الجيل الثالث من أجهزة الموبايل: ثورة في عالم الاتصالات المرئية
في يوم 10 مارس / آذار من عام 1876 جلس السيد "بِل" في منزله ممسكاً بجهاز معدني ونطق بجملة "سيد واطسن! من فضلك احضر إليّ الآن، أريد أن أراك". مساعد السيد "بل" واسمه" واطسن" كان يجلس في الطابق السفلي من نفس البيت ويضع على أذنه جهازاً معدنياً آخر، وعندما وصلت جملة السيد "بل" إلى أذنه أصابته نوبة سعادة غامرة وأجابه "نعم سأحضر". السبب في سعادة "واطسن" أنه سمع أول جملة ينقلها الهاتف في التاريخ. وانضم اسم السيد "الكسندر جراهام بل" منذ ذلك اليوم إلى قائمة كبار المبدعين باعتباره مخترع الهاتف.
أحدث اختراع الهاتف نقلة هائلة في تاريخ البشر، حتى أن بعض الناس أصيبوا في أيامه الأولى بالرعب لظنهم أن من يتحدث على الطرف الآخر ليس بشراً بل جنياً. فلم يكن من المتصور أن تسمع صوت شخص على بعد أميال بعيدة، يتحدث إليك وتتحدث إليه. واليوم ونحن في القرن الحادي والعشرين تبدو دهشة الناس في عصر التليفون مثيرة للابتسام، فلقد تطور الهاتف وأصبح محمولاً. وبفضل ذلك يستطيع المرء استخدامه من أي مكان.
ثورة المحمول
بدأ الهاتف المحمول في نهايات السبعينات كخدمة خاصة على ترددات قريبة من تلك التي يستخدمها البث الإذاعي. ونظراً لارتفاع تكلفتها ظلت قاصرة علي المؤسسات الكبيرة والأجهزة الحكومية. ورغم قصرعمر التليفون المحمول الذي لا يزيد عن ربع قرن فإن ثورة هذا الاختراع لا تقل أهمية عن ثورة التليفون العادي، فقد نجحت في تغيير مفهوم الاتصال على المستوى الشخصي وأصبحت علاقة الإنسان بالعالم المحيط به وثيقة على مدار الساعة، حتى في الأماكن النائية المعزولة التي لا تصلها خدمة الهاتف العادي، وظهر شكل جديد من التواصل عن طريق الرسائل القصيرة "SMS" التي تكتب لإبلاغ خبر موجز، وهي بذلك تأتي في مرتبة وسط بين الرسائل البريدية والرسائل الإلكترونية. وقد ساهم انخفاض أسعار خدمة المحمول مع مرور الوقت في ازدياد الإقبال على استخدامه، حيث تقدر دراسة أجرتها مؤسسة فورستر لأبحاث السوق أن عدد مستخدمي التليفون المحمول في أوروبا الغربية عام 2004 وصل إلى 293 مليون مستخدم.
وعلى الصعيد الاقتصادي، ساعدت ثورة المحمول في تسريع وتيرة الأعمال وتسهيل حركة الأموال. فلقد أصبح بإمكان رجال الأعمال اتخاذ القرارات المناسبة بسرعة أكبر. ولم يعد تواجدهم خارج أماكن عملهم يقف عائقاً أمام اطلاعهم على دقائق الامور والمعلومات. والبورصة هي المجال الذي يظهر فيه بوضوح تأثير الهاتف المحمول وشقيقته الإنترنت، إذ يمكن للمتعاملين متابعة أدق تحركات الأسهم في جميع بورصات العالم، وعلى ضوءها اتخاذ قرارات سريعة.
الجيل الثالث قادم لا محالة
التسمية التقنية لجيل الهواتف المحمولة التي نستخدمها حالياً هي "الجيل الثاني"، ويوفر هذا الجيل بجانب الاتصال الهاتفي خدمات إضافية مثل خدمة الرسائل القصيرة وخدمة الفاكس والإطلاع على الرسائل الإلكترونية. أما المستقبل الذي يعدنا به معرض سيبيت لهذا العام فهو "الجيل الثالث" الذي ينتظر أن يدخل الخدمة هذا العام. والجيل الثالث يضاعف معدل نقل المعلومات إلى 2 "ميجا بايت" في الثانية، مما يعني أنه سيصبح قادراً على نقل مواد مرئية على درجة عالية من النقاوة وبالتالي يمكن استخدامه في المؤتمرات المصورة بل وأيضاً في استقبال البث التلفزيوني. إلى ذلك سيُمكّن الجيل الثالث مستخدميه من الاتصال بشكل أسرع مع شبكة الإنترنت. وهذا ما يسهّل بدوره تحرير المستندات وإرسالها وإجراء المعاملات البنكية عبر خدمة الشبكة المنزلية "Home Banking"، إضافةً إلى التسوق وخدمات تنزيل المواد السمعية والبصرية.
ويقدم معرض سيبيت هذا العام أول طراز لهاتف محمول يستقبل البث التليفزيوني، كما يقدم المعرض طلائع الجيل الثالث من هواتف المحمول التي تدعى الهواتف الذكية "Smartphones" لإمكانياتها التي تقترب من إمكانيات حاسب آلي صغير. وهذا ما يجعل المحمول بمثابة مكتب صغير. ومن المعروف أن تقنية الجيل الثالث تعتمد على بناء شبكة جديدة، وذلك لاختلاف الترددات التي يستخدمها عن ترددات الجيل الثاني. والاسم الذي أُطلق على هذه الشبكات هو "يو.ام.تي.اس UMTS"، ويشير المصطلح إلى تقنية الجيل الثالث التي ستطبق في أوروبا وأماكن أخرى في العالم. وقد شهدت الأعوام الماضية سباقا بين شركات المحمول لبناء الشبكة الجديدة. غير أن عملية البناء تعرضت لكبوة بسبب الارتفاع الباهظ لتكاليفها مما أدى إلى تأخرها عن الميعاد المحدد في جدولها الزمني، واليوم يؤكد معرض سيبيت أن الجيل الثالث قادم لا محالة.