الحرب بين حزب الله وإسرائيل .. ما هي حسابات الدول العربية؟
٢٦ سبتمبر ٢٠٢٤لم تتوقف البيانات العربية الرسمية المنددة بالتصعيد الجاري بين حزب الله وإسرائيل مع التحذير من تبعات التطور الأخير على لبنان، الغارق في أزمات اقتصادية وسياسية خانقة، بل وعلى المنطقة بأسرها.
ويشن الجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع أعنف هجماته الجوية منذ انطلاق الصراع في غزة قبل نحو عام، إذ يستهدف قادة حزب الله المدعوم من إيران ويقصف المئات من المواقع في عمق لبنان، ويأتي ذلك عقب تفجيرات "البيجر" التي طالت عناصر من الحزب ومقتل القيادي في الحزب إبراهيم قبيسي في غارة جوية الثلاثاء.
ومن جانبه، سعى حزب الله إلى إظهار قدرته على مواصلة العمليات فأطلق مئات الصواريخ باتجاه إسرائيل، في هجمات على أهداف أبعد من أي وقت مضى، بما في ذلك ما زعم أنه استهداف لمقر لجهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) قرب تل أبيب.
ومنذ بدء التصعيد الأخير، توالت البيانات العربية الرسمية المنددة من جهة والمعبرة عن التضامن مع الشعب اللبناني، بيد أن اللافت في البيانات الرسمية، التي صدرت من معظم الدول العربية، عدم الإشارة إلى "حزب الله" بشكل صريح؛ رغم أن الأخير هو الطرف المباشر في المواجهة مع إسرائيل.
"عدم التعاطي مع حزب الله بشكل مباشر"
وفي بيان ثلاثي مشترك، حذرت مصرو الأردن و العراق الأربعاء (29 سبتمبر/ أيلول) من أن "إسرائيل تدفع المنطقة إلى حرب شاملة مع مواصلتها الحرب على قطاع غزة، وتصعيدها القصف الجوي في لبنان".
وصدر البيان عقب اجتماع وزراء الخارجية الأردني أيمن الصفدي والمصري بدر عبد العاطي والعراقي فؤاد حسين في نيويورك، على هامش اجتماعات الدورة الـ 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ودعا البيان، الذي نشرته الخارجية الأردنية، المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى "تحمل مسؤولياتهما ذات الصلة لوقف الحرب"، لكن البيان لم يحمل في طياته أي إشارة إلى حزب الله.
وعن ذلك، قال أشرف العشري، الكاتب الصحفي ومدير تحرير صحيفة "الاهرام" المصرية: "لم يشر أحد بشكل واضح إلى حزب الله، فهناك بالفعل مقاطعة عربية أو حظر لحزب الله لدى الجامعة العربية".
وفي مقابلة مع DW عربية، أضاف العشري: "يوجد رفض لأن يكون هناك بالفعل تعاط مع حزب الله بشكل مباشر. كل التصريحات وكل المواقف الصادرة (عن جهات عربية) تندد بالمواقف الإسرائيلية والحرب على الشعب اللبناني في المقام الأول".
وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كمنظمة إرهابية.
"التحرك وفق توقيت طهران"
يذكر أن الجامعة العربية كانت قد صنفت حزب الله كمنظمة إرهابية في مارس/ آذار 2016، في موقف قوبل بتحفظ من قبل لبنان والعراق. وبعد زيارة قام بها إلى بيروت في نهاية يونيو/ حزيران الماضي، أعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، حسام زكي، أن الجامعة لم تعد تصنف حزب الله كمنظمة إرهابية. لكنّ زكي عاد في مطلع يوليو/ تموز ليوضح أن "تصريحاته فسرت في غير سياقها الصحيح"، وتابع بحسب ما نقل موقع "قناة العربية": "هذا لا يعني بأي حال زوال التحفظات والاعتراضات العديدة على سلوك وسياسات وأفعال ومواقف الحزب، ليس فقط داخليا وإنما إقليميا أيضا".
من جانبه، يرى الكاتب والباحث السياسي اللبناني، محمد القواص، أن "الدول العربية التي تمتلك إيران نفوذا فيها، مثل العراق و سوريا، لا تختلف فيها المواقف الرسمية عن الموقف الرسمي العربي الداعي إلى وقف إطلاق النار في غزّة ولبنان".
