الحكومة الألمانية تقرر توحيد مشاريع وبرامج اندماج الأجانب
٨ سبتمبر ٢٠١٠على خلفية النقاش الدائر في ألمانيا حاليا حول نواقص اندماج الأجانب والمهاجرين وأسبابه، قررت الحكومة الألمانية في اجتماعها الأسبوعي اليوم الأربعاء (8 سبتمبر 2010) دمج جميع التدابير والخطوات الخاصة بالاندماج على مستوى الدولة والولايات والبلديات في برنامج موحد بهدف تحقيقها وضبط الإشراف عليها. وقال وزير الداخلية توماس دو ميزيير في مؤتمر صحافي إن هدف البرنامج هو تنظيم العمل في مختلف البرامج والمشاريع والإطلاع على تطورها، مشيرا إلى أن الاندماج مطلوب، ولكن لا يمكن أن يفرض.
وإذ شدد على أن أساس الاندماج هو تعلم اللغة الألمانية، لفت إلى وجود 1.1 مليون أجنبي لا يتحدثون الألمانية بصورة كافية. وتحدث الوزير عن أن من 10 إلى 15 في المائة من المهاجرين لا يرغبون في الاندماج في البلد ولفت إلى أن هذه النسبة غير سيئة تماما مقارنة بدول هجرة معروفة. وأضاف في السياق ذاته "لكي نرى كامل الصورة يجب النظر إلى التسعين في المائة الراغبين في الاندماج".
دوميزيير: نقدّم حصيلة متمايزة والاندماج عملية طويلة
وخلال عرضه لبعض الإحصائيات المتعلقة بالتعليم، قال دو ميزيير إنه فيما تبلغ نسبة التلامذة الألمان الرافضين للتعلم 6.2 في المائة تصل النسبة في أوساط المهاجرين إلى 14 في المائة. وذكر أن الحكومة تؤمّن منذ عام 2005 دورات اندماج ناجحة شارك فيها حتى الآن 600 ألف شخص حصلوا خلالها على 600 ساعة في دروس تعلم اللغة الألمانية والاجتماع والقانون.
ومع ذلك قال وزير الداخلية الألماني "نحن لا نقدم حصيلة إيجابية، وإنما حصيلة متمايزة" في ما يخص الجهود المبذولة لإنجاح عملية الاندماج. ورفض إلزام الأسر بإرسال أطفالهم إلى حضانة الأطفال قائلا إنه تدخل في صلاحيات الأسر، كما رفض الكلام القائل بأن فشل الاندماج عند البعض يعود إلى الدين الإسلامي لافتا إلى أن الأمر يختلف من مجموعة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر مشيرا إلى أن المهاجرين من دول إسلامية مثل إيران والعراق وأفغانستان نجحوا في الاندماج، فيما لا يزال مهاجرون من إيطاليا ودول أوروبا الجنوبية يتحدثون الألمانية بصورة سيئة.
وإذ اعتبر الاندماج عملية طويلة الأمد، حضّ "على إبداء الصبر وبذل المزيد من الجهد ووضع الأصبع على الجرح، دون أن نفتق الجرح لأن ذلك سيؤزم المشكلة" في تلميح إلى مقولات المسؤول البنكي تيلو زاراتسين في كتابه "ألمانيا تلغي نفسها" الذي أثار زوبعة من الانتقادات لم تنته بعد.
إلزام المهاجرين بحضانة الأطفال بين مؤيد ومعارض
وكشفت منظمة "فينييو" وهي إحدى منظمات النفع العام في بيان لها أنها تفحصت 50 مشروعا مهتما بقضايا الاندماج تنفذ في كامل ألمانيا استنادا إلى معايير محددة وخلصت إلى اعتبار أن 17 منها هادفة وناجحة في تأثيرها في المجتمع. وحضّت المسؤولين على دعم هذه المشاريع ماديا، ومن بينها مشروع في منطقة نويكولن في برلين التي سماها زاراتسين أكثر من مرة لتأكيد اتهاماته بعدم رغبة المسلمين في الاندماج.
واقترح عمدة نويكولن هاينتس بوكوفسكي على الدولة أن تدفع لأهالي المهاجرين نصف قيمة علاوة الأطفال على أن تستثمر النصف الثاني البالغ 17 مليار يورو سنويا لإنشاء دور حضانة وحدائق أطفال ومدارس، وتأمين الكتب والطعام للأطفال بصورة مجانية، وكذلك الرياضة والموسيقى ودعمهم بساعات إضافية في اللغة الألمانية. كما طالب بدوره بإلزام الأسر بحضانة الأطفال. ونفس المطلب طرحه مجلس خبراء مؤسسات الاندماج والهجرة الألمانية أيضا، لكن وزيرة العمل أورزولا فون در لاين أعربت عن رفضها له رغم تشديدها على أهمية إرسال الأطفال المهاجرين إلى دور الحضانة لإنجاح الاندماج.
ورفض الوزير دو ميزيير اتهام سياسيين من الحزب الاشتراكي وحزب الخضر لمفوضة الحكومة لشؤون الاندماج ماريا بومر بالتقاعس في عملها بصورة فاضحة والمطالبة بإقالتها من منصبها قائلا إن لا أساس لهذا الكلام. وعن سبب عدم حضورها معه المؤتمر الصحافي أجاب بأنها في كندا حاليا.
وحذّر خبير الاندماج في الكنيسة الإنجيلية ألفرد بوس من زيادة الضغط على المهاجرين مشيرا إلى أن الاندماج لا يتحقق بالفرض، وإنما بإعطائهم حق الانتخاب في مناطقهم. وأضاف "يعيش أربعة ملايين شخص بيننا دون أي تأثير لهم يذكر، وهم لا يستطيعون أن يقرروا في شؤون مدينتهم حتى". وذكّر بأن الحكومات الألمانية لم تكن ترغب طيلة عقود أربعة وحتى سنوات قليلة في الحديث عن أن ألمانيا بلد هجرة.
اسكندر الديك
مراجعة: طارق أنكاي