الجبهة السلفية ـ تحد جديد لنظام السيسي أم مجرد فقاعة؟
٢٥ نوفمبر ٢٠١٤"صل الفجر ولا تنس أن تأخذ مصحفك معك" هكذا تدعو "الجبهة السلفية" في صفحتها على فيسبوك التي حملت اسم "انتفاضة الشباب المسلم"، إلى الخروج في "ثورة إسلامية" في الثامن والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري. ولم تقابل الدعوة برفض من قبل التيار العلماني أو الليبرالي فحسب، بل إنها كانت محل خلاف بين السلفيين أنفسهم لدرجة أن "الدعوة السلفية" بالإسكندرية تقدمت ببلاغ ضد الجبهة متهمة إياها بمحاولة "قلب نظام الحكم". كما وصف حزب النور، الحركة بالتكفيرية التي قال إنها لا ينبغي أن تحسب على السلف.
في الوقت نفسه أثارت الدعوة لحمل المصاحف أثناء التظاهرة انتقادات الأزهر الذي وصف الدعوة بأنها نوع من "الإتجار بالدين والإمعان في خداع المسلمين باسم الشريعة وباسم الدين". الدعم الأكبر للدعوة للتظاهرة جاء من جماعة الإخوان المسلمين، التي أعلنت تأييدها لها لكن دون التأكيد بشكل رسمي على المشاركة فيها.
ورغم صعوبة التكهن بكيفية تطور الموقف يوم الجمعة المقبل إلا أن هناك العديد من الأسباب التي جعلت بعض المتابعين للتطورات السياسية على الساحة المصرية لا يتوقعون حدوث أصداء كبيرة لهذه المظاهرة لاسيما وأن التيار الديني سبق وأن فشل في الحشد للعديد من الفعاليات التي حاول تنظيمها خلال الشهور الماضية، كما يقول مصطفى ماهر، عضو المكتب السياسي لحركة 6 أبريل في تصريحات لـ DW.
فقدان معظم المصريين للثقة في هذا التيار جعل جورج إسحاق، القيادي بتحالف التيار الديمقراطي، لا يتوقع أن تكون للدعوة أصداء قوية، إذ أوضح في تصريحات لـ DW أن" هؤلاء يستخدمون الدين بشكل خاطئ ولن يلتفت إليهم أحد (...) وليس لدى المصريين في الوقت الراهن استعداد لقبول أي شكل من أشكال العنف".
إحباط لن يدفع للعنف
أظهرت تصريحات الناشط المصري وائل غنيم مؤخرا في واشنطن والتي قال فيها إن "مصر ليست في الحال الذي كنا نطمح له" حالة الإحباط لدى الشباب، الذي حرك الثورة ضد نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك قبل أكثر من ثلاثة أعوام، وبات يواجه الآن التضييق والاعتقال.
ورغم أن تصريحات غنيم، الذي ابتعد عن المشهد السياسي منذ أكثر من عام، جاءت خالية من أي إشارة للمظاهرات المحتملة إلا أن جماعة الإخوان فسرت التصريحات التي جاءت ضمن أعمال مؤتمر نظمته مؤسسة Fusion الأمريكية، على أنها عودة له إلى "أحضان الثورة". لكن قراءة حركة 6 أبريل، التي أعلنت رفضها المشاركة في المظاهرة المزمعة، لتصريحات غنيم كانت مختلفة إذ رأت أن دعوته للتمسك بالقيم والمبادئ تعني التمسك بالسلمية التي تميزت بها ثورة يناير، وبالتالي فالتصريحات لا تدعم بأي شكل الدعوة لمظاهرة الثامن والعشرين من نوفمبر.
وحول ما إذا كان التضييق المتزايد على سبل التعبير السلمي عن الرأي سيدفع الشباب الثوري نحو العنف، قال مصطفى ماهر إن هناك نماذج تاريخية حدث فيها هذا بالفعل ولكنه أكد أن كافة أشكال التضييق لاتبرر اللجوء إلى السلاح واستخدام العنف.
ويرى جورج إسحاق، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن المخرج من حالة الإحباط والغضب لدى شباب الثورة يتمثل في تعديل قانون التظاهر والإفراج عن المعتقلين على ذمة قضايا تظاهر بشكل يمهد الطريق لإنخراطهم في العمل السياسي، مستبعدا في الوقت نفسه إمكانية أن يدفع هذا الاحباط شباب الثورة باتجاه تأييد مثل هذه التظاهرات التي قد لاتخلو من العنف، الذي هو خط لا يمكن أن يتوازى مع الخط السلمي لشباب الثورة.
حدوث مواجهات وأعمال عنف ليس مستبعدا
في الوقت نفسه تستعد قوات الأمن المصرية لمواجهة المظاهرة المحتملة إذ تشير تقارير إلى أنه تم بالفعل إلقاء القبض على عدد من العناصر الداعية لها علاوة على محاصرة معاقل الجبهة في بعض المحافظات وإعداد خطة لتأمين المنشآت الحيوية.
وتعليقا على الدعوة للتظاهر والمخاوف من إمكانية تأثيرها على الحياة اليومية في البلاد، قلل وزير الداخلية محمد إبراهيم من أهمية هذه الدعوات، مؤكدا أن السلطات الأمنية كفيلة بالتعامل معها وأن اليوم سيكون "مناسبا لتنزه الناس في الشوارع".
لكن حدوث اشتباكات دموية خلال اليوم مسألة غير مستبعدة تماما، إذ يرى إسحاق في هذا السياق أن قوات الأمن سترد على الأغلب حال حدوث عنف. ويذهب مصطفى ماهر إلى توقع وقوع ضحايا مشيرا إلى أن النظام يتعامل بالعنف حتى مع الحركات السلمية وهو ما يزيد من احتمالية وقوع أحداث دامية.