الجهاديون الألمان في سوريا- خبرة منقوصة وأدوار محدودة
٢٤ أكتوبر ٢٠١٣
للجهاديين أسباب عديدة تدفعهم للذهاب إلى سوريا، فهناك يمكن لمن أسموا أنفسهم "مجاهدين" أن يقاتلوا ضد رئيس علماني "كافر"، كما يمكن أن يشاركوا أيضاً في معركة بين السنة والشيعة. تلك المعركة التي هي من وجهة نظر البعض، ستنتهي بهيمنة مطلقة لأحد الطرفين على الشرق الأوسط،، إضافة إلى ذلك فإن إمكانية إنشاء دولة إسلامية على أنقاض سوريا تغري الكثيرين منهم.
"المعسكر الألماني" في سوريا
ويقاتل على الأراضي السورية عديد من المتطرفين السنة، جاءوا من الخارج واضعين في الاعتبار هذه الأهداف. وتقول دراسة نشرها مؤخراً معهد البحوث البريطاني "جينس" إن هناك عشرة آلاف جهادي على الأراضي السورية. وهم يقتربون من أيديولوجية تنظيم القاعدة في مفهوم الجهاد العالمي. علاوة على ذلك تتحدث دراسة عن وجود من ثلاثين إلى 35 ألفا من الإسلاميين الآخرين، الذين يقتصر دورهم على القتال حول السلطة في سوريا فقط، أي أن هدفهم الوحيد هو الإطاحة بالأسد.
وذكرت مجلة شبيغل الألمانية أن هيئة حماية الدستور تتوقع وجود حوالي 200 مقاتل من ألمانيا، ينحدر معظمهم من ولاية شمال الراين- ويستفاليا تليها ولاية هيسن ثم برلين وبافاريا وهامبورغ. ونصف هؤلاء لديهم الجنسية الألمانية. ومعظمهم متواجدون فيما يسمى بـ"المعسكر الألماني"، الذي يعيش فيه خصوصاً جهاديون من ألمانيا.
استفادة مشروطة
من الصعب تقدير الدور الذي يقوم به المتطوعون من ألمانيا في القتال في سوريا. مع ذلك، فهناك شيء واحد واضح وهو: إنهم متواجدون في ساحة معارك يتواجد فيها أيضاً مقاتلون من ذوي الخبرة والمهنية العالية، حسب ما يقول المحلل السياسي الكساندر هامان من جامعة آخن التقنية.
ويشير هامان إلى أن بعض الجهاديين الدوليين قاتلوا بالفعل في البوسنة وأفغانستان والعراق، ولذلك فلديهم خبرات ومهارات مختلفة جداً عن الإسلاميين الذين جاءوا من ألمانيا، الذين ربما أثقلتهم بسرعة الأوضاع هناك. ويضيف هامان بالقول: "المسألة هنا تتعلق بشباب لديهم شخصيات "مثالية" إلى حد ما، ينحدرون من إحدى المناطق السلمية في العالم، أو على الأقل لا أحد منهم يعيش في وضع يشبه ما يحدث في سوريا".
وبدون التدريب والخبرة المناسبة لا يمكن الاستفادة من أغلبهم في القتال مباشرة. ويتابع هامان: "نحن نعرف هذا من العراق أو من الأراضي الفلسطينية، حيث رفض المقاتلون القدامى الشباب القادم من غرب أوروبا لأنه لم تكن لديه مهارات قتالية".
خوف وحرمان
ومع هذا فإن الإسلاميين الألمان جاهزون للمهمة، فمنذ فترة طويلة قامت الجماعات الجهادية بتحسين عملها بطريقة احترافية وباتت تستخدم أعضائها بناء على مهاراتهم الخاصة. يقول هامان إن هناك أشخاصاً يتولون رعاية الشؤون المالية للمنظمة أو تولي العمل الإعلامي من خلال تجنيد المزيد من الأعضاء باستخدام شبكة الإنترنت. ويمكن سبب أهميتهم في أن المعارك كتلك التي في سوريا، تتطلب أيضاً العديد من المساعدين غير المدربين. "وهنا لا يتوقف الأمر على عودة كل واحد منهم في نهاية اليوم أو بقائه في ساحة المواجهة".
العديد من الجهاديين الألمان يذكرون هذه الانطباعات، حسب دراسة نُشرت مؤخراً من قبل هيئة حماية الدستور الألمانية بعنوان "نشأة الإسلاموية ومظاهرها". في كثير من الأحيان لا يتقن الجهاديون اللغة العربية، وبالتالي لا يمكنهم التواصل مع الرفاق من البلدان الأخرى. وتبعاً لذلك، حسب الدراسة، غالباً ما يكونون وحيدين. كما يرون أنفسهم يواجهون الكثير من المصاعب مثل أماكن الإقامة الرديئة، ونقص التغذية. كما أن الأمراض أيضاً تسبب لهم مصاعب، فضلاً عن الخوف على حياتهم، إذ أن معسكرات تدريب الجهاديين بالذات تكون هدفاً لهجمات موجهة.
بدون جواز سفر أو مال
ويرى ألكساندر هامان أن من الصعب حالياً تقييم مدى تأثير هذه الخبرات على العائدين. وبالمثل، فإن السؤال حول الخطر النابع منهم لم يثبت بعد، ولا ما تعلموه في سوريا على الإطلاق. ويقول الخبير الألماني: "أنواع المهارات التي اكتسبوها في سوريا لا يمكن تقييمها حالياً وكذلك مسألة ما إذا كان لديهم دوافع للقيام بذلك على الإطلاق".
ليس بالضرورة أن يعود إلى ألمانيا الجهاديون المنخرطون في سوريا وفي بلدان أخرى كإرهابيين مدربين ومستعدين لكل شيء. فكثير منهم ،حسب هيئة حماية الدستور في دراستها، يقعون في تجارب مخيبة ومحبطة في مناطق الحروب.
ولذلك، فإنهم يريدون العودة سريعاً إلى ألمانيا، لكن ذلك ليس سهلاً، لأنهم في كثير من الأحيان لا يملكون تصريحات سارية للإقامة في البلدان التي يقاتلون فيها وليست لديهم جوازات سفر ولا مال. وفي كثير من الأحيان لا يبقى أمامهم كملاذ أخير للعودة إلا التواصل مع سفارة بلدهم.