبرة تهكمية قائلا: "أعارض كليا هذا النظام وبكل وضوح، وأقول يجب الرد ببلادة على أعمال بليدة. فإذا أردنا فعلا حماية أصدقائنا الدنماركيين، فوجب على المفوضية الآن أن تعمل على استصدار تأشيرات للدنماركيين من أجل السفر إلى بلدان أوروبية أخرى لحمايتهم".
حكومة الدنمارك الجديدة تكشف عن تضامنها الأوروبي
ولجأ الائتلاف الحكومي بقيادة الاشتراكيين الديمقراطيين في الدنمارك فورا في هذا الخريف إلى إلغاء إجراءات مراقبة الحدود، ليضمن بفترة وجيزة قبل تولي البلاد رئاسة الاتحاد الأوروبي عودة قسط من الدفء في العلاقات مع كوبنهاغن. وعينت رئيسة الوزراء هيله تورنينغ شميت لأول مرة في تاريخ الدنمارك وزيرا للشؤون الأوروبية للتعبير عن مواصلة النهج الأوروبي الإيجابي الذي اتبعته بولندا قبلها.
واعترف وزير الشؤون الأوروبية الدنماركي مؤخرا في بروكسل بأن بلاده تتولى إحدى أصعب فترات رئاسة الاتحاد الأوروبي، وقال: "نعتقد أن تعاونا أوروبيا مكثفا بين جميع الدول الأعضاء ضروري لتجاوز التحديات المشتركة. الأزمة ستترك أثرها بقوة على برنامجنا، وسنبذل قصارى جهدنا للدفع بأوروبا إلى الأمام. نعتبر أن المهمة المحورية للرئاسة الدنماركية هي التوحيد بين البلدان الأوروبية".
والدنمارك الدولة الصغيرة التي تضم 6,5 ملايين نسمة، ستكون في الخط الأمامي في مواجهة أزمة الديون الأوروبية مع توليها الرئاسة الدورية للاتحاد، لكنها قد ُتهمش لأن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هما اللذان يديران سياسة التعامل مع أزمة اليورو، الأمر الذي يثير غضب بعض الأوروبيين مثل رئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يونكير الذي هو أيضا رئيس مجموعة الدول التي تعتمد اليورو، الذي قال: "لماذا ُيعتقد أنه يكفي لو كان هناك تفاهم بين ألمانيا وفرنسا؟ نحن نتعامل مع 17 حكومة، ومع 17 دولة ومع 17 بلدا ومع 17 برلمانا".
فرص ضئيلة للمساهمة في حل أزمة الديون الأوروبية
وتتوقع وكالة الأنباء الدنماركية ريتزو "أن يكون التأثير الدنماركي قليلا من الناحية السياسية لجهة التعاون الأوروبي الذي يجذب في الوقت الحاضر معظم الانتباه". وكتبت الوكالة أن ذلك يعود "إلى أن الدنمارك ليست جزءا من اليورو، ولأن الرئاسة الأوروبية لم تعد تكتسي الأهمية التي كانت لها من قبل". وقال وزير الشؤون الأوروبية الدنماركي نيكولاي فامن مؤخرا في بروكسل، إن الدنمارك تأمل في أن تكون بمثابة "جسر" بين الدول الأعضاء في منطقة اليورو والدول التي خارجها.
ورأت صحيفة سيدسفنسكا السويدية أن الدنمارك ستبقى مع ذلك "لاعبا ثانويا" لحل أزمة اليورو، خصوصا أن الدنماركيين يشككون أكثر من أي وقت مضى في العملة الأوروبية الموحدة، حسب استطلاع للرأي أجراه معهد الإحصاءات الدنماركي لمؤسسة دانسكي بنك. وقال كبير خبراء الاقتصاد في دانسكي بنك ستين بوسيان إن "أزمة الديون الأوروبية أثرت في رأي الدنماركيين بشأن مشاركتهم في اليورو". وستركز الدنمارك بالتالي على رغبتها في إيجاد وظائف، وتحريك النمو من خلال الاستثمار في الطاقات المتجددة، وكذلك من خلال برنامج ثقافي غني.
كريستوف هاسلباخ/ محمد المزياني
مراجعة: أحمد حسو