الحريري لـ DW: نريد جيشا من معارضة لم ترتكب جرائم بحق الشعب
٢٠ يناير ٢٠١٨رفض رئيس هيئة التفاوض العليا للمعارضة السورية الدكتور نصر الحريري أي حكم على "انتهاء المعارضة السورية" من المنظور العسكري، معتبرا ان النظام السوري فقد شرعيته بين السوريين، متحدياً قدرة الاخير على توحيد الجغرافيا السورية والديمغرافية البشرية دون القوى المساندة له (في اشارة لروسيا وايران).
وأفصح رئيس هيئة التفاوض عن كون هدفهم اليوم من الحشد الدولي لـ "تفعيل مسار جنيف يهدف لقطع الطريق على أي مسار موازٍ"، في إشارة للمسار الروسي المعروف بـ "سوتشي".
وتحدث الدكتور الحريري في مقابلة حصرية مع "مسائية DW" عن عتب على المجتمع الدولي معتبراً ان السوريين عانوا من إحباطات كثيرة بسبب عدم تطبيقه لمعظم الوعود التي قطعها (أي المجتمع الدولي) ما أثّر كثيرا على ثقة المعارضة السورية به، مستدركاً ان الهيئة رغم ذلك "باسم دماء الشعب السوري تحاول إيقاظه وتذكيره بمسؤولياته".
وقال الحريري إن الهيئة العليا للمفاوضات منفتحة منذ اليوم الاول للأزمة على الحوار مع روسيا وغيرها، دون شروط مسبقة الا تنفيذ القرارات الدولية بما فيها قرار مجلس الامن 2245، غير ان موسكو كانت دوماً الطرف المتمترس خلف خيار الوقوف مع النظام، مضيفا "إذا لدى الروس نية حقيقية في الوصول للحل السياسي فيمكن لعمليات الحوار ان تنطلق لمستوى متقدم اكثر"
وأوضح رئيس الهيئة في حوار مع الزميل يوسف بوفجلين ان الهيئة تحفظت على مدّة محادثات فيينا المزمع عقدها في 25 و26 يناير الجاري، باعتبار مدة يومين لا تكفي للتفاوض، خصوصا مع وجود الكثير من التفاصيل الواجب بحثها، الا انها قد تشكل "فحصاً للنوايا" ما يقرر مصير مشاركتهم في مؤتمر "الشعوب" في سوتشي.
وأبدى الحريري تحفّظه على المبادرة الامريكية لتشكيل قوة حدودية قوامها 30 الف مقاتل من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مضيفا "لدينا هاجس عميق من ان تكون هذه القوات المرتبطة بميليشيات ارهابية تهدد مستقبل سوريا"، موضحاً انها قد تخالف المنطلق الاساسي للمعارضة المتعلق بوحدة الشعب السوري ووحدة ترابه وتمس بهذا المبدأ.
واعاد الحريري الحديث عن "جيش وطني سوري" يتشكل من السوريين، مبينا ان الرؤية التي قدمتها المعارضة للامم المتحدة تتضمن تشكيل جيش وطني يضم كل الفصائل المعارضة "التي لم ترتكب جرائم بحق الشعب السوري"، موضحاً ان هذه العملية صعبة جدا ومعقّدة وبحاجة الانتظار للمرحلة الانتقالية.
جولة أوروبية أمريكية تركية..
أوضح رئيس الهيئة الدكتور الحريري في لقائه مع DW أن قيام وفد من الهيئة (يترأسه هو) بزيارة عدد من العواصم منها واشنطن وبروكسل وباريس وروما إلى جانب مقر الامم المتحدة تهدف إلى ثلاثة أمور رئيسية أولها وضع المجتمع الدولي بصورة ان "تعنت النظام السوري ورفضه الجلوس على طاولة المفاوضات" وفشل الدول الداعمة له في تحقيق الضغط المطلوب عليه هو ما سبب فشل الجولة الثامنة لمحادثات جنيف.
والهدف الثاني- حسب تعبيره- كان "ضرورة الحشد الدولي لتفعيل مسار جنيف من اجل قطع اي طريق على مبادرة ثانوية قد تشكل مساراً موازياً أو تؤثر سلباً على المسار التفاوضي"، في اشارة لمسار سوتشي، مضيفاً كما ان الأمر الثالث هو توضيح الوضع الانساني "الكارثي" لمناطق مثل الغوطة الشرقية وريف إدلب للمجتمع الدولي "إذ تم تهجير أكثر 200 ألف مدني من مدنهم وقراهم، كما هناك 200 شهيد اغلبهم من الاطفال والنساء".
واضاف الحريري "تباحثنا مع شركائنا الاوروبيين في الالتزام بالحل السياسي الذي تقوده الامم المتحدة، لشعورنا ان بعض الدول الداعمة للنظام (في اشارة لروسيا وايران) تمعن في الرغبة في اسقاط (قضية) الانتقال السياسي في تنفيذ قرارات مجلس الامن".
ورغم ما أشيع عن تبدل مواقف المجتمع الدولي والدول المختلفة تجاه شكل الحل السياسي في سوريا، إلا أن الحريري أكد انه لم يلمس تبدّلاً في مواقف "الشركاء" حول جوهر عملية الانتقال السياسي، مفصّلا ان ذلك يشمل هيئة الحكم الانتقالي والعملية الدستورية والانتخابية وغيرها، وليس فقط مصير الرئيس بشار الاسد.
المجتمع الدولي وأوراق الضغط
وأكد الحريري ان المجتمع الدولي (خصوصا الاوروبيين والولايات المتحدة) لديه العديد من اوراق الضغط لو أراد ان يستخدمها، مشيرا الى شواهد لتحقق الارادة الدولية في سوريا، مثل تخلي النظام عن منظومة الاسلحة الكيماوية، وقصف مطار الشعيرات دون اي ردود فعل من الدول الداعمة للنظام.
وأضاف الحريري ان الهيئة تحاول حشد الإرادة الدولية للدفع بالعملية السياسية والعودة لطاولة المفاوضات، رغم تعرض السوريين للكثير من "الاحباطات" من قبل المجتمع الدولي ومعاينتهم خلال سبع سنوات من "الثورة" لوعود ذهبت أدراج الرياح.
شرعية النظام السوري
ورفض رئيس الهيئة العليا للمعارضة السورية الحديث عن موازين القوى باعتبارها تميل لصالح النظام السوري كون الاخير يسيطر على اراضٍ اكثر من المعارضة، مستدركاً بأن النظام "فقد السيطرة على أكثر من نصف الاراضي السورية ولا يحلم بالسيطرة عليها من جديد، كما فقد السيطرة على أكثر من نصف الشعب السوري"، معتبراً ان ذلك افقده الشرعية في سوريا.
وبدا الحريري متحديا وهو يتساءل "هل يستطيع النظام اعادة السيطرة على الجغرافيا والديمغرافيا البشرية واعادة اقلاع مؤسساته (إذا ما تم) وقف ادمانه على القوى الاجنبية؟"، مشدداً على ان "الثورة" لا تقاس عسكريا وانه يعتبر ان الثورة السورية كانت في افضل احوالها حين لم تكن تسيطر على اي سنتيمتر من الاراضي السورية وحين كانت سلمية.
مفاوضات فيينا وسوتشي
وشكك الحريري في حدوث مفاوضات حقيقية في فيينا، بقوله "نحن الان نشارك مع الامم المتحدة في وضع ملامح العملية الدستورية التي يمكن ان تتم خلال العملية الانتقالية، ونتأمل ان تكون هناك جلسة مفاوضات حقيقية ولو اني اشك في ذلك".
وزاد، خلال حديثه مع البرنامج المسائي المباشر لـ DW، بالقول ان نجاح اي مفاوضات محكوم (بقرب مخرجاته ونقاشاته من) القرارات الدولية، معتبرا ان هذه الجولة من المفاوضات التي ستتم في فيينا ستشكل تحديا حقيقيا واختبارا لمدى مصداقية الروس وقدرتهم على التأثير على النظام وجلبه لطاولة المفاوضات في جنيف.
وذكّر الحريري في شروط الامم المتحدة لمناقشة مؤتمر سوتشي والمرتبطة بتحقيق تقدم أصلا في مسار العملية السياسية في جنيف، وان تكون اجندة اللقاء تخدم مسار جنيف.
واعتبر الحريري ان لقاء فيينا سيكون فرصة للحكم على مصداقية عملية المفاوضات، والنظر في الجهود الممكنة لدفع العملية السياسية في جنيف، مبدياً تحفظه على مدّة مؤتمر فيينا (يومين) باعتبارها فترة غير كافية للتفاوض ومناقشة التفاصيل.
وربط الحريري نجاح محادثات فيينا وتحقيق تقدم فيها بذهاب المعارضة السورية (التي تمثلها الهيئة) الى سوتشي الروسية.
وحول مؤتمر سوتشي، قال "لا نستطيع الحكم حتى اللحظة بسبب عدم وجود معلومات كافية حوله"، مضيفا انه نتيجة الرسائل السلبية والشروط المسبقة التي وصلته من الجانب الروسي حول سوتشي، والمعارك الدائرة والمفتوحة في سوريا والجرائم المرتكبة "بحق اهلنا" كان خروج الشارع السوري ببيان وبصوت واحد رفضا لمسار سوتشي. موضحاً ان الهيئة لديها قرار سابق بعدم المشاركة "لكن حتى اللحظة لا توجد اي معلومات جديدة وتفصيلية ولا توجد اي دعوات اصلا لسوتشي".