الدعارة تواجه منافسة قوية في عصر الانترنيت
٨ يونيو ٢٠١٢لورا من مدينة فوبرتال، في منتصف الثلاثينات من العمر تحاول كسب زبائنها في أحد المواقع الالكترونية عن طريق تقديمها " متعة خادشة للحياء ". لورا تعترف بأنها تقوم بهذه الخدمة مقابل أتعاب مادية. شعرها لا يبدو حقيقيا، وعمرها قد يقارب صحة ما صرحت به، لكن ما يميز لورا هو عرضها لـ" الصداقة الجنسية ". أكثر من 40 ألف متصفح زار صفحة لورا في هذا الموقع الالكتروني خلال أربع سنوات. بالإضافة إلى هذا الموقع تستعمل لورا موقعا خاصا بها تعرض فيه "خدمة المرافقة".
لورا وزميلاتها في مهنة الدعارة يحتفلن في الثاني من يونيو/ حزيران من كل عام باليوم العالمي للمومسات ويطالبن بهذه المناسبة بحقهن في ممارسة مهنة الدعارة وإيقاف ممارسات التمييز ضدهن، وخاصة ضد مومسات الشوارع، حيث يضطررن إلى ممارسة مهنتهن في ظروف حياتية سيئة. ألمانيا تنظم عمل الدعارة بقانون رسمي منذ سنة 2002 ويترتب على العاملات في البغاء دفع الضرائب الحكومية ودفع مستحقات الضمان الاجتماعي، كغيرهن من العاملين في البلد، وفي نفس الوقت يتمتعن بقانون حماية العاملين وبالرعاية الصحية الكاملة. رغم ذلك فإن المنظمات المدافعة عن حقوق المومسات ترى أن قانون الدعارة في ألمانيا لا يحمي العاملات بصورة كاملة من الاستغلال الجنسي.
نوع جديد من جرائم الاستغلال الجنسي
شانتال لويس، الصحفية المهتمة بقضايا الدعارة القسرية في مجلة "إيما" النسائية، قالت إن "النساء الممتهنات للدعارة واللاتي قدمن من الدول الأوروبية المنضمة حديثا للاتحاد الأوروبي، يمارسن مهنتهن تحت ظروف عمل سيئة في ألمانيا، لأنهن لا يفقهن قانون العمل في ألمانيا وأغلبهن من النساء غير المتعلمات، لذلك فإنهن لم يستفدن بصورة كبيرة من محاسن قانون الدعارة النافذ حاليا في البلد".
أما زيبيله شرايبر، المحاضرة المختصة بقضايا الدعارة القسرية وقضايا الاتجار بالبشر في منظمة Terre des Femmes"" المدافعة عن حقوق المرأة، فقد أشارت إلى أن معظم اللاتي يمتهن مهنة الدعارة لا يتمتعن مثلا بحقهن في التأمين الصحي لأنهن لا يعرفن حقوقهن القانونية".
لا توجد أرقام رسميا تشير إلى عدد وجنسية العاملات في مهنة الدعارة في ألمانيا، لان امتهان هذه المهنة لا يعد جريمة يعاقب عليها القانون، لكن إحدى الإحصائيات الأكاديمية تشير إلى أن أكثر من 80 بالمائة من العاملات بالمهنة في ألمانيا هن من أصول أجنبية، أما في النمسا فيشكلن 90 بالمائة. الرومانيات والبلغاريات يشكلن النسبة الأكبر من العاملات بمهنة الدعارة في ألمانيا، وبنسبة 20 بالمائة لكل منهما.
أما إحصائيات الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية فقد أشارت من جانبها إلى تسجيل أكثر من 600 جريمة لها علاقة بـ"الاتجار بالبشر لأغراض جنسية" في ألمانيا في العام الماضي.
التسويق عن طريق الانترنيت
المختصة بقضايا الدعارة القسرية وقضايا الاتجار بالبشر زيبيله شرايبر أشارت أيضا إلى أن "الانترنيت غير بالكامل سوق الإباحية والدعارة" ، لأنه أصبح من السهل على الرجال التعرف على نساء يبغين ممارسة الدعارة ومن مختلف أنحاء العالم. الانترنيت سهل أيضا عمل المومسات وعمل "تجار البشر"، إذ أصبح بإمكانهن تسويق أنفسهن في بلدانهم وفي الدول المجاورة.
السيدة مارا دييفا، من منظمة "أكيسرا" غير الربحية والمهتمة بالدفاع عن حقوق المرأة في مدينة كولونيا الألمانية، وضحت من جانبها بأن كثير من النساء الراغبات بالعمل بالدعارة ينجذبن إلى فرص العمل بهذه المهن المعروضة في دول أخرى.
السيدة مارا دييفا أشارت أيضا إلى أن كثير من النساء القاصرات، اللاتي يستعملن غرف الدردشة التي لا يخضعن للمراقبة، قد يتعرفن على أشخاص سيئين يجرونهن إلى سوق البغاء.
ظاهرة "الفتى العاشق"
ما يطلق عليه تسمية "الفتى العاشق" "Loverboy"، وهم الرجال اللذين يصطادون النساء ويغرينهن بالجنس والوقوع بغرامهم، ومن ثم يجبرونهن على دخول سوق البغاء، هي ظاهرة قديمة لكن انتشرت حديثا بصورة كبيرة عن طريق الانترنيت.
"الفتيان العشاق" بإمكانهم عن طريق الانترنيت مثلا تسويق أنفسهم بطريقة سهلة وغير خاضعة للرقابة، وأكثر ضحاياهم هم من لم يبلغوا السن القانونية.
هؤلاء "الفتيان العشاق" ينشطون بصورة كبيرة في مواقع التبادل الاجتماعي، كـ"فيسبوك"، ويقوموا بعرض أنفسهم بشكل مغري للفتيات، ليقعن بغرامهم ويقنعونهن بأنهن قد عثروا فيهم على "رجل أحلامهن". بعد ذلك يجبر "الفتيان العشاق" ضحاياهم إلى دخول سوق الدعارة، بعد ممارسة الضغط النفسي أو الجسدي ضدهن.
المختصة بقضايا الدعارة القسرية وقضايا الاتجار بالبشر زيبيله شرايبر أشارت في هذا الجانب إلى أن إحدى الفتيات المغرر بها "اُغتصبت من قبل "الفتى العاشق" بعد أول لقاء بينهما. وقام "الفتى العاشق" بتصوير الضحية وتهديدها بعرض الفيلم، إذا ما رفضت دخول سوق البغاء".
التعارف في عالم الانترنيت يشكل خطرا أيضا على المومسات، إذ لا يستطعن معرفة الشخص الحقيقي الذي يختبئ تحت أسماء مستعارة في الانترنيت، أما في الأماكن المخصصة لممارسة الدعارة فبإمكانهن على الأقل معرفة الوجوه الحقيقة لهؤلاء الأشخاص.
يوهانا شميلير/ زمن البدري
مراجعة:هبة الله إسماعيل