الجزائر: مخرجون شباب ينتقدون قانون السينما الجديد
٢ ديسمبر ٢٠١٣يعتقد بشير درايس منتج أفلام سينمائية أن القانون الجديد يشكل ظلما في حق السينمائيين والمشتغلين في مجال السينما بشكل عام، بما في ذلك المخرجين والمنتجين السينمائيين، ويقول إنه قانون "يدعم الأفلام التي تتحدث عن الثورة الجزائرية، وهذا يعقد المشكل بشكل أكبر ولا يقدم دفعا حقيقيا لقطاع السينما".
القانون الجديد يلزم السينمائي بضرورة تقديم طلب على رخصة خاصة من وزارة الثقافة و وزارة المجاهدين، رغم أن هؤلاء لا علاقة لهم بقطاع السيناريو، ويضيف المتحدث أن الأوساط السينمائية الجزائرية والوزارة المعينة، أي وزارة المجاهدين فوجئت بالقانون الجديد، الذي تم طرحه في الجريدة الرسمية قبل شهرين. ويقدم القانون الجديد نموذجا عاما عن العمل السينمائي في الجزائر دون تقديم تفاصيل عنها أو توضيح المواد اللاحقة، كما يعتبر النشاط السينمائي عملا صناعيا وتجاريا وليس مادة ثقافية للجمهور، حيث تقول المادة الأولى من القانون: " ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ، ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻃﺎﺑﻌﻪ اﻟﻔﻨﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ، ﻧﺸﺎﻃﺎ ﺻﻨﺎﻋﻴﺎ وتجاريا".
القانون يقدم السينما تجاريا
ويعلق الناقد السينمائي عبد الكريم قادري أن الحكومة الجزائرية سعت إلى السيطرة على السينما الجزائرية من خلال قانون بتاريخ 27 فيفري 2011، ويلاحظ قائلا: " لم ألمس في مواد القانون أي محاولة لإحياء صناعة السينما الجزائرية، بقدر ما أراه مجحفا يخول للحكومة بصفة قانونية فرصة التحكم في سيطرتها على كل ما يتم إنتاجه في إطار القطاع السمعي البصري. إن ذلك يحد من حرية التعبير ومن صناعة السينما في الجزائر. فقد أصبح بمقدورها الآن - بعد الموافقة النهائية عليه – منع أي فيلم أو ممارس الرقابة على ما لا تراه مناسبا لمواقفها الظاهرية أو الخفية". فالقانون لا يتضمن مثلا أية تعريفات أو مفاهيم محددة عن المواد و لا يقوم بشرحها، كما هو الأمر بالنسبة للمادة الخامسة من قانون السينما رقم 09 09 بتاريخ 30 ديسمبر2009، والتي تقول: "يحظر تمويل وإنتاج واستغلال كل عمل سينمائي يسئ إلى الأديان أو ثورة التحرير الوطني ورموزها وتاريخها وتمجيد الاستعمار أو بالنظام العام أو الوحدة الوطنية أو يحرض على الكراهية والعنف والعنصرية"، ما يعني أن الرقابة على سيناريو الفيلم السينمائي ستتم حسب رؤية الحكومة له، وحسب منظورها بعيدا عن رأي المختصين"، ويضيف الناقد قادري قائلا: "القانون يظلم السينما ويعكس مدى حرص الدولة على وضع يدها على كل شيء، حيث يمكنها أن تراوغ وتشرح أية مادة حسب هواها، كما هو الأمر بالنسبة لمفهوم "القذف" في قانون الإعلام الجزائري".
المهنيين خارج الحسابات
و يعلق عبد النور حوشيش مدير الأيام السينمائية لبجاية، على القانون قائلا: "إنه لا يعمل على مساعدة قطاع السينما وتطورها أو رقيها، لأنه يهتم بأمور عامة دون تقديم تفاصيل تخص المهنين والعاملين في هذا القطاع، و يضيف:" القانون لا يقدم مساعدة للقطاع على النمو، فهو لا يحمي المهنيين، وهو قانون بهدف إسكات البعض بطريقة أو بأخرى، حيث إنه يرغم المنتج على طلب الحصول على تصاريح متعددة وشاقة، علما أنها تتجاوز في بعض الأحيان صلاحيات وزارة الثقافة، كما يتم تعيين المهنيين من خلال البطاقة المهنية، ولكن ليس هناك في القانون ما يشترط استفادة الفنيين من تلك البطاقة والتي لا تتعدى أن تكون بطاقة عضوية في جمعية أو غيرها من النوادي".
الثورة الجزائرية تحتاج إلى صورة فقط
من جهة أخرى يقتصر الدعم المالي المقدم من طرف الدولة على تلك المشروعات التي تتناول سيناريوهات عن الثورة الجزائرية، كما تم الحديث عن ذلك في المادة السادسة من القانون الذي يؤكد:"ﻳــﺨـﻀﻊ إﻧــﺘـﺎج اﻷﻓﻼم اﻟــﺘﻲ ﺗـﺘــﻌـﻠـﻖ ﺑـﺜـﻮرة اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ اﻟﻮﻃﻨﻲ ورﻣﻮزﻫﺎ لموافقة ﻣﺴﺒﻘﺔ ﻣﻦ الحكومة". ويعنى ذلك أن الحكومة تقدم دعما مباشرا للأفلام التي تتحدث عن الثورة، كما فعلت في فيلم " بن بولعيد " للمخرج أحمد راشدي، والذي ينتمي إلى المخرجين من بين جيل ثورة التحرير. غير أن الأفلام السينمائية الأخرى لا تلقى نفس الدعم. وقد تم استثناء شباب من هذا الدعم، مثل المخرج الشاب كريم موساوي الذي أنتج مؤخرا فيلمه "الأيام السابقة" والذي نال عدة جوائز في مهرجانات دولية. مثل هؤلاء بقي خارج دعم الدولة، ولكنه استفاد من فرص الدعم التي تقدمها مؤسسات ثقافية أوروبية. فقد ساهمت جهة فرنسية وأخرى جزائرية من القطاع الخاص في إنتاج العمل الفني، وعن موقفه من قانون السينما الجديد يقول: " القانون يصيب الشباب بإحباط كبير، خصوصا وانه يدعم أفلام الثورة. الثورة الجزائرية برأيي يعرفها الجمهور وهي في حاجة إلى بعض الصور فقط، لكي يشاهدها المشاهد، حيث إنه يعرف التاريخ أكثر مما يتصوره البعض، ويجب علينا، نحن السينمائيون، أن نعيد بناء بعض الصور فقط. وحسب رأيي، فإننا نحتاج إلى الشباب في قطاع مهم مثل السينما، و ليس إلى القيام بدعم الشيوخ على الاستمرار في تقديم أفلام ذات نظرة أحادية وضيقة".
في محاولة لعرض هذا الموضوع على أطراف أخرى رفض العديد من المسؤولين في قطاع السينما لدى وزارة الثقافة الجزائرية تقديم أي تعليق على ذلك، في حين اعتبرت وزارة المجاهدين أن علاقتها بالموضوع تتجلى فقط في المراجعة النهائية لسيناريو مشروع الفيلم وضبطه وفق الحقائق التاريخية.