التونسية الفائزة بجائزة رائف بدوي: لا شيء يبرر تكميم الأفواه
٢٢ أكتوبر ٢٠١٩بحفاوةٍ عفويةٍ شارك حضورُ معرض فرانكفورت الدولي للكتاب بفوز الصحفية التونسية حنان زبيس بجائزة رائف بدوي لعام 2019، إذ جاء التكريم كجزء من افتتاح المعرض الذي وافقت جمعية الناشرين الألمان منذ عدة سنوات على احتضانه تقديم هذه الجائزة المخصصة للصحفيين الجسورين.
ووجدت الصحفية التونسية التي أُعلِن فوزها في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر، أن التكريم الذي حظت به في أروقة معرض الكتاب قد منحها فرصةً للالتقاء بالصحفيين والناشرين والحضور المتواجد، قائلة إنه "أعطى ثراءً كبيراً للجائزة".
رائف بدوي هو مدون سعودي ألقت السلطات السعودية القبض عليه عام 2012 على خلفية انتقاده هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية، وأطلقت زوجته إنصاف حيدر بمشاركة الصحفي ومقدم الأخبار الألماني كونستانتين شرايبر الجائزة، بُغية إبقاء بدوي وقصته ضمن "دائرة الوعي العام". وتُقدم الجائزة سنويّاً مؤسسة فريدريش ناومان من أجل الحرية.
مسؤولية كبيرة
واعتبرت زبيس في لقاء أجرته معها DW عربية أن التكريم بمثابة "تتويج" لمسيرة كاملة من العمل الصحفي، ليس لها فقط وإنما للصحفيين العرب ممن يعملون تحت "ظروف صعبة من أجل إحداث تغيير وإن كان صغيراً لاسيما في المجتمعات التي شهدت الربيع العربي"، على حد تعبيرها.
وبالحديث عن الربيع العربي، رأت الصحفية الحائزة على جائزة سمير قصير أن حرية التعبير التي منحتها الثورات للصحفيين حمَّلتهم مسؤولية كبيرة "أجبرتهم على القيام بعملهم كما يجب"، مضيفة أنها وضعت تحديات "أولها أن نكون على قدر مسؤولية حرية التعبير، وأن نمنح الجمهور صحافة مستقلة ذات جودة قادرة على تلبية تطلعات الجمهور".
كانت التشريعات المتعلقة بتسهيل العمل الصحفي الاستقصائي قد شهدت تحولات بعد الثورة التونسية، من بينها قانون النفاذ إلى المعلومات وقانون حماية المُبلغين والمرسومان 115 و116 المُنَظِمان لقطاع الصحافة، فضلًا عن إنشاء الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي البصري.
"خضوع وتهميش"
وعلى الرغم من ذلك لفتت زبيس إلى أن الخطاب الإعلامي في تونس "لم يكن على مستوى المتوقع" للمهنيين والجمهور على حد سواء، موضحة: "ما حدث بعد الثورة هو أن المشهد الإعلامي خضع شيئاً فشيئاً إلى سيطرة السياسيين ورجال الأعمال في محاولة لتكميم الأفواه لخدمة أجندات سياسية وتهميش الصحفيين".
وشددت الصحفية التونسية على ضرورة الحفاظ على حرية التعبير التي رأتها أحد أهم مكتسبات الثورة، مضيفة: "رغم كل الأخطاء، لا شيء يبرر العودة إلى تكميم الأفواه والديكتاتوريات، ولا يجب أن تستغل بعض الأطراف السياسية هذه الهشاشة لاستهداف الصحفيين بحجة أنهم يمكن أن يكونوا في خدمة أجندات أخرى، ويجب أن يكون الخطاب الإعلامي على مستوى تطلعات الجمهور".
وفرضت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري غرامات مالية وصلت في بعض الحالات إلى عشرة آلاف دينار (ما يعادل 3176 يورو) على جهات إعلامية اخترقت فترة الصمت خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية التي أجريت تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.
مشروعات قادمة
وتخطط زبيس إلى استكمال مسيرتها المهنية دفاعاً عن حقوق الأمن، إذ لفتت إلى أنها تعمل حاليّاً على تحقيق يتعلق بأمن الدول التي كانت أرضاً لمقاتلي ما يُعرف بـ "الدولة الإسلامية (داعش)".
وتسعى من وراء هذا التحقيق إلى حماية حقوق التونسيين الذين شاركوا في هذه التنظيمات ويرغبون في أن يتلقوا محاكمتهم في بلدانهم، وكذلك حقوق الأطفال الذين "وجدوا أنفسهم ضحايا منظومة كاملة وحمايتهم من أن يكونوا وقود الحرب والإرهاب في السنوات القادمة"، على حد تعبيرها.
كما كشفت الصحفية التي هي إحدى مؤسِسات الجمعية التونسية للصحافة الاستقصائية عن أنها تعمل حالياً على مشروع يستهدف تدريب صحفيين من 8 بلدان عربية مختلفة على هذا النوع من الصحافة، إضافة إلى إنتاج تحقيقات استقصائية في مجال الصحة على مدار سنة كاملة بالتعاون مع الوكالة الفرنسية للتعاون الإعلامي.
وتعمل زبيس، من خلال جمعيتها، على تدريب الصحفيين ودعم إمكانياتهم في مجال صحافة الاستقصاء. إذ أوضحت أنها تتعاون مع منظمات أخرى لتدريب صحفيين من تونس وليبيا، مضيفة: "ننوي التوسع حتى نشمل صحفيين من الجزائر والمغرب وموريتانيا، حتى ندعم إمكانيات الصحفيين في كامل منطقة المغرب العربي".
يُشار إلى أن الجائزة مُنِحت الجائزة للمرة الأولى عام 2015 للصحفي والحقوقي المغربي علي أنوزلا. وفي عام 2016 نالها راديو عراقي موجه للنازحين، بينما ظفر بها عام 2017 الصحفي التركي أحمد شيك، الذي اعتقل بتهمة الترويج لتنظيم إرهابي، فيما حصلت عليها في عام 2018 شبكة "إعلاميون من أجل صحافة عربية استقصائية" (أريج).
جهاد الشبيني