بيد أن الأمر لا ينطبق على الفصائل الموالية لإيران في هذه الدول.
وقال القواص في حديث إلى DW عربية إن "الفصائل في دول النفوذ الإيراني ستتحرّك وفق توقيت وأجندة طهران في حال قررت إيران الانخراط في هذه الحرب. هناك معلومات تفيد بتدخل موسكو لدى طهران لإعفاء سوريا من أي ردّ إيراني يتم عبر الأراضي السورية، وفي المقابل تبدو بغداد عاجزة عن منع الفصائل الموالية لطهران من التحرّك من الداخل العراقي".
"دول الخليج ليست دول مواجهة"
وخليجيا، أعربت السعودية والإمارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان، عن بالغ القلق إزاء التصعيد الأخير. ففي بيان، قالت الخارجية السعودية إن "المملكة تتابع بقلقٍ بالغ تطورات الأحداث الأمنية في الأراضي اللبنانية، وتجدد تحذيرها من خطورة اتساع رقعة العنف في المنطقة، والانعكاسات الخطيرة للتصعيد على أمن المنطقة واستقرارها".
وأكدت الإمارات على "موقفها المناهض للعنف والتصعيد والأفعال وردود الأفعال غير المدروسة التي تتجاهل القوانين، التي تحكم علاقات الدول وسيادتها".
ورغم التغير الذي طرأ على موقف الجامعة العربية من حزب الله، ما زال مجلس التعاون الخليجي ملتزما بقرار تصنيف الحزب "منظمة إرهابية" منذ عام 2013.
وفيما يتعلق بالموقف الخليجي من الحرب بين الحزب وإسرائيل، يرى كبير الباحثين ومدير التواصل الاستراتيجي في "معهد الشرق الأوسط"، فراس مقصد، أن "دول الخليج ليست دول مواجهة". وفي مقابلة مع DW قال إن "الحسابات الجيوسياسية الصعبة لمعظم هذه الدول، خاصة الدول الغنية التي ساعدت في الماضي لبنان وحتى الفلسطينيين، لن تتغير بسبب ما قد يحدث في لبنان".
وأضاف مقصد: "ربما يتغير الخطاب العام والنبرة العامة، لكنني لن أتفاجأ على الإطلاق، بعد انتهاء الأمر، أن يستمر الاتجاه العام في حركة التطبيع مع إسرائيل".
ويبدو أن وضعية حزب الله، كانت محور جدل على منصات التواصل الاجتماعي، رغم حالة التضامن الكبيرة مع لبنان.
ولم يُثر مثلُ هذا الجدل عند اندلاع الصراع في غزة بين حماس وإسرائيل عقب هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على جنوب إسرائيل.
يشار إلى أن حركة حماس جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى منظمة إرهابية.
مصير مفاوضات الهدنة في غزة؟
ومع استمرار المواجهة بين حزب الله وإسرائيل، هنالك تساؤلات حيال تداعيات ذلك على مسار مفاوضات الهدنة التي تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة لإنهاء الحرب في قطاع غزة.
وفي هذا السياق، قال أشرف العشري، الكاتب الصحفي ومدير تحرير صحيفة "الأهرام" المصرية، إن "القاهرة مستمرة في ضغوطها، لكن أعتقد أن كل الجهود معطلة ومتوقفة ومجمدة حاليا في انتظار ما سوف يسفر عنه الوضع في لبنان".
وأضاف العشري: "أعتقد أن القاهرة ستستمر في جهود الوساطة مع واشنطن ومع الجانب القطري، لكن الأمر سوف يتوقف على رد الفعل الإسرائيلي في حرب لبنان، سواء بالاستمرار في الحرب أو توقفها لبعض الوقت، حتى تكون هناك فرص للعودة إلى مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة".
ويتفق في هذا الرأي الكاتب والباحث السياسي، محمد القواص. وفي حديثه مع DW عربية، قال "باتت غزة تنتظر مآلات حرب لبنان ونهايتها. هذا الأمر يطيل حرب غزة ويؤجل أي صفقة لإنهائها